يدا كانغسو كانتا ملطختين بالدماء.
ضغطه المتواصل على الجرح على جانب ذراعه لم يكن مجدياً لإيقاف النزيف ولا لتخفيف الألم. بدأت طاقته بالتلاشي و الألم الذي احتل كل إنشٍ من جسده بدأ ينتقل لرأسه جاعلا الرؤية أمامه ضبابية. في وقتٍ ما، اعتقد كانغسو بأن الحياة ستصبح أسهل عندما يتعود على ظروف عيشه الجديدة خارج منزل والديه و لكنه مخطئ لأن ذلك لم يتحقق رغم مرور سنتين.
الأمور انتقلت من سيئ لأسوأ في وقت قياسي و كل يوم يعتبر معركة في سبيل النجاة. لم يفعل كانغسو شيئا ليستحق كل هذا العذاب. ربما ذنبه الوحيد هو كونه مختلفاً.
اتخذ كانغسو منعطفا آخر و تفاجأ بالطريق المسدودة. هو سيموت الليلة بلا محالة، هنا في هذا الزقاق الذي يخلو من أي شخص كي يسمعه و ينقذه.
أنفاسه ثقلت أكثر مع تفقده للمكان بعينيه. لا يمكنه تسلق الجدار القابع أمامه مع ألم كهذا، و لا يمكنه الفرار لأن المباني الشاهقة تحيط به من كل صوب. المكان مظلم و هادئ و يبث الرعب في نفسه مع كل ثانيةٍ تمضي. استدار كانغسو ببطء، يراقب الرجال الذين يتوالون على المكان و يستهدفونه هو و لا أحد سواه.
"ماذا تريدون؟ المال؟ أنا مفلس بالكامل، لا أحمل فلساً واحداً" بصوته المرتعش صرخ فليس لديه وسيلة للدفاع عن نفسه سوى هذا الصوت. باستماتة كان يمسك جرحه و يرغم رجليه على الصمود واقفتين، يخبر نفسه أنه لن يتألم و لن يموت، و أنهم سيشفقون عليه و يغربون الى مكان آخر دون الاقتراب منه و لكنه ضمنياً يعلم أنه يكذب على نفسه.
"هل تعلم ماذا يحدث للأشخاص أمثالك؟" أحد الرجال تساءل بنبرة بريئة مصطنعة كأنه يحادث طفلا صغيرا و لهذا عليه أن يشرح له برفق. إحدى يديه كانت تجرّ أنبوبا حديديا على الأرض، تلك وسيلته على الأرجح لتحطيم عظام كانغسو الليلة.
"أمثالك يستحقون أن يُجلدوا كي يتوقفوا عن تسميم ما حولهم، أيّها المثليّ الخسيس".
أنفاس كانغسو تقطعت مع توجيه الرجل ضربة قوية لصدره. هو واثق من أن شيئا قد كُسر في الداخل و إن لم ينكسر بعد فمازال هناك الكثير ليكسره هؤلاء الغرباء فيه.
لم يملك كانغسو فكرة حول هوياتهم و لكن منذ فترة تمت ملاحقته من طرف مجموعة من أشقّاء الفتى الذي كان معجبا به في أيام الثانوية فبعد فضيحته، لم يمر يوم في حياته دون أن ينظر له أي أحد كأنه أقذر شخص مشى على هذا الكوكب. اعتقد أن الفضيحة ماتت مع اختفائه و لكن ها هم قد وجدوه رغم ذلك، لا مهرب من قدره المشؤوم.
علي الأقل لن يقلق بعد الآن. سيتألم قليلا ثم سيرتاح للأبد.
بقي كانغسو ساكناً. واقفٌ في مكانه منكمشاً على نفسه بانتظار الضربة التي ستودي به جثة هامدة و لكنها لم تأتِ. بدلاً عن ذلك، قطراتٌ من الدم تناثرت أمامه و ذلك لم يكن دمه.
