الجزء الثاني :
بعد ان تخلصت من تلك المخلوقات الغريبة والأشباح بدأ إحساس بالضجر والكآبة ينتابني وبدأ اليأس شيئاً فشيئاً يدب في عروقي ولم يبقى لي أمل بالنجاة مما انا فيه وجلست وحيداً ابكي سوء حالي وكيف ساقني القدر إلى هذا المكان الغريب والنائي وكان عزائي في ذلك الوقت هو استذكار الأصدقاء والصديقات الرائعين الذين كانوا يتواصلون معي على الفيسبوك فأحياناً أضحك حين أتذكر موقف مضحك وأخرى أحزن او حتى ابكي حين أتذكر ما يحزنني وبينما أنا في هذين الحالين أتقلب سمعت صوت من بعيد وكان يشبه عواء الكلب وركزت السمع وزاد قلقي وتساءلت مع نفسي هل هو صوت كلب ؟ ام انه صوت لحيوان يشبه صوت الكلب ؟ ، وكيف لكلب أن يصل إلى هذا المكان ؟ واجبت نفسي على الفور . مثلما وصلت انا ! فقد تكون الأقدار هي من اوصلت هذا المسكين الى هنا مثلما وصلت أنا من قبله .! فقررت ان أرفع صوتي بأعلى ما يمكنني عله يسمع ويهتدي لي وان كان وحش بصوت كلب فلكل حادث حديث !. وأخذ الصوت يقترب مني أكثر إلى ان ظهر بين الاحراش واذا به كلب جميل ونشيط وتظهر عليه دلائل القوة والتوحش اسميته (( سهيل )) وكنت اناديه بهذا الاسم الذي تعود عليه وكنت حين اناديه يلتفت لي دون ان يقترب فهو يخاف ان يقترب مني ودائماً ما كان يترك مسافة ما بيني وبينه للأمان فهو كان يخاف مني وبنفس الوقت كان يشعر بالأمان وهو قريب مني وتأكد لي ذلك فحينما كان يقترب منا حيوان كان سهيل يهاجمه وفي نفس الوقت كان بين الحين والآخر ينظر الي وكأنه كان يستمد القوة والعزم مني وانا كنت أدعمه حين كنت أرمي من يهاجمنا بالحجارة أو أي شيء تطاله يدي وما إن يبتعد الخطر حتى يعود مرة أخرى ليبتعد عني ويترك مسافة الأمان ما بيني وبينه... وذات ليلة وبينما كنت نائم سمعت أصوات عالية ونهضت مذعور وخائف وإذا بي داخل معركة حيث هاجمني حيوان مفترس حين كنت نائم وتصدى له سهيل بقوة وشجاعة وكنت أنا أصرخ بصوت عالي لأشد من عزيمة سهيل من جهة ولاخيف الوحش المهاجم من جهة أخرى وبعد صراع ونزاع هرب الوحش وشكرت سهيل لإنقاذه حياتي من ذلك الوحش واقربت شيئاً فشيئاً منه والغريب هذه المرة هو ان سهيل لم يبتعد عني وبقي ثابت في مكانه حتى وصلت إليه فاصابتني الصدمة حين وجدت الجروح تغطي جسده وتنزف من كل مكان وهو متعب ولا يمكنه الحركه وبدأت امسح جراحه بلطف وأنا أتوسله أن لا يموت ويتركني وحيداً في هذه الغاية اللعينه وبقيت اواسيه والقي عليه نظرة الوداع وكان الألم يعصر قلبي كيف لي أن أودع هذا الصديق المخلص والوفي. وفي هذه الأثناء سقط سهيل على الأرض وكان ينظر إلي وكأنه يتوسلني كي لا أتركه.... واظنه كان يقرأ مشاعري حيث اني أخذت عهد على نفسي بان لا أتركه حتى يموت .... ونام دون اي حركة وقل تنفسه وكاد ان يتوقف وبقيت ساهر طول الليل وهو نائم ﻻنه لا يمكن لنا ان ننام نحن الاثنين ففي الليالي السابقة كنت كنت انام مطمئن لأن سهيل هو الحارس الأمين أما اليوم فهو يحتظر وفي أنفاسه الأخيرة وبقيت ساهر إلى أن بانت خيوط الفجر وذهب الخطر ذهبت للنوم لوقت قصير واستيقضت وكانت الشمس قد ارتفعت في الأفق وأول عمل قمت به هو الذهاب الى سهيل فوجدته بلا حركة وقد أغمض عينيه فحزنت كثيراً ومددت يدي عليه لاواسيه واودعه فإذا به يفتح عينيه ففرحت كثيراً واطمان قلبي وذهبت الى النهر مثل كل صباح وجلبت له ماء بقشر ثمرة من الغابة على شكل إناء فجلس من نومه لكنه لا يتمكن من النهوض على رجليه وشرب قليلاً من الماء مما شجعني أن أذهب الى وسط الغابة عسى ان اصطاد لي ولسهيل ما يمكن أصطياده وبعد حين رجعت وكان معي فاكهة لي وديك بري كان قد علق بين أغصان شجرة فقطعت الديك إلى قطع صغيرة وقدمته إلى سهيل قطعة تلو قطعة وكان بالكاد يأكل وإلى ما بعد الظهر نهض سهيل واقفاً على رجليه لكنه عجز عن المشي والحركة وقضيت الليلة الثانية لم اهنأ بالنوم حيث كان نومي قلق أنام وأصحو الى ان انكشف الصباح وأول عمل اقوم به هو ان اطمئن على سهيل فذهبت الى حيث ينام فلم أجده فانتابني حزن شديد وقمت بالبحث عنه في كل مكان لكن لا جدوى ودون إرادة مني صرخت بصوت عالي سهيل سهيل تعال اين انت وبعد لحظات ظهر سهيل من بين الاحراش وتوجه لي وأنحنى قربي فغمرتني السعادة حين شاهدت سهيل وهو يمشي ويتحرك ومرت الأيام والليالي وانا وسهيل نلهو ونلعب وبدأت أضحك من بعض المواقف التي تصادفني مع سهيل فهي بالتأكيد أرحم لي من تلك الأيام التي كنت اقضيها وحيداً في الغابة قبل ان يأتي سهيل الذي زادني املأ وسد فراغاً كبيراً كان في حياتي ..
يتبع الجزء الثالث
بقلمي القاص والشاعر ع ع