....

18 4 1
                                    

كيف ليّ بأن أكونَ ضالً في الزمن وأنا موجودٌ في الحاضر؟.

ذِكرياتٌ مَضَت، وعُقولٌ نَست.
فيّ وحدتي كُنتُ النور، أنا مَلِكُ هَذه المملكة، ومن الجدير بالذِكرّ أنني ملكٌ فاشِل، أحكمُ قَصري الباهِت وسُكانِه من الأرواح.
لا تتعجّل يا صاحبي، سأشرحُ كُل شيءٍ بتأني و وضوح، لطالما ما سَكنتني الأرواحُ، أرواحُ من أحببتهم إن صحَّ التعبير.
أسمعُ مَعزوفاتً عَذبة تَحتضنني وتعيدُ إليّ مشاعري، عِند تذكُّر تِلك المشاعر اللطيفة وبعد لحظاتٍ يَعقبها فراغ، ذَلك الفراغّ يستمرُ بحفرِ جوفِ قَلبي بشكلٍ مستمر وبلا رحمة.
لنكن صادقين لمرّة، كمّ مِن مرةٍ قَد صَدقنا أشياءً قَد علمنا أنها كِذبة؟
الكثير.
أومئَ برأسَه ونهضَ عَن أريكتِه وبدأ يُنير ظُلمةَ غُرفته، ثُم ذهبَ للمرآة وإرتكز عليها ناظرًا مِن خِلال مرآته، أثار سوء التغذية كانَت واضحة على بنيةِ جَسده النحيلة، وأما عينيه فكانَت تحكيّ قصصًا أخرى، ولو كانت قادرةً على الإشتكاء والبكاء لفعلت، ولكنهُ نَسى مَذاق البُكاء.

نَسى الراحةَ التي يُخلفها البُكاء، كُل ما راودَ عَقله أرواحٌ مُزعجة لأشخاصٍ إنقضى أجلهم لإي سببٍ كان، تغيرّ جان وأصبحَ شخصًا أخر، خصوصًا بعد أخر مرةٍ قَد خُذِل فيها، رُغم أنه صارَ معتادًا على الخذلان، ألا أنه لمّ يتوقع أن تخذلّهُ الحياة أيضًا.

أشاحَ جان بوجهه عَن المرآة، ومشى ببطءٍ نحو أوتارِ الألحان الطائفة في الأرجاء، حتى بَلغّ غُرفةً يُعلقُّ على بابها ورقةٍ برموزٍ لطيفة كالورود وكُتب عليها
" روز، سأكونُ أختك الكُبرى دومًا "

فتحَ جان الباب بدون إذن ليدخل لتلك الغُرفة، كانَت واسعةً حقًا ومزينة بإهتمامٍ كبير وبمنتصفها وضعَ بيانو أبيضَ اللون وطيفُ فتاةٍ مُشعّ قاتِم اللون بفستانٍ أبيض تعزفُ بهدوئ، رغم أن الغُرفة قَد بُنيت باهتمامًا كبير، ولكنها كانَت موحشة وباردة،  فاتجهَ جان نحو الانوار وحاول فتحها، ولكنها لم تعمل.

تنهدَ جان فتذكر واشمئز، وغادرَ الغُرفة، وذهبَ للغرفةِ المُقابلة، وقَد كانَ مُعلقٌ عليها ورقةٌ بنفسِ الطريقة، ولكن هذه المرّة الأسمُ كان مجوبًا بخرابيشٍ عشوائية.
" --- ، هَل ستعطيني فُرصةً لأعوض سوء الفهم؟ هههه خَدعتُك يا فاشل ".

وقفَ جان بحيرةٍ من آمرّه ومد يده بتردد ممسكًا مقبض الباب، ثم تركه واتجه للغرفةَ التالية، كانَ بابُ تِلك الغُرفة مُختلف اللون، وكان يحمل عدة صور لجان وصديقه، وهم يتنزهان ويلتقطان الصور، اثار السعادةَ كانت بادية على محياهما، وعُلق على ذلك الباب ورقة يُكتب عليها.
" لن نَدع أي فتاة تُفرق بيننا يا أخي، هَذا وعد ".

كَسَت القَشعريرةُ جَسد دان، واضطربَ وجهه وزمّ شفته، وفراغٌ أكبرّ يحفرُ بقلبه مع كُل خطوة.
نظرّ دان للأبواب المتبقية بأعينٍ حَزينه، وابتلع ريقه وحررّ دمعةً من بين عينيه بدونِ قصد، فأخذت تنساب على وجنته ببطء.

تنهد جان، واتجه لخارج الممر، ثُم ارتمى بجسده على الاريكة، وغطّ بالنوم.

🎉 لقد انتهيت من قراءة ضالٌ فِيّ صَدع الزمَن. 🎉
ضالٌ فِيّ صَدع الزمَن.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن