الفصـل الأول "بعـث"

165 10 2
                                    

_في مدينـة فـوق السحـاب ، قد طغـىٰ البيـاض كُل ما فيـها حتىٰ قلـوب ساكنيهـا ، انعـدمت بهـا الحُرمات ، من نهبٍ و سـرقـة ، قتلٍ و إجـرام ، حتىٰ الكذب و الخِداع ، الوانٌ زاهيـة ، أطعمـةٌ محليـة ، ضحكـاتٌ و لهـوٌ من الأطفـال ، كأنهـا النعيـم مخبـأً عن نـاظري الانسـان ، إنهـا مديـنة "النعيـم الضـائع" لُقبت بذاك الاسم لأنها رمز النعيـم بكل ما فيهـا و لأنها بعيدة عن متنـاول يد البشـر ، بحث الجميـع عنها لسنين عديدة و لَكن لم يصل اليهـا احد ، يُقال بأن مَن سكنـوها هم المـلائكـة و قد خبـؤها عن البشـر المدنثـون بالخطيـئة ، و من يدخلهـا فقط هم مَن أنتهت حيـاتهم و هم مطيعـون ربهـم و لم يمسسهُم ذنبٌ الا و عمـلوا ليمحـوه .
"إذاً عليـا أن أكون فتاةاً جيـدة كي تأخذنِـي الملائكـة الىٰ هُناك ؟"
_اجل .
"حسنـاً سأعمـل جيـداً و أنتِ ايضـاً امي لنتقـابل في النعيـم الضائـع"
_حسنـاً مـلاكي ، هيـا اخلدي للنـوم .
"تصبحيـن علىٰ خيـرٍ أمـي"
_و أنتِ ايضـاً عزيـزتـي .

________________________

_هَل انتَ جاهـز ؟
~سأفعـل كل ما بوسعـي~
_حسنـاً ، لنبـدأ
_نيشيـمورا ريـكي ، قد حـان وقتُك لتلحـق بأفـراد عائلتك و تكـون من المبعـوثين لمُسـاعدة البشـر ، وجهـت لكّ مهمـةٌ بمسـاعدة بنـي البشـر في إعـادة رُشدهـم ، إنهـا فتـاة بمقتبـل العمـر ، قدر لكّ أن تقـودها للنـور بعد أن ابتلعهـا الظـلام ، كُن لهـا رفيقـاً حسنـاً حتىٰ تعود لطـريق الصـواب فـإنها لمُقـربـةٌ من شخـصٍ كان عليـنا عزيـزاً ، و شـرط عودتك سالمـاً ألا تقـع في حب البشـر فهم بالخطيـئة مدنثـون و نحن رمـز الصـواب به ممتلـؤن .
~ليكُـن ما تريـد سَيـدي~
_فالتُبعث للمُسـاعدة و انك لمِـن قواك مَجـردٌ حتـىٰ حاجتـك اليهـا .

________________________

_نايـون أحضـري كـوبيـن من القهـوة الىٰ الطـاولة العاشـرةو أربعـة الىٰ الطاولـة الخـامسة عشـر و هيـونچيـن أحضـر ثـلاثـة من القهـوة فرنسيـة و اربعـة لاتيـه الي الطـاولة عشـرون بسـرعة
"حسنـاً"
-حسنـاً
إنـه يوم الاحد و هـو عطلـة اسبـوعيـة هنا في كـوريا لذلك ف هذا اليـوم يكون عليها العمل بدوامٍ كامل بفضـل الازدحام بالمقهـىٰ ، تـركض من هنا الى هُنـاك هي و باقـي العمـال ، تنظف الطاولات ليتخذها غير من تركـها و هي تظل على هذا الحال من السابعـة حتى التاسعـة مساءاً موعد اغلاق المقهـىٰ
_الهي أشعر بـأن ظهـري قد كُسر
تحدثت ليـا و هي أحد العامليـن هنا و تعتبـر صديقـة نايـون
-تشعـرين !!! ، لقد كُسرت ظهـورنا حتمـاً ليـا
اجاب هيـونچيـن يؤكد علىٰ أن حديثها صحيح
رمت نايـون ادوات التنظيف ارضـاً لتلقي بذاتها على الأريكة بجانب هيـون بينمـا تلعن تحت أنفاسها
"لم يكسـر ظهري فحسب لقد كسـر جسـدي بأكملـه"
-عليك المغادرة لتستـريحي نحن سنكمل الباقـي
تحدث هيـون بلطف يحثهـا على المغادرة تحت نظرات ليـا الخبيثـة
_اجل نايـون سيقـوم هيـون بعمله و عملك معـاً
"كلا لا بـأس انا بخيـر فالنُنهـي هذا و لنغـادر"
_ما رأيكـم بتنـاول الدوكبـوكي و لحم البقـر بعد الانتهـاء ؟!
-لا بـأس معي
نظر الاثنان لنايـون لتهمهم بعدم اكتراث
-اذا سيكـون الطعام على حسـابي
_يا بن اللعينـة انت لم تقم بدفع حسـاب طعامي قبـلاً !!
-هذا شـرف قدوم نايـون معنا فحسب
_أقسـم بأني سأريـك ، سأطلب ملـيون طبق لحم
-مهـلاً لحظـة ، انا لم اقل بأني سأدفع عنكِ ، بل عني انا و نايـون فحسب
_سنـرىٰ في هذا الأمر إذاً
أنهت حديثها بابتسـامة ، و تركت ذاك الذي يحسب سعر طبق اللحم الواحد مضروبـاً في مليـون فليـا حتماً لم تقل ذاك عبثـاً
-لقد دمـرت حياتك سيـد هيـون
قال بأعين متسعـة من السعـر الذي لم يقدر على تحديده ، اشفق عليـه صدقاً
فتح باب المقهـىٰ فجـأة جاعلاً من الجرس المعلق عليه يصـدر صوتـاً خفيفـاً
~مرحبـاً ، هل لي بكأس قهـوة ساخن ؟~
اردف رجلٌ بأواخـر عقـده السادس مثنـي الظهـر ، لا يظهـر وجهه بفضـل الذقن البيضـاء الطويلـة و شعـره المجعـد فقط تلك العيـون السـوداء اللامعـة
-عفـواً سَيـدي لقد أغلقنـا
اردف هيـون بإبتسـامة خفيفـة لكنـه لم يلقـىٰ أي ردة فعل من الرجـل بل بقىٰ واقفـاً يطالع الواقفـة خلف هيـون نظـر داخل عينـاها لعدة ثواني قبل أن تقطع التواصـل بارتباك
"لا بأس هيـون ، سأعده لك سَيـدي انتظر هنا"
قالت تشيـر له على أحد المقاعد ليـومئ لها بهـدوء
_تفضـل سَيـدي
انحت ليـا تقـدم له بعض الحلـوىٰ فمد يديـه يلتقتهـا
نظـرت ليا إلى يديـه بدت كأنها يد فتـىٰ بربيعـه الخامـس أغمضت عينيهـا بقوة لتفتحهـا مرة أخـرى فوجدت يداً مجعـدة قد اهـدر الزمـن شبـابها .
"ها هـي قهـوتك سَيـدي"
~اه شكـراً لكِ ، كَم الثمن ؟~
"خمسـون وون"
وضع يديـه بجيب ستـرته المهتـرئة ليخـرج منها ثـلاثـون وون
ظل ينظـر للمال بيديـه من ثم إلى الواقفـة أمامه بخفـوت
"سَيـدي لا بأس هذا سيكـون علىٰ حسـاب المقهـىٰ"
اردفت بعد أن وعت على الوضع بينما ترسم على وجهها ابتسامة خفيفة جعلت من عينيها تنغلق قليـلاً
صمت قليلاً ليـومئ لها و يغـادر كما آتـى
تنهدت لتخـرج خمسـون وون و تضعهم بـدرج النقـود و تعـود إلى الصديقـان
"ماذا بكمـا ؟"
-تقول ليـا أن يد ذاك الرجـل كان كـبتلة وردةٍ صابحـة و بعدما أغلقت اعينهـا و فتحتهـا باتت يد رجل عجـوز
ضحكت نـايـون بخفـة
"أعتقد أن هذا تأثيـر العمل لوقتٍ متأخـر"
_انا لا امـزح كما أنه كيـف دخل بالاصل من المفتـرض أن الباب مغلق
"يمكن أن نكـون نسينـا اغلاقـه"
_كلا لقد قـام هيـون بإغـلاقه و قد تأكدت من ذلك بعدهـا
-هل قفل الباب معطـل إذاً ؟
ذهبت نحـو الباب لتحـاول فتحـه لكنـه موصد بالفعـل
_لا اعتقد هذا
"اهدأي ليـا هو مجـرد رجل كبيـر بالسن"
-دعـونا نغـادر الآن
هيـون لن ينكـر شعوره بالارتباك عندما رأى ذاك الرجل و لكنه لن يصـدق كونه شبحـاً مثلاً هذه حماقـة على ما اظن صحيح ؟!

𝖡𝖤𝖫𝖮𝖵𝖤𝖣 // 𝖭.𝖭𝖪حيث تعيش القصص. اكتشف الآن