الحلقة الثامنة

3.7K 110 46
                                        

حديث من القلب

جلست نازلي على أريكة صغيرة بجانب النافذة في غرفة الضيوف في مزرعة جدّها، وقد انحنت بجسدها قليلًا إلى الأمام وهي تحتضن كوبًا دافئًا من الزعتر، تنظر من خلف الزجاج إلى الحديقة، حيث تتراقص أشعة الشمس على أوراق الأشجار. كان الصباح هادئًا، والنسيم عليلًا يحمل معه رائحة التربة الرطبة والورد البلدي.

رنّ هاتفها فجأة، قاطعًا لحظة شرودها. نظرت إلى الشاشة، لتجد اسم صديقتها "فرح" يلمع أمامها.

ابتسمت ابتسامة خفيفة، وضغطت على زر الردّ:

— "صباح الخير، فرح."

— "نازلي! أخيرًا… لقد اشتقت إليكِ كثيرًا، وكأنكِ اختفيتِ عن وجه الأرض."

ضحكت نازلي بخفّة، وقالت بصوتٍ حنون:

— "لم أختفِ، فقط نحن في المزرعة هذه الأيام… الجو هادئ ومريح هنا، بعيدًا عن زحمة الجامعة وضجيج المدينة."

— "آه، محظوظة! وأنا بالكاد أتنفّس من ضغط المحاضرات، خصوصًا علم التشريح… أشعر أنني سأحلم بالعظام والعضلات!"

ضحكت نازلي مجددًا وقالت:

— "وأنا كذلك! بالأمس قضيت الليل أراجع بعض المصطلحات الطبية، لكن فجأة، شعرت أن قلبي يتعب من التعب، فأغلقت الكتاب وذهبت للنوم."

سكتت فرح للحظة، ثم سألت بنبرة قلقة:

— "نازلي… هل أنتِ بخير؟ أعني… صحتك؟"

أجابت نازلي بصوت منخفض:

— "أنا أحاول أن أكون بخير… هناك بعض الأيام التي أشعر فيها أن قلبي يخونني، لكن علي… هو دائمًا هناك، يعتني بي أكثر مما أعتني أنا بنفسي."

صمتت فرح، ثم تنهدت وقالت:

— "هو يحبكِ، واضح في كل كلمة وكل تصرف… هل تعلمين؟ كنتُ ألاحظ نظراته لكِ منذ أيام الجامعة، حتى قبل أن تُعلن خطبتكما. كان يخشى عليكِ، كأنكِ قلبه النابض."

احمرّت وجنتا نازلي خجلًا،

ثم انهت الاتصال
نهضت نازلي من مكانها بعدما انتهت من المكالمة، واتجهت نحو الحديقة الخلفية للمزرعة. كانت السماء صافية، والشمس تُلقي خيوطها الذهبية فوق الأشجار المورقة. جلست على المقعد الخشبي القديم قرب وردتها المفضّلة، تلك التي زرعها علي لها قبل سنوات، والتي كانت كلّما أزهرت، أحسّت وكأن قلبها يبتسم.

لم تمضِ دقائق حتى شعرت بخطى تقترب منها. رفعت عينيها، وإذا بعلي يقترب وهو يحمل بيده فنجان قهوة. وقف أمامها لحظة، ثم جلس بجانبها دون أن ينبس بكلمة.

قالت بلطف، وهي تراقب طيف وجهه:

— "أما زلت تظن أنني لا أستطيع الجلوس وحدي في الحديقة؟"

ملاكي الحارس 12:01حيث تعيش القصص. اكتشف الآن