"غدير"

27 1 1
                                    


          ***بسم الله الرحمن الرحيم***

غدير ..الإبنة الوحيدة للشيخ صلاح وهو يعمل فراشاً في مسجد المدينة، مدينة الليل،سميت بهذا الأسم لأنها مشهورة بفتيات الليل والراقصات المتسكعات بها، ولكن الشيخ صلاح رجل معتدل والجميع في المدينة يشهد له بذلك والجميع يحترمه فهو لا يعرف شيئاً في هذه المدينة سوى المسجد والبيت !

أولاده لم يتبقى منهم الآن سوى غدير، فقد ماتت زوجته واثنين من أولاده عندما نشب حريق في البيت، كان ذلك منذ عامين ولم ينجو أحد من حادثة حريق البيت، فقد كان الشيخ صلاح وقتها في المسجد وغدير كانت ذاهبة إلى عملها…

تعمل غدير عند السيدة سميحة وهي سيدة مسنة تعيش وحيدة في قصرها،  تخدمها وتلبي إحتياجاتها وتعد لها الطعام الذي يكفيها طوال الليل وتعود عند الغروب لبيتها .

وفي أحد الأيام تأخرت غدير في العودة للبيت وكان الشيخ صلاح قلقاً عليها، فمعروف عن مدينتهم هذه بالمدينة سيئة السمعة، أي بعد غروب الشمس يتوافد إليها الراقصات وفتيات الليل والشباب أيضاً من المدن المجاورة بمجرد غروب الشمس من أجل إشباع رغباتهم والتسكع بالمدينة ومشاهدة الراقصات، كانت مدينة الليل تحظى بسمعة سيئة جداً، وأي فتاة من سكان تلك المدينة شاهدها أحد السكان تسير وحيدة بعد غروب الشمس يبدأ بترديد الشائعات وتصنيفها ضمن فتيات الليل، ولذلك كان الشيخ صلاح قلقاً جداً على غدير وبمجرد دخولها البيت وبخها الشيخ صلاح وقال لها بعصبية: ألم أنهاك من التأخر من قبل يا غدير؟

فقالت له: آسفة جداً يا أبي ولكن السيدة سميحة طلبت مني اليوم تنظيف غرفتين بالقصر، سيزورها غداً أولادها وسيقيمون معها عشرة أيام..

السيدة سميحة صاحبة القصر من أسرة غنية كانوا في السابق يمتلكون أغلب أراضي المدينة وبعد وفاة زوجها رفض أولادها العيش في هذه المدينة سيئة السمعة وطلبوا منها أن تقيم معهم في أحد المدن التي يسكنها الطبقة الغنية وأصحاب الأموال، ولكنها رفضت وقالت، هنا عشت أجمل أيام حياتي مع أبيكم ولي ذكريات جميلة في هذا القصر وأريد أن أنهي حياتي هنا أيضاً.

قال الشيخ صلاح لغدير: يا ابنتي أنا أخشى عليك مقالة الناس في هذه المدينة السيئة.

تنهدت غدير وقالت: أعلم يا أبتي كل ذلك ولولا حاجتنا للمال ما كنت لأخرج وأعمل فكما تعلم يا ابتي أن راتبك وحده لا يكفينا.

ران على الشيخ صلاح صمت خفيف فقطع صمته قائلًا: يوم وفاة أمك وأخوتك ظننت أني انتهيت وليس بمقدوري العيش بعدهم ولكن الله عوضني بك، أدامك الله لي سنداً يا إبنتي..

تذكرت غدير حادثة حريق البيت فجهشت بالبكاء وقالت بصوت باكية: رحم الله أمي وإخوتي، كنت معهم أحادثهم وأضحك معهم وخرجت من البيت ذاهبة للسيدة سميحة وقبل وصولي للقصر سمعت صوت الصراخ يدوي في المدينة والناس تهرول من حولي وتقول نشب حريق عند بيت الشيخ صلاح، فعدت للبيت أجري ظننت أن الحريق بأحد البيوت المجاورة، وعندما وصلت البيت وجدت أمي وإخوتي يحترقون، لم أستطع أن أفعل شيئاً لأنقذهم، فبمجرد السيطرة على الحريق كانوا قد تفحموا..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Aug 07, 2022 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

مدينة الليلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن