أول ما دق قلبي كنت ما زلت صغيرة بالعمر، لم أتجاوز بعد الرابعة عشر من عمري، لقد كان منزلنا بجوار الجامعة التي كنت يوميا أنتظره أمامها حتى أراه قادما من بعيد فأمتع نظري برؤيته، كنت أشعر حينها برضا كامل بمجرد النظر إليه ولو من بعيد، لم أتجرأ يوما واحدا على التحدث معه ولو على سبيل الصدفة، كنت أتعمد النزول باكرا للذهاب إلى المدرسة، وأول ما يعلن عن رحيلنا عنها أعود جري ولا أتنفس إلا أمامها حتى أتمكن من رؤيته قبل رحيله.
كبرنا ومرت الأيام بنا، تخرج من أحبه وشرع مبكرا في طريق نجاحه الذي رسمه بنفسه لنفسه، نعم أنا أتابع أخباره وبتفاصيلها والدقيقة منها أيضا، لقد حقق نجاحا باهرا في مجاله المعماري، وبنى صرحا عظيما من مؤسسات البناء؛ وبيوم من الأيام قرأت على أحد مواقع التواصل الاجتماعي أنه تمت خطبته في حفل ضخم بأحد الفنادق الشهيرة بمملكتنا، أول لحظة شعرت فيها بطعنة في قلبي، دائما ما كنت أشعر بالألم ولكني لا أتمكن من تحديد مكانه ولم أتمكن يوما من مداواته.
كان هو حلم عمري، التحقت بنفس الجامعة التي كان يرتادها لأحقق لنفسي الفرصة التي يتمناها قلبي، فرصة أتمكن بها من الاقتراب منه مجرد اقتراب ولا أبتغي أكثر منه؛ وبالفعل مازال حلمي يحرك كل وجداني حققت أعلى العلامات وأرفع الدرجات، وباليوم الذي تخرجت فيه من الجامعة قدمت على طلب وظيفة بشركاته وقبلت، عملت بكل جهدي وما زلت أرتقي وأحسن دائما من مستواي بالعمل حتى أهيأ لنفسي العمل بطاقم المستشارين القريبين منه، وأخيرا فعلتها وكنت أصغر مستشارة عرفها تاريخ الشركة وربما تاريخ شركات المعمار بأكملها.
حقيقة هو من صنع نجاحه بنفسه ولم يساعده أحد ولو حتى بكلمة واحدة، أما عني فقد كان ملهمي، فقد وصلت إلى كل ما وصلت إليه رغبة في البقاء بجانبه؛ كنت أتتبع أخباره في قديم الزمان عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وما تنشره من أخبار عن مشاهير المجتمع، وقد كان أشهر من نار على علم في مجاله.
كان شديد الانبهار بعملي وبكل ما أقدمه، متوقعا لي مستقبلا باهرا، لقد كان حاد الذكاء فطن لأبعد الحدود، كنت أدرك كل تفاصيل شخصيته ولم أعاتب عليه إلا في شيء واحد، لقد كان عتابا له بيني وبين نفسي بكل تأكيد، زوجته المستقبلية فعلى الرغم من كل ما يعانيه بسببها وبسبب محبته لها، لقد كانت صعبة المراس كليا أنانية بعض الشيء، لا يهمها سوى سعادتها وشكلها الاجتماعي، وأهم شيء بالنسبة لها كيف بكل لحظة تعجز صديقاتها وتشعرهن جميعا بالفارق الحقيقي بينها وبينهن، كانت حقا غريبة، أذكر ذات مرة كان لدينا اجتماع طارئ لأهم الصفقات التي عقدت في تاريخ مجموعتنا، وفجأة دق هاتفه لتعلن عن وصولها، وعندما استسمحها ألا تأتي في مثل ذلك وقت، وإن كان أمرا ضروريا عليها الانتظار خارجا لبعض الوقت، أتذكر جيدا ملامح الحزن والضيق التي ظهرت عليه بسبب انفعالها، عندما انتهى الاجتماع لم يؤخر ثانية إلا وذهب ورائها على الفور حتى يرضيها.
لم تقبله ولم تخرج لتقابله أيضا بالرغم من كل محاولات والدتها ووالدها، لقد سمعته وكلي آذان صاغية، عندما شعر بالحزن الفائض من قلبه عاد إلى المجموعة لكي يكمل عمله، كنت حين عودته أقدم بعض التقارير الهامة والتي تحتاج لنقاش، وجدته حينها في حالة يرثى لها، طلبت منه أن يحدثني بما في قلبه أملا في التخفيف عنه من شدة ضيقه، يا ليتني وقتها كانت لدي القدرة في حمل كل عبء عنه حتى يستريح….
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــع
أنت تقرأ
حبيبي الأول والأخير الجزء الأول
Romanceسأظل أحبك لأنك من ملكت القلب وأسرته، فقلبي بعدك لم يعد ملكي ولا يكترث لأمري. حبيبي ألم أقل لك يوما أنني أخاف من حبك أكثر من اللازم، فذلك ما حدث لي لأني غير كل المحبين وأختلف كليا عن كل العاشقين.