الحلقة 12

637 41 40
                                        

في تلك الليلة...
كان السكون يلف أرجاء البيت، إلا من خطوات أشهم الثقيلة وهو يصعد باتجاه غرفة ربى.

فتح الباب بهدوء دون أن يطرقه،
كانت ربى مستلقية على السرير، ظهرها له، لكن يقظتها فاضحة،
أنفاسها متوترة... ودمعة لم تجف بعد على خدها.

اقترب بخطوات هادئة، ثم جلس على طرف السرير وقال بنبرة منخفضة لكنها واضحة:

- "أنا لا أدخل غرف أحد، لكنكِ زوجتي... ومضطر أتكلم الآن."

لم ترد، ظلت على حالها، لكنه أكمل:

- "ما حصل اليوم... تصرفك قدام الخادمة؟ غلط.
ما أقبل أحد يكلمني بهالطريقة، خاصة مو قدام الناس.
أنا قائد هذا البيت... واحترامي مو محل نقاش."

استدارت إليه ببطء، نظرت إليه بعينين متعبتين وقالت:

- "وأنا لست مجرد قطعة أثاث في بيتك... لست معتادة على هذه القوانين يا أشهم،
ولا على أسلوبك الجاف. أنا إنسانة، مو أحد جنودك."

صمت قليلًا، ثم قال بهدوء أكبر:

- "أنا ما طلبت منك الطاعة العمياء.
لكن إذا ما كان في نظام... بيتنا يصير فوضى.
أنا صار لي سنين أعيش بصرامة... ولو تركت الأمور، ما أقدر أحميك، ولا أحمي نفسي."

اقترب قليلًا، وصوته خف:

- "أنا عارف إنك متألمة... مرّيتِ بالكثير.
بس... هذا البيت مو سجن، إلا إذا قررتِ تشوفينه بهالشكل.
أنا ما أقدر أغير نفسي بيوم وليلة،
لكن لو ساعدتيني... يمكن أتغير شوي."

قالت بصوت مخنوق:

- "أنا فقط أحتاج مساحة أتنفس... أحتاج أشعر أني موجودة، مو فقط زوجة لأشهم."

ابتسم ابتسامة باهتة وقال:

- "إذن لنبدأ باتفاق بسيط... تحترميني قدام الناس،
وأنا أبدأ أتعلم كيف أسمعك من غير ما أفرض عليك أوامري."

سكتت للحظة... ثم أومأت برأسها بخفة.

وقف، وقبل أن يخرج من الغرفة، قال بهدوء:

- "تصبحين على خير، ربى."

ولأول مرة، ردّت عليه همسًا:

- "وأنت بخير."

أغلق الباب خلفه برفق...
وتركها هناك، تغوص في أفكارها،
في قلبها ارتباك جديد:
هل بدأت الجدران التي بنوها بينهما تتشقق... أم أنها مجرد هدنة؟

نزلت ربى من غرفتها بعد أن تأكدت أن أشهم قد غادر المنزل.
كان البيت هادئًا على غير عادته، فاستنشقت بعض الحرية، تلك التي اشتاقت إليها.
سارت نحو المطبخ حيث كانت الخادمتان منشغلتين في تنظيف الطاولة وتجهيز بعض الأمور.

ابتسمت إحداهن فور رؤيتها:
- "صباح الخير آنسة ربى."

ردّت بهدوء:
- "صباح النور... هل يمكنني الجلوس معكم قليلًا؟"

وراء الضوء الرمادي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن