هل تحبُّ موتسارت؟ أنا أيضاً لا أحبه!

54 6 78
                                    

السَّادس والعشرون من يُونيو، الواحدة بعد منتصفِ الليل.
تحتَ ضوءِ القَمر الذي يُنيرُ أزِّقة هذه البلدة العَتيقة ... رجلٌ أشعثَ الشعرِ صارمَ الوجهِ قد صَعدَ درج عَمارته حاملاً صفقته التي لا معنى لها، وحين دخلَ شِقته الصغيرة ذاتَ الأرض الخشبية بجدرانها المتشققة رمى نفسَه على كرسيٍّ صرصَرَ فورَ جلوسِه ..لعلَّ الكرسي العتيق هذا كان يقدمُ التحيَّة له من بعد انقطاعِ الروح في هذا المكان الذي يأكله الغُبار!
لقد كانت صفقةً لا بأس بها على أيةِ حال مع ذلك التاجرُ العجوز. رغم ذلك، هو لا يَملك أدنى فكرة عن سبب شرائِه هذا الجرامافون الذي تصنَّمَ أمامه.
ربما لأنه لم يُفكر من قبل في شرائه، حسناً.. هذا عذرٍ لا معنى له..يفكر بأن يشتري قطعةً باليةً لا ربحَ فيها ولا ثمن؟!!
ماذا لو لأن المطلقين حديثاً يفعلون أشياء غريبة حقاً دون مبرر؟
أياً كان السبب، إنه الآن في تلكَ الشقة المتآكلة وحده دون سواه، يُدخن بشرودٍ هارباً من من واقعه المرير، وذلك الجرامافون جاثماً أمامه ينتظره أن يحركَه من اشتراه.
في الحقيقة .. هذا الرجل لعله كان يتخيَّل الأمر حين يحتل هذا الجرامافون العتيق مَحل زوجته المزعجة بالمنزل.. في النهاية سيكون كل شيءٍ هادئاً في هذه اللحظة!
لأنه قد مَلَّ من كثرةِ الصراخ والجدال والغضب بعد أن ارتكب غلطةً حين تزوج تلك المَرأة النحيلة ذات اللسان السًَليط!..

الطَّلاق
الخطوة الحاسمة التي أنهت كل شيء بعد هذا القرار.

هذا صحيح! مَرَّت الأمور بسلاسةٍ غير متوقعة بعد هذه الخطوة، بضعةُ أوراقٍ والكثير من الأثاث الذي نهمته زوجته في ذهابها الذي لا رجعةَ له أخيراً، وهاهو الان يجلس وحيداً في شقته العتيقة الخاوية، يتأملُ جرامافوناً عتيقاً قد اشتراه من تاجر الكماليات لسبب لا يعلمه أحدً حتى الآن.

قد أمالَ جسده تجاه هذا الجهاز العتيق بانتباه شديد، بعد أن لاحظ الاسطوانة التي كُتِب عليها بخطٍ إنجليزي كلاسيكي كلمة {موتسارت} ..تلك التي منحها إياه التاجر بلا مُقابل مُردَّداً: لقد كانت مع الجرامافون.. خُذها بدون مقابل!

بعد لحظةٍ قصيرة، أعادَ التفكير مجدداً بالاسم، حيث فكر في نفسه: إنني لا أحب موتسارت~ إنني لا أطيق ُ الموسيقى الكلاسيكية حتى.. فلَم يلبث حتى عَدلَ عن رأيه بعد أن ردد: ولمَ لا؟ لا أملك غيرها على أيةِ حال.
وهكذا وضع تلك الاسطوانة سريعاً في الجرامافون، ثم وضع الإبرةَ على الاسطوانة مُنتظراً تشغيل الموسيقى .. وقد انبعثَتْ بالفعل لتملأَ الفراغ من حوله، وعاد هو الآخر لشروده بهدوءٍ مُشعلاً سيجارةً أخرى جديدة، وعلى أنغام موتسارت اندلقَ فوق أجفانه كيسٌ من الذكريات المُتتالية.. بدأت الذكرى من اللحظة الأولى.. اللحظة التي رأى فيها زوجته لأولِّ مرة، حين كانت لطيفةً ورقيقةً لا يعلو صوتها عن الهمس، وحين كانا خَديها يتوردان خجلاً حين يقول لها { أحبكِ } ..
وبعد ذلك أيام الخطوبة، لهفتها عند اللقاء ولمعة عيناها في لحظةِالوادع، على وعدٍ بلقاءٍ آخر، وقد تذكر أيضاً كي-

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 16, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

مرحباً! أنا اسمي كاساندرا.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن