الفصل الاول

14.8K 245 55
                                    

اللهم اجعل لنا من امرنا رشدا
غير مسموح بنقل الرواية او نشرها باى مكان اخر دون الرجوع لى وشكرا
و نبدأ مع بعض روايتنا الجديدة و نقول بسم الله
1
#واتقطعت الخيوط
الفصل الاول
قبل البداية ، اود ان انوه بان الرواية و برغم ان ابطالها من الصعيد الا ان الحوار بعيدا تماما عن اللكنة الصعيدية التى خشيت ان اتحدث بها دون اتقان ، و هذا ليس من عادتى ، و ايضا لعلمى بان هناك الكثير من سكان الصعيد الذين يتحدثون العامية تماما كسكان القاهرة .. و لذلك .. لزم التنوية .
بسم الله الرحمن الرحيم .. و نبدأ البارت
داخل قصر عريق كقصور العصور الوسطى يحوطه الكثير من الاشجار و المزارع العريقة ايضا بقلب الصعيد ، كان صوته يهز الارجاء و هو يقول بغضب محدثا احد الغفراء : يعنى ايه ماحدش شافها ، ايه … واقفين نايمين مانتوش دريانين باللى داخل و لا اللى خارج
الغفير بقلق : يا مدكور بية دى الناموسة مابتعديش من غير ما بنشوفها
مدكور بغضب : اومال ازاى خرجت من غير ماحد فيكم يلمحها من اصله
الغفير بتصميم : يا سعادة البية احلفلك انها ماخرجتش ابدا من السراية ، انا ما اتنقلتش من مكانى الا اما سعادتك ندهتنى دلوقتى ، و لا يمكن تكون خرجت ابدا من غير ما اشوفها
مدكور بحدة : امشى غور من قدامى و تقلبوا عليها البلد كلها لحد اما تلاقوها
ليأتيه صوت ناعم من وراءه يقول بقلق : فيه ايه بابا ، ايه اللى مخلى حضرتك عصبى كده
ليلتفت مدكور بحدة ليرى ابنته و هى تهبط الدرج و تتجه اليه ليقول بانفعال : انا عاوز افهم انتى كنتى فين و الكل قالب عليكى الدنيا و مش لاقيكى
رهف بتردد : انا كنت فى الروف بذاكر
مدكور بغضب : و ماسمعتيش كل اللى بيدوروا عليكى من ساعة ماوصلت
رهف بشحوب : اول ماسمعت صوت حضرتك بتزعق نزلت على طول
مدكور بحزم : تانى مرة مافيش قعاد فى الروف .. مفهوم
رهف بحزن : حضرتك عارف انى بحب اقعد اذاكر فوق
مدكور بحدة : اللى اقوله يتنفذ .. مفهوم و اللا لأ
رهف بوجل حزين : مفهوم 
مدكور و هو يحاول ان يهدئ من انفاسه : مراد ابن عمك هيوصل من السفر بكرة بعد الضهر … عاوز البيت جاهز لاستقباله ، و تفهمى الشغالين يوضبوا له اوضته ازاى ، و خليهم يعملوا له الاكل اللى بيحبه ، و انتى ..
لتنظر له رهف بحزن تنتظر ان يكمل حديثه فيقول بايعاز : عاوزك تهتمى بنفسك شوية ، خصوصا انه المرة دى هيبقى معاه ضيوف
رهف بعدم فهم : ضيوف مين
مدكور : معاه تالا بنت سليمان الأنصارى .. هتقعد عندنا شهرين على مانخلص المشروع الجديدة مع ابوها ، عاوزك تجهزيلها اوضة جنبك و عاوزك تتلحلحى شوية … انتو مكتوب كتابكم من سنتين و من ساعتها عمره مالمحلى انه عاوز يتم الجواز
رهف بحزن : ماتنساش ان حضرتك اللى طلبت منه يتجوزنى ، و لولا كده كان عمره ما هيفكر فيا ابدا
مدكور بقسوة : اومال اسيبك لحد غريب ييجى يلف عليكى و يطمع فيكى و فى فلوسى ، لو كده كده فلوسى لحد مش من صلبى يبقى مراد ابن أخويا اولى بخيرى
رهف بتردد : بس انا بخاف منه
مدكور بسخرية : و انتى من امتى ما بتخافيش .. روحى اعملى اللى قلتلك عليه و مش عاوز صداع كتير ، و كلمى الكوافير يبعتلك حد الصبح يظبطك بدل ما انتى دايما حاطة نفسك فى اسطمبة واحدة مابتغيريهاش بالشكل ده ، اتعلمى تهتمى بروحك و البسيلك فستان عدل من اللى بجيمهوملك ، بدل ماتبصى تلاقيه بص لغيرك و اللا اتجوز عليكى ، طول عمر سليمان الانصارى بيحرجم و عاوز ياخده لبنته و لو مراد مال لها ساعتها مش هقدر الومه لانها واخدة بالها من روحها على الاخر و شاطرة و حركة مش زيك حاطة كل همها فى الكتب و المذاكرة ، و اديكى خدتى الليسانس و الماجيستير عاوزة ايه تانى .. خلاص بكفاية لحد كده
رهف بخفوت : خلاص يا بابا ، دى مناقشة الدكتوراه مافاضلش عليها غير كام شهر
مدكور بحزم : و انا قلت خلاص .. انا مش عاوز دلوقتى غير انك تلتفتى لمراد و بس .. انتى فاهمة
لتنصرف رهف من امامه بعد ان امائت له رأسها بخضوع و هى بداخلها حزن كبير بسبب طريقة معاملته الجافة لها ، فمنذ ماتت امها و هى فقدت كل معالم الحنان فى الدنيا من حولها ، الا من لحظات مسروقة تقضيها مع مربيتها الحنونة زينب و التى اشتركت فى تربيتها منذ نعومة اظفارها ، فكانت زينب و مازالت هى الملاذ الوحيد لرهف و التى تختبئ بين احضانها و هى تشكو قسوة ابيها و صلف و غرور المدعو زوجها و الذى يكاد لا يتعامل معها او يتحدث اليها الا قلما و بحضور ابيها
فمراد هو ابن عمها الذى تربى بين جدران قصرهم العامر بصحبة شقيقته هدى و التى كانت تعتبرها رهف صديقتها الوحيدة ، لتتزوج هدى و تبتعد عنها هى الاخرى لتسافر بعيدا مع زوجها احمد و لم تعد تراها الا مرة واحدة كل عام لمدة لا تتعدى ايام قلائل يمروا كحلم جميل ينتهى سريعا تاركا ذكرى عذبة فى قلب رهف و هى تتوق لتكراره من جديد
اما مراد فهو القائم بجميع اعمال مدكور و اعماله فى ذات الوقت ، جاد للغاية ، يتعامل بصلف و حدة مع الجميع كعمه تماما ، لا يكد يلين جانبه الا مع شقيقته و التى تولى رعايتها مع عمه بعد رحيل والديهما منذ سنوات مضت لتصبح مدللته الغالية و الوحيدة
و هو يعيش للعمل و للعمل فقط ، لم يفكر قط فى الزواج و لم يمر باى تجربة عاطفية رغم تهافت الكثير من الفتيات عليه لوسامته و مركزه المالى و الاجتماعى ، الا انه كان يقابل تهافتهم بسخرية و احتقار ، حتى طلب منه عمه الزواج من رهف ، ليوافق على الفور دون ادنى تفكير ، فهو لم يعتد على رفض اى مطلب لعمه لما يكن له من حب و احترام ، و لكنه لم يغير معاملته الجافة العملية بابنة عمه حتى بعد ان اصبحت زوجته ، فنعم لم يتم الزفاف ، و نعم هو عقد قران ليس الا ، و لكنه دائما يتعامل و كأنها شبح غير مرئى ، و رغم ان ذاك كان يساعد رهف على الاختلاء بنفسها بعيدا عن الجميع ، الا انها كانت دائما تعترف بانها تخشاه و ان نفسها تمتلئ رهبة حين يوجه لها اى كلمة حتى و لو سؤال عن احوالها
دخلت رهف الى غرفتها و دموعها تجرى على وجنتيها باسهاب ، لتراها زينب فتقول بحنان : هو انتى يا بنتى دايما دموعك على وشك كده
رهف بحزن : اعمل ايه بس يا دادة ، زى ما اكون انا و الحزن توأم و اللا راضعين على بعض
زينب بتنهيدة : ايه اللى حصل تانى
رهف بحزن : مراد جاى بكرة
زينب باستنكار : طب و هى دى حاجة تزعل برضة ، المفروض تفرحى ان جوزك راجع بالسلامة
رهف بامتعاض : افرح على ايه بس يا دادة ، و هو كل مايشوفنى يا يزعقلى يا يتريق عليا ، يا يقعد يدينى فى أوامر ، يا اما يسيب كل ده و يتعامل معايا اكنى مش قدامه اصلا
زينب بتعاطف : ما انتى عارفة مراد ، طول عمره جد و مافيش فى دماغه غير الشغل و بس
رهف بحزن : لا يا دادة ، هو انتى يعنى مابتشوفيش بيتعامل ازاى مع هدى و تميمة بنتها ، اللى يشوفه معاهم مايقولش ابدا ان هو ده مراد اللى الضحكة مابتزورش وشه طول ماهو هنا ، الله يسامحه بابا ، هو اللى عمل فيا و فيه كده
زينب : بلاش هبل ، و ايه يعنى اللى حصل ، ما ياما بيحصل من ده و خصوصا هنا فى الصعيد
رهف بحزن : و اللى زاد و غطى ان بابا مش عاوزنى اكمل الدكتوراه ، و كل اللى فى دماغه سى مراد و الست تالا
زينب و هى تضرب على صدرها بضجر : مالها زفتة
رهف بامتعاض : هتشرفنا بكرة مع مراد و هو جاى و كمان هتقعد عندنا شهرين بحالهم
زينب باستنكار : هو ابوها البعيد ده ماعندوش دم و لا حيا ، مابيخافش على عرضه و هو رامى علينا بنته بالشكل ده ، و كمان سايبها تروح و تيجى مع مراد بالطريقة دى
رهف باستياء : بابا بيقوللى انه نفسه يجوزها لمراد
زينب باستنكار : و هو عارف انه كاتب كتابك
لترفع رهف كتفيها بحركة تنم عن عدم معرفتها
زينب : و لا يهمك ، سيبيها عليا ، انا هزهقهالك لما تيجى لحد ما تقول حقى برقبتى
رهف بخوف : لا يا دادة و النبى اعملى معروف ، مش ناقصين بابا يعمللنا مشكلة و اللا مراد ، مانتى عارفة ليهم شغل كتير مع باباها
زينب : قطعت و قطع ابوها فى ساعة واحدة
رهف : المهم ، خليهم ينضفوا اوضة مراد و يوضبوها ، و يحضروا اوضة للست تالا
زينب باستسلام : ماشى يا بنتى ، طب و انتى ناوية على ايه
رهف بقلة حيلة : هكلم الكوافير يبعتلى حد بكرة زى ما بابا قال ، و هختار فستان حلو استقبلهم بيه
زينب و هى تربت على كتفها بحنان : مافيهاش حاجة يا بنتى ، الست لازم تبقى دايما حلوة فى عيون جوزها
رهف بسخرية : مش لما يبقى جوزها ده شايفها من اصله يا دادة
زينب بتحفز : يبقى لازم نخليه يشوفها و يموت عليها كمان
رهف : مانتى عارفة انى بترعب منه اصلا
زينب : بلاش هبل .. ده جوزك ، و من قبلها ابن عمك ، و انتى مابقيتيش صغيرة ، ده انتى عندك دلوقتى تمانية و عشرين سنة ، ماشفتيش هدى بتدلع على احمد جوزها ازاى و بيتمنى لها الرضا ترضى
رهف بابتسامة : وحشتنى اوى .. ثم اكملت باستدراك .. ثم انتى بتقارنى مين بمين بس يا دادة ، مانتى عارفة احمد بيحب هدى ازاى و بيموت فيها كمان
زينب باصرار : و انتى مش اقل منها ، انتى كمان لازم جوزك يحبك و يموت فيكى و فى التراب اللى بتمشى عليه كمان
رهف باستنكار : و ده اللى هو ازاى بقى
زينب : لازم تغيرى من نفسك
رهف بامتعاض : انتى هتعملى زى بابا
زينب : رغم انى مابيعجبنيش اللى ابوكى بيعمله  ، لكن اوقات بيبقى عنده حق و كلامه كله صح
رهف : يعنى اعمل ايه يا دادة .. بابا عاوزنى على طول متربطة فى خيوط ماسكها بايده و عاوز كل ما يحرك ايده اتحرك معاه من غير ما يفكر ان كنت موافقه على حركته دى و اللا لأ و اللا حتى مريحانى و اللا لأ
زينب : ده لانه عارف انه عاوز مصلحتك
رهف : و افرضى مصلحتى اللى هو شايفها دى مافيهاش سعادتى
زينب باستنكار : هى ايه دى اللى مافيهاش سعادتك ، لاهو انتى فاكرة انى مش واخدة بالى و لا حاسة انتى بتحبي مراد اد ايه
رهف بتنهيدة : ساعات بحس ان خوفى منه اكبر يا دادة
زينب باصرار : يبقى لازم تتلحلحى شوية ، و لما البية يقول لك على حاجة انتى مش عاوزاها قوليله بالراحة و فهميه
رهف برفض : انتى بتهزرى يا دادة ، اقول ايه و لمين ، من امتى بابا بيسمع لى و اللا حتى بيدينى فرصة انى اعبر عن اللى جوايا
زينب : اسمعى يا بنتى ، انا مش بعصيكى على ابوكى ، لكن انا عاوزاكى تعرفيهم انك مش بالضعف اللى هم شايفينه ده ، تعرفيهم انك بتعرفى تفكرى و بتعرفى تعملى حاجات كتير و ان هم بس اللى مش مديين نفسهم فرصة انهم يشوفوا ده
رهف : مش لما يدوا نفسهم فرصة انهم يشوفونى انا من الاساس
زينب بتفكير : طب ما تقوليلهم على المشغل
رهف بذعر : شششششششش ، بس يا دادة .. انتى بتقولى ايه ، ده كان بابا راح ولع فيه
زينب : ليه يعنى ، ماهو ماشاء الله شغال كويس اوى ، ده انتى لو بس تقعدى مع امينة و تحاسبيها هتلاقى ماشاء الله الدنيا عال العال ، و اى حد بيشوفك و انتى لابسه فستان من المشغل بتاعك بيقعد يقول فيه اشعار و يفكره من بلاد بره
رهف بابتسامة حزينة : لولا أمينة ماكنتش قدرت ابدا احقق حلمى ده و لا انفذه ، حد يقول انى حتى مش قادرة ازور المشروع بتاعى اللى طول عمرى كنت بحلم بيه
زينب : لازم تفكرى فى طريقة تعرفيهم انك بتعرفى تفكرى و تدبرى ، و تعرفيهم انك اعتمدتى على نفسك و قدرتى تعملى حاجة لروحك بعيد عنهم ، و من غير حتى ما تحتاجيلهم ، دى أمينة بتحكيلى على الناس اللى بيتعاملوا معاكم انهم طايرين بالشغل بتاعك ، و انتى طول عمر ذوقك حلو ، ورينا بقى و وريهم هم كمان
رهف : نفسي يا دادة ، نفسى
زينب : انا هقول لامينة تبعتلك من كل الحاجات اللى اتعملت الوان كتير ، و هخليها تركز مع الاحمر و الازرق .. الالوان اللى مراد بيحبهم ، و عاوزاكى اى حد يسالك على حاجتك من هنا و رايح تعرفيهم ان انتى اللى مصممة الشغل ده و منقية كمان الاقمشة .. و اهى تبقى حتى بداية اكنك بتمهديلهم لموضوع المشغل ده بعد كده
رهف بابتسامة تنم عن حماس و بداية اقتناع : ربنا يخليكى ليا دادة و مايحرمنيش منك و لا من أمينة أبدا أبدا
………………..
فى اليوم التالى كان المنزل يعج بالحركة الدءوبة ، فالجميع لديه ما ينجزه و الجميع يعمل بتركيز و صمت ، و كانت رهف بغرفتها بعد انصراف عاملة مركز التجميل ، و كان بصحبتها أمينة ابنة زينب و كاتمة اسرار رهف ، فهى من ساعدتها فى انشاء المشغل الخاص بها و هى من تتولى ادارته و العمل على توسعته كلما سنحت لها الفرصة
رهف و هى تقوم بتجربة ثوب ما : ايه رأيك يا أمينة
أمينة باعجاب : رأيى فى ايه يا بنتى ، ده انتى تخبلى ، الأحمر دايما بيجنن عليكى ، و مكياچك رقيق اوى و تسريحتك تجنن
رهف بتردد : بجد يا أمينة ، مش عارفة ليه مستغربة روحى و شكلى فيها
أمينة : طبعا بجد .. انتى بس عشان على طول لماه ديل حصان مع ان شعرك يجنن و الفستان كمان هياكل منك حتة
رهف بحيرة : يعنى افضل بيه و اللا البس الازرق
أمينة : حبيبتى كلهم يجننوا عليكى ، اقول لك .. خليكى بده ، و بالليل ابقى غيرى و البسى الازرق
رهف و هى تمسك باحد الاثواب بيدها و تفحصه من الداخل : واضح ان ماكينة الأوفر الجديدة ماشية تمام
