عندما فتح يحيى عينيه للمرة الأولى، كان ما رآه مختلفا بالكلية عما توقع، بل لقد كان مختلفا كذلك عما عاش حياته ليعتقد.
تداخل الأبيض والأسود في سنيّ عمره بتركيزات عدة، حد أن تماهى ما بينهما من فروق.
اليوم تغيب التفصيلات الدقيقة، أم تراها تزداد وضوحًا؟ ليرى الكون أبيض مثلما خلقه الله قديما.
هذا ما مميزته عيناه للوهلة الأولى، غير أنه سرعان ما أدرك أنه لا يبصر أصلا.
على مرمى البصر، يمتد الأبيض، يغلف الكون، يطغى عليه هو ذاته، في حين كان إدراكه قد بدأ بالتشكل.
تتابع الحياة عبثها.
بدأ في إدراك قواعدها -أو غياب قواعدها- فك طلاسمها، غير أنها تواصل بلا هوادة.
عند ميلاده الأول، تفتحت عيناه على أبيض المشفى، لا يذكر هذا الآن بدقة، غير أن –حتما- هذا ما حدث.
تراه ينتظر الآن أن تنغلقا على أبيض الكفن؟!
بين الأبيضين، تمتد رقعة شطرنج سرمدية، بمربعات شتى تتماهى فيها درجات الرمادي.
من قبل، بكى بروح طفل لم يدرك بعد، غير أنه أحس.
أم تراه امتلك غاية الإدراك حد البكاء؟
تحكم الحياة قبضتها، ومن ثم تتصل بالحكمة، لو قدر للبشر فدونوا اكتشافاتهم حال اشتداد القبضة لسجلوا سفرا.
تتدافع الأفكار في عقله، يغوص في أبيضه ولا يبتغي عودة.
YOU ARE READING
سفر التيه
Romanceيُحكَى عن ثلاثةِ نفرٍ، كانوا على سفرٍ، أدركهم الليلُّ والعاصفةُ، فآووا إلى جبلٍ، غارٍ في جبلٍ بالتحديد، يبغون الدفءَ ويطلبون الأمنَ. عمدتْ العاصفةُ ليلاً إلى صخرةٍ فأغلقتْ بابَهم. غشيَهم الخوفُ، فاجتمعوا، فاقترح أحدُهم أن يذكُر كلٌّ منهم عملاً خالصً...