لغز الاخشاب المحترقه

63 17 47
                                    

عاد جدي اثناء اعداد جدتي لوجبه دسمه من اجلي ، خرجنا من المطبخ علي صوته ، وهو يتنحنح بصوت مسموع ؛ كان وجهه مكفهر ، وعيناه الرماديتين معبأه بما يكفي من الحزن..سألته جدتي - بحنان -
:كيف كان لقائك مع الحج محمود ؟!
اجاب باقتضاب :
- لا جديد!.
قالت جدتي محاوله تغير الموضوع:
- لابد انك جائع ، سأحضر لك سريعا ما لذ وطاب مما تحبه و..
قاطعها جدي قائلا :
- لا داعي ، فلم يعد الطعام ما يشغلني.

صمت لبرهه ولاحظته يضغط علي اسنانه ثم اردف :
- سأذهب الي غرفتي .. لا تجعلي احد يزعجني !.
قالت له جدتي - بنبره رفض - :
- لكن يا..
قاطعها جدي بنبره حاده ، مكرر ما قاله :
- لا تجعلي احد يزعجني !.

ظل محدق في عينيها لبضع ثواني قبل ان يشيح النظر عنها ، ويتجه الي غرفته في خطوات متثاقله ، الغريب انه لم يلحظ وجودي قط ، او تظاهر بذلك..ضايقني الامر قليلا ، لكن توتر الاجواء جعلني اتغاضي عن هذا ، كل شئ كان يتغير سريعا ، يتغير للاسوأ ، وهذا ما لم اعتد عليه في مكاني المفضل.

حاولت مواساة جدتي ، وامازحها حتي تتخطي ما مرت به اليوم..لكن دون جدوي ، فقد ظلت شارده الذهن ، والوجوم علي وجهها .. لكن لم يلبث فضول الطفل بداخلي ان يهدأ حتي سألتها من جديد :
- ما امر الحاج محمود ذلك ؟!
حكت جبينها وقالت - بفتور - :
- كفي حكايات واسئله اليوم يا مصطفي !.
شٓعُرت بالذنب بعد سؤالي ، ولاحظت جدتي ذلك فقالت وهي تهمس - بتودد - :
- في وقت لاحق سنكمل قصتنا.
وداعبت شعري برفق ، واردفت :
- فلتذهب لتكمل طعامك قبل ان تنام.

اومأت برأسي موافقا..ثم سمعنا طرقات الباب ، ذهبت جدتي لي تفتح الباب ، فكانت امي قد عادت..القت التحية ، واقتربت تداعب شعري ، ثم سألت جدتي عن جدي :
- هل عاد ابي ؟!
- نعم عاد ، وخلد النوم.
تعجبت امي ، ونظرت الي ساعة يدها ثم قالت :
- انها لا تزال السابعه والنصف ، هل هو مريض ؟!
- لا انه بخير ، كل ما في الامر انه يحتاج الي الراحه وحسب!.
- حسنا سأذهب لاطمئن عليه!
- لا!!. قالتها جدتي بحزم ، ونظرت الي امي نظره ذات معني ، تصلب وجه امي من ردة فعل جدتي ، وشعرت حينها بأنها عادت صغيره مجددا لا تستطيع عصيان أمر امها.

ظلوا محدقين الي بعضهم لبرهة ، ووجدتني اجذب جدتي من يدها ، فنظرت الي وانا اعطيها طبقي الفارغ واقول :
- هل يوجد المزيد يا جدتي؟!.
كان علي ان انهي الجمود السائد في تلك اللحظه ، فاخذت جدتي طبقي ، وقبل ان تذهب الي المطبخ ، تقدمت امي اليها واخذته منها وهي تقول :
- اتركي الامر لي ، واستريحي يا امي.

شعرت بفرحة تغمرني بعد ان جعلت الامور تسير علي ما يرام ، فقد انتابني الخوف من ان تغضب امي من تصرف جدتي ، وتقوم بأخذي عائدين الي البيت ، وربما قد لا نعود مجددا الي هنا.. مرت بضع دقائق ، وعادت امي بالطعام ، كنت قد شبعت من اول طبق ، ولا استطيع تحمل المزيد ، فقد تنفجر معدتي ان اكلت المزيد ، كان علي ان اتصرف حتي لا توبخني امي ، فشرعت في التظاهر بأني اتناول الطعام ، ثم بعد قليل بدأت اتظاهر بالنعاس ، لاحظت جدتي ذلك ، فقامت بأخذي لانام في غرفه ابنها صبري ، وكانت مجاوره لغرفة جدي - في كل الاحوال لم اسلم من توبيخ امي -.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 02, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

اسطوره منسية  ( رجل القش )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن