في صباح هادئ، والنسيم ينساب برقة بين ستائر البيت الكبير، كان الجد جالسًا في الحديقة، يتأمل فنجان القهوة بعمق. دخل علي بخطواتٍ ثابتة، وعيناه تحملان قرارًا طال انتظاره.
اقترب منه، قبّل رأسه، وجلس بجانبه.
قال بهدوء لكنه بثقة:
– "جدي… أعتقد حان الوقت."رفع الجد حاجبه، وابتسم وهو يقول:
– "وقت ماذا؟"
رد علي:
– "أريد أن نُعلن عن الزفاف."ساد صمت لوهلة، ثم وضع الجد فنجانه جانبًا وقال:
– "كنت بانتظاره قبلك."
ضحك علي وقال:
– "نازلي لا تعلم بعد… أريد أن يكون مفاجأة لها، ومفرحة لكل العائلة."---
وبعد ساعات، اجتمع الجميع في الحديقة، طاولات مزينة بأناقة، ورود بيضاء وزهرية، وأضواء صغيرة تتلألأ فوق رؤوسهم.
الكل ينتظر، دون أن يعرف السبب الحقيقي لهذا التجمع.خرج الجد، بصوته الواثق كعادته، وقال:
– "اليوم، وبعد كل ما مررنا به… قررنا أن نعلن عن فرحة ننتظرها منذ زمن. حفل زفاف حفيدتي نازلي، وحفيد قلبي علي، سيكون قريبًا جدًا، والليلة بداية العدّ التنازلي."همسات اندهاش، تصفيق، ووجوه متفاجئة…
أما نازلي، فوقفت في مكانها مذهولة، عيناها اتسعتا بدهشة، نظرت إلى علي الذي كان يقترب منها بثبات.
ابتسم لها، واقترب وقال بهدوء:
– "ممكن نبدأ صفحة جديدة… لكن هالمرة، تكون كلها حب وفرح؟"لم تستطع الرد، فقط ابتسمت، وامتلأت عيناها بالدموع.
ليان صرخت فجأة بصوت طفولي بريء:
– "راح ألبس فستان وردي!"
وضحك الجميع.أمسك علي بيد نازلي وهمس لها:
– "وعد… ما رح أتركك أبدًا."
أغمضت عينيها للحظة وقالت:
– "وعدتك… قبل حتى ما تقولها."وهكذا، لم يكن إعلان الزفاف مجرد حفلة، بل إعلان بداية حياة… انتُزعت من بين أنياب الألم، لتُولد من جديد على يد الحب الحقيقي.
