أمسكت ليلى دواء السُكر بيدان مُرتعشتان وهي تنظر لنديم الكهل الذي غطى الشيب شعره الطويل وهي تقول:
- هذه آخر يوم سأقضيه معك٬ أيها المُتصابي الخائن
أقترب منها نديم بخطوات عرجاء وهو يقول لها:
- عزيزتي٬ أنت تتوهمين٬ أنا لم أخونك حتى في خيالي!
قالت ليلى بغضب وصوت مُرتفع لا يُناسب سنها:
- كُف عن الثرثرة وترديد كلمات الكُتاب الحمقى٬ فقد رأيتك بأم عيني وأنت تنظر إلى سلمى من النافذه
ابتسم نديم وجلس على الأريكة وهو ينظر إلى ليلى التي تغزوها مشاعر الغيرة٬ حاول أن يضع ساقًا على الأخرى٬ ولكن الألم وعدم استطاعته رفع ركبته جعله يعرف أنها فكرة ليست جيدة٬ ولكن رغم هذا كانت مشاعر الثقة تغطيه فهو حتى الآن رجل مرغوب من زوجته٬ فقال وهو يبتسم:
- على ما يبدو أنني (شوجر دادي) وأدغدغ مشاعر النساء إلى الآن
= تنيل يا نديم٬ اخبرني هل تناولت دواء تصلب الشرايين؟ هل تناولت الفيتامينات لهشاشة العظام؟ تناول أدويتك أولًا أيها الخرف وبعدها تلصص على فتاة مراهقة من النافذه
قالت جملتها ثم أردفت:
- لن أخرج من غرفتي إلا بعد أن تُطلقني إيها الكهل المتصابي الأحمق.
دخلت غرفتها في اللحظة التي عادت فيها (دينا) من عملها لتتسائل:
- ماذا يحدث يا أبي؟ لماذا تتحدثان بصوت مرتفع هكذا؟
ضحك نديم وقالك
- أمك العجوز الحمقاء٬ تغار على والدك الجذاب
وضحك حتى أهتز جسده وقال:
- بعد حُب أكثر من ٤٠ سنة٬ لازالت تُشكك في حُبي لها
ابتسمت (دينا) وجليست وهي تقول:
- صحيح٬ كيف تعرفتوا على بعضكم؟
ابتسم نديم ونظر إلى السقف وتنهد وقال:
- قصة طويلة٬ ولكنها جذابة أكتر من كل القصص الحُب الأسطورية الحمقاء
= احكي لي يا أبي
- حسنًا ..
قالها ثم بدأ يسرد
" في مراهقتي٬ كُنت طائشًا٬ اعرف الكثير من الفتيات وأخرج معهم٬ ولكن لم تحصل على قلبي سوى فتاة واحده٬ تلك الفتاة كُنت أذهب كل يوم أمام مدرستها٬ انتظر خروجها٬ ولكنني لم اتجرأ ولو مرة واحده في أن أبوح بإعجابي لها٬ وذات يوم٬ قررت أنني سأخبرها٬ وليحدث ما يحدث٬ ظللت أنتظرها٬ حتي خرجت أقتربت منها وفي يدي وردة٬ قلت لها٬ أنا معجب بكي منذ فترة طويلة٬ فما رأيك أن نُصبح أصدقاء٬ نظرت لي البنت باستهزاء وقالت (لا) وبعد ثواني خرجت فتاة أخري فقلت لها: أنا معجب بكي منذ فترة طويلة٬ فما رأيك أن نُصبح أصدقاء فابتسمت وقالت: حسنًا موافقة"
ابتسم نديم ورجع بضهره إلى الوراء وقال:
- هذه هي والدتك
تنهد وأكمل:
- يا لها من قصة عظيمة
نظرت له دينا باستغراب وقالت:
- هذه هي القصة الأسطورية؟!
هز نديم رأسه موافقا
وفي هذه اللظة خرجت ليلى من غرفتها وفي يدها حقيبة وهي تقول:
- سأذهب إلى أبي إلى أن تأتيني ورقة طلاقي منك
أتعست عين دينا ونديم
دينا شعرت بأن الأمر جاد جدًا وأن والداها قد ينفصلان فعلًا
ونديم ينظر بزعر غير مُصدق ما يحدث٬ ونظر إلى دينا وقال:
- هل جدك لازال حيًا!٬ أنه من دفعة هتلر!
يُتبع ..

أنت تقرأ
رواية بعد الستين - أحمد سمير حسن
Romanceتدور أحداث الرواية عن بعض المشكلات الطريفه التي يتعرض لها زوجان بعد الستين من عمرهم