ليلة مقمرة

4 1 1
                                    

الإنسان دائما يبحث عن ماهو بعيد المنال عنه ،ما لاتصله أيدينا ولكننا نراه ونرى جماله وتألقه .
لطالما كان النظر إلى النجوم هو أنيس الإنسان في وحشة وظلمة ليله . منجاة له من أن يجتث الملل اطرافه .وتذهب الظلمة بعقله .
النظر إلى النجوم يعني الأمل حيث نحن لانصلها ولكن نحلم بالوصول إليها رغم بعدها ؛كذلك الأمل ،بعيد ولكن جميل نرغب فيه ونريده بشدة أولئك الذين لايعرفونه يرون الكون ظلاما دامسا يغلف أعينهم وقلوبهم.
في تلك الليلة المقمرة فقدت لوسي الأمل وزحف ظلام اليأس نحو قلبها حتى يغلفه، همس خافت يقول لها : الحياة لم تعد لك والموت يناديك بأوسع أبوابك ؛ لوسي فتاة في ربيعها السادس عشر لم يتزن عقلها ولا تزال طفلة تطيع ذلك الصوت وهي لاتدري ماالذي تفعله ؛ كبلتها سلاسل اليأس حتى رغبت في أن تنهي حياتها . لقد صارت باردة كالثلج تنتظر أشعة الشمس حتى تزيل عنها ذلك الغشاء الذي يغطيها .
   عامر فتى في ربيعه الثامن عشر ، يعشق الفلك والنجوم ،حياته بسيطة ولكنه لم يتخل عن احلامه وطموحاته .
في ليلة بزغ القمر فيها خلف كتل من الغيوم البيضاء ،لوحة تقشعر لها الأبدان ، صوت خطوات مسرعة تخطو على أرض جسر لندن ؛ ...اصطدام !! ، يسقط تامر أرضا ويمسك رأسه من الألم ، يرفع رأسه ليلى أمامه فتاة تحمل مظلة لونها أزرق غامق ، تنظر نحوه وترتسم على وجهها ضحكة كلها بهجة ، ينظر نحوها فيحمر وجهه ، يقوم ويساعدها على النهوض ويعتذر منها ؛ فتقول له : لم تكن تقصد لذا سامحتك ...جملة واحدة وتذهب قبل أن تسمع رده وهو متجمد في مكانه ؛ فيسرع وهو يقول في نفسه : ( لقد تأخرت كثيرا !!.).
بعد مرور ثمانية وأربعين ساعة يمر عامر من أمام الجسر فيرى نفس المظلة من ذلك اليوم ملقاة على الأرض ؛ شريط أزرق على حافة المظلة يجعله متأكدا من أنها نفس الفتاة ؛فيحمل المظلة ويذهب للمكان الذي لاقاها فيه اول مرة ، يبحث عنها فلا يجدها ..فينظر إلى القمر ويقول في نفسه : كم هذا القمر جميل الليلة!!.
فس تلك اللحظة ينظر نحو الجسر ...يبدأ قلبه يدق دقات غير منتظمة ؛ يرمي المظلة من يده ويجري ..ذلك المشهد الذي رآه لقد كان منظرا كفيلا بجعل الإنسان يتجمد في مكانه ....
كل من على الجسر كان مذهولا . عم الصمت المكان من هول ذلك المنظر .لقد صار الزمن يمشي ببطء .
عامر  يلهث وهو يقول في نفسه : ( لقد وصلت في الوقت المناسب !! ؛ ممسكا بالجسر بيده اليسرى وباليمنى ممسكا يدا باردة الملمس ، إنها تلك الفتاة التي قابلها قبل يومين . ينظر إلى وجهها ؛ أين تلك الإبتسامة والحيوية؟! ، أين ذهبت ابتسامة الطفل البرئ التي ارتسمت على وجهها في ذلك اليوم ؟!، لقد صار وجهها باردا حتى يبدو كأن الإبتسامة سرقت منها .
تقول بصوت خافت : دعني !!
يرد عليها قائلا : ماذا تقولين !!
تنظر إليه بوجه كله يأس وتقول دعني وامض في طريقك ؛ يرد عليها : إذا تركتك الآن لن استطيع أن اسامح نفسي ، أعلم من وجهك أنك قد.مررت بمشكلة ولكن هذا لا يعني أن تنهي حياتك إبدئ من جديد مهما كانت المشكلة يمكنك حلها ، وإن لم تستطيعي استطيع مساعدتك . فقط ثقي بي ولا تدعي اليأس يذهب بك بعيدا ، وإذا لم أنجح بمساعدتك فلن أتدخل في ما ستفعلينه فقط اعطني أسبوع مهما كانت مشكلتك .
تنظر نحو وجهه وتقول بصوت خافت : ساعدني. بوجه حزين !!.
فيقول لها :سأفعل ؛ ويرفعها بسرعة ؛ تقف على الجانب لوسي وتمسك يدها ، وعامر يجلس على الأرض يرتجف ويقول في نفسه : ( ماالذي كنت أفكر فيه ، لقد.كنت سأموت !!.) . يقف ، يحمل المظلة ويعطيها للوسي ، فتحملها وتشكره وهي تقول في نفسها : ( لم غيرت رأيي ؟! لم استمعت لفتى غريب ؟! في الواقع لم أنا حاولت أن انهي حياتي ؛ فتتذكر السبب فتبدأ الدموع بالنزول من عينيها ) .
تمر من بين الحضور امرأة تبدو في الثلاثين من عمرها وتتجه نحو لوسي فتصفعها في وجهها وتمسكها من يدها وتجرها وتمشيان نحو سيارة تبدو من منظرها انها فخمة ويركبون السيارة ؛ فتقول للسائق : تحرك بنا فورا من هذا المكان ، ولا أريد أن أراك هنا ثانية .فتومئ لوسي بوجهها ويبدو عليها من ملامحها الخوف والحزن ؛ فتتحرك السيارة .
عامر يقف في مكانه ويقول في نفسه : ( ماكان هذا ؟! ، هل انتهى كل شئ ؟!  ويذهب إلى عمله وهو يفكر في تلك الفتاة ويقول لنفسه _ صحيح لم اسألها عن اسمها ؟! ) .

 

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 08, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أزرق كضوء القمر المكتملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن