0

4 0 0
                                    

{0}

" مع قطيرات الندى التي تتزحلق على متنِ الوريقات , و تتخفى اسفلها احيانا في كلِ صباحِِ باكر بارد , مع كلِِ شروقِِ باهت او مُشع .. و كُلِ دفئِِ منعدمِ الوجود او حاضِرُه , في كلِ الفصولِ المتوالية .. و كلِ ليلةِِ مُقمرةً كانت او مُظلمة , و مع كلِ تنهيدةٍ تُطلق من اعمقِ نقطةِِ في الصدر لتغمره , و كلِ شرودٍ عشوائي كان او مخططاً له .. حين الخلوةِ بالنفس و شرودها او حدوث ذلك حين الكينونةِ وسط الحشود او الجماعة ...
تستمرُ في التساؤلِ يوما بعد يوم , عن المعنى لهذه الحياة , و عن إذا ما كان موجودا أساسا ام انه محض أُكذوبةِِ خبيثة ؛ عن ما يعنيه عيش هذه الحياة .. عن ما يعنيه العيش في حقيقته , و المشاعرُ الطيبة , عن تواجد اللحظاتِ المُشعةِ حقيقةً دون زيف او اصطناع , عن ما يعنيه كون المرءِ انساناً بحق .. و عن الكثير من المعاني , التي لم تكن في اغلبِ الأحيان سوى محضِ كلماتِِ لا أثر لها .. حروف مُركبة متجاورة .. يتلفظها الناس دون شعور او إدراك .. دون ان تكون ذات قيمةٍ حتى او معنى بالنسبةِ لهم  ...
اين يكمن المعنى , الحقيقي العميق .. في هذا كله ؟! ... في هذا السير الباهت للحياة .. المضني عديمِ اللون .. في هذه المصاعب التي ما كان لها ان تكون أخفّ وطأةً على القلب و البدن ... في كوني على قيد الحياة.... "

____________________

" ....................... و أتمنى ان تكوني بخيرِِ دوما و بصحةِِ جيدة .. احرصي على شربِ الحليب الدافئ في هذا الطقسِ البارد .. اريد ان القاكِ في افضلِ حالِِ حين يحين ذلك في اقربِ وقت .. !
احبك حقاً ....
                                    صديقتكِ المُخلِصة المُحبة ... روزا
                                              روزاليندا هارمِن

بذلك التوقيع .. إنتهت تلك الرسالةُ التي كانت بين يديها .. تعيد قراءتها مراراً بتَمعُّنِِ و هدوء أخفى تلهفا عارما فضحته تلك الابتسامةُ التي كانت تُرسم جبرا و لا شعوريا على شفتيها الرقيقتين ...
اتسعت ابتسامتها تلك اخيرا و قد ثنت الرسالةَ و نهضت من على الكرسي العتيق لتتحرك في المكان و قد احتضنتها بيديها ... وقفت بجانبِ النافذةِ لتشهد ضوء الصباحِ عبرها و حدثت نفسها :
- ياله من صباح جيد برسالةِِ كهذه .. شكرا .. روز ..

ظلت هكذا لبعضِ الوقت تنعم بالهدوء ... ثم تحركت بعيدا عن النافذة لتذهب لغرفةِ نومِِ صغيرةَ و بسيطةِ الطراز لحدِِ كبير ..
أرخت ذلك الوشاح الصوفي ذا اللونِ الخوخي الهادئ عن كتفيها إلى السرير .. و همت تمشط شعرا كستنائي اللون كان قد وصل لمنتصفِ رقبتها فقط .. عقدت رباطا فوق رأسها عقب ذلك و غييرت ثيابها لترتدي قميصا ابيضا يصل لمنتصف الفخذ و قد شدته عند خاصرتها برباطِِ رمادي .. اسفله بنطال اسود و حذاء رمادي طويل العنق قد اوشك يصل للركبتين ..

غادرت الغرفةَ ثم المكان بأكمله لتخرج و تسير عبر الشوارع دون ان تحمل بحوزتها سوى بضعةِ قروش تأتيها ببعض رغيف الخبز ... و ما إن أتت برغيفين سارت في الطريق اثناء عودتها تأكل احدهما و قد احتفظت بالآخر ..
أنهت تناوله ما إن وصلت أمام "مستودعها" ذاك .. او منزلها بتتعبير آخر .. تأملت في المكانِ حولها للحظات ثم شدت رباط رأسها و مددت ذراعيها لتدخل لمستودعها الخشبي ذاك بهمةِِ و نشاط وسط أصواتِ ضجيج الشارع التي اختلطت ببعضِ أنغامِ المزمارِ و الناي .. و الذان بدا صوتهما بعيدا , لكنه يقترب في كلِ ثانية اكثر فأكثر ...

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 04, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

أحَـدُهُـم || SOMEONEحيث تعيش القصص. اكتشف الآن