رفع كانغسو رأسه و رأى الرجل الذي هاجمه يصارع للتنفس بجود سكين مغروز في جانب عنقه. رفيقا الرجل تم إمساكهما من طرف شخصين آخرين و لم يفهم كانغسو أي شيء مما كان يحدث. أليس من المفترض أنه ميت الآن؟
عيناه ارتعشتا و بنظره المشوّش تمكن من تحليل المكان و فهم أنه لن يتم ضربه الآن ببساطةٍ لأن من يريد قتله مات أولاً.
"مـ.. ماذا؟" بهمسٍ تساءل، هل هؤلاء عصابة أخرى؟ هل يتهافتون عليه الآن؟ ربما يريد هؤلاء انتشال أعضائه و بيعها، من يعلم؟ كانغسو يتوقع أن يحدث له أي شيء. لم يتوقف عن احتضان نفسه باستجداء بعض الأمان. خطّ دماء رفيع يسيل من فمه إثر الضربة السابقة و لكنه لا يهتم، كل ما يريد معرفته هو ما إن كان سيعيش أم لا؟
جسد الرجل الذي قام بضربه هوى أمامه و أخذ يرتعش. هو يموت بلا شك.
كانت أقل من خمس ثوانٍ و باقي رفاق الرجل، الذي كانغسو صار واثقا من أنه مات الآن، وقعوا أرضاً كذلك. صمت مميت خيّم على الزقاق و ربما حان وقته هو.
تم إمساك كانغسو من ياقته البالية و كل عظمة في جسده المهترئ صرخت ألماً.
لم يقابله وجه مرعب. حسناً هو وجه مخيف بفضل نظرته الحادة و لكن، نظرته ليست مماثلة لكل شخص يرمق كانغسو كأنه وليمة أو هدف ما.
"هل.. ستقتلني؟ انا آسف" تمتم و عيناه أُغلقتا بشدة. يده تمسك جرحه العميق و الأخرى تحاول إزاحة يد الرجل لكيلا تتمزق ملابسه، هو لا يملك سواها.
"لمَ سأقتلك؟" جاءه سؤال المجهول ساخراً "هل فعلتَ شيئا كي تستحق القتل؟"
"كلا! كلا، لم أفعل، أنا صادق!" وجد نفسه يهتف و يحرك رأسه يميناً و يساراً، يبرر للشخص الذي بالكاد يرى ملامحه بسبب الظلام و الدوار في رأسه
"إذن لا داعي للقلق. سأفعل ذلك حينما تعطيني سببا وجيها. حسنا؟" أفلته الشخص، أم ربما في هذه الحالة منقذه فهو أنقذ حياته، صحيح؟
وقع أرضاً لأن قدميه المرتجفتين تعبتا من الركض. جلس و تنفس بعمق، هو بأمان الآن على ما يبدو. أومأ موافقاً، يغلق عينيه بعيداً عن الجثة الهامدة أمامه.
في لحظة، كانغسو كان محاطاً بعدد من الأشخاص و في لحظة أخرى، وجد نفسه لوحده، ما عدا الجثث بالطبع. هل ذهب ذلك المجهول دون أن يشكره؟
عقله كان يخبره بأن يتوقف و لكن قدماه وقفتا بالرغم من الألم المميت و حاول اللحاق بالرجل. لا بد أن كانغسو فقد عقله تماما.
"أنت.. انتظر" صوته كان ضعيفاً و لكنه حاول النداء. لحسن لحظ، لم يكن الرجل قد ابتعد و لكن كانغسو يشعر أنه يموت من التعب لأنه هرول لثوانٍ لا أكثر.
خطوة وراء الأخرى، شعر كانغسو بأنه يسير على النار و عندما شارف على الوصول إليه، رؤيته صارت داكنة و فقد الإحساس بكل شيء حوله.
YOU ARE READING
Guns & Kisses || BxB
Romance-"هل سبق و أخبرتك أنني لا أثق بك؟" تساءل سونغمين رافعاً السكين في الهواء، على بعد بضع إنشات من وجه الآخر. "سأراقبك. من المعروف أن لا شيء يحدث في هذا القصر دون علمي لذا أيا كانت خطتك و لأي هدف، سأعلم بالأمر" -"لا أملك أي خطة، لمَ لا تقتنع بهذا؟" -"ال...