أمينة بلهفة  : فكرتينى ، انا اتفقت على مكنتين تطريز جداد … هيوفروا علينا جامد
رهف بحيرة : طب و مين هيشتغل عليهم
أمينة بطمأنة : و انتى تفتكرى انى هاخد خطوة زى دى من غير ما ابقى عاملة حسابى
لتدنو منها رهف و تقبلها برقة على وجنتها قائلة : ربنا ما يحرمني منك ابدا يا قلبى
أمينة : و لا منك يا حبيبتى ، و خدى بالك انا مستنياكى تنفذى وعدك ليا بخصوص الاكسسوارات
رهف و هى تنظر لصورتها فى المرآة : حاضر يا أمينة .. ادعيلى انتى بس الفترة دى تخلص على خير
ليجدوا زينب تدخل عليهم و هى تهتف و تقول : انتو لسه قاعدين هنا بتتسايروا ، مراد وصل و قاعد تحت من بدرى
رهف باضطراب :  ططط طب هى تالا معاه يا دادة
زينب : قطعت و قطعت سيرتها ، اهى متلقحة تحت و عاملة زى فرقع لوز و لزقاله اكنها قراضة
رهف بتنهيدة حزينة : انا مش عارفة اعمل ايه ، حاسة انى خايفة و تايهة
لتدفعها أمينة الى الخارج برفق و هى تقول : توزنى الامور بعقلك و تردى بتقل على اى كلمة تتوجه لك ، و اى حد يقول لك على اى حاجة .. تبينى لهم انك بتفكرى و بتاخدى و بتدى مع نفسك ، و لو قدرتى قوليلهم هفكر و ارد عليكم ، و اوعى تخليهم يحسوا انك خايفة و اللا قلقانة يا رهف ، حسسيهم انك قوية و ان عندك حاجات كتير شغلاكى و شاغلة تفكيرك و اوعى تسمحى للعق..ربة اللى تحت دى انها تضايقك بلسانها اللى زى لسان الحية ده
كانت رهف تستمع لكل حرف نطقت به أمينة و هى تحاول تسجيله بذاكرتها حتى وصلت الى اعلى الدرج لتوقفها أمينة فجأة و تحتضنها قائلة : انتى رهف بنت مدكور بية العزيزى .. يعنى انتى مش قليلة ابدا … فاهمة يا رهف
لتومئ رهف برأسها و تسمى الله و هى تهبط اولى درجات الدرج ، و كانت مع كل درجة تستعيذ و تحوقل و هى تدعو الله ان يمر اليوم بسلام ، لتقع عيناها على مراد و هو يجلس باريحية امام عمها على الاريكة و تجلس تالا بجواره و هى تكاد تلتصق به بملابسها المكشوفة و مكياچها الصارج ليملأها الغضب الداخلى و لكنها استطاعت ان تدفنه بداخلها و رسمت ابتسامة ملأت وجهها و ظلت هكذا حتى وصلت اليهم لتقول بترحاب : اهلا يا مراد … حمدالله على السلامة
مراد دون ان يتحرك من مجلسه : اهلا يا رهف .. ازيك
رهف باحباط داخلى : انا بخير الحمدلله ، ثم نظرت لتالا و قالت : ازيك يا تالا .. نورتى
لتنهض تالا من مجلسها و هى تحيى رهف قائلة : اهلا يا رهف .. ازيك ، هو انتى يا بنتى مابتزهقيش من قاعدة العزبة دى ابدا
رهف و هى تذهب للجلوس بجوار ابيها : حد برضة يزهق من الجمال ده
تالا : ايوة … بس برضة الجو ده محتاج يومين تلاتة بالكتير ، مش عمرك كله بالشكل ده ، ده انتى قربتى تبقى زى الفلاحين من كتر الفراغ اللى انتى فيه و شوية شوية هتروحى تضمى معاهم المحصول
كانت رهف تستمع اليها و الغضب يجتاح جنباتها و لكنها تذكرت حديث امينة لها فقررت العمل به على الفور فقالت و هى تدعى الثقة و الابتسامة ملئ شفتيها : رغم ان ده لو حصل فهيبقى شرف ليا انى ابقى منهم ، لكن انا مش بالفراغ ده ابدا ، و بعدين انا رسالة الدكتوراه بتاعتى فاضل عليها كام شهر و اناقشها
تالا بسخرية : و هتعملى ايه بقى بالدكتوراة دى هنا فى الصعيد و الفلاحين
رهف و هى تنظر لابيها برجاء : بابا نفسه يشوفنى دكتورة فى الجامعة
لينظر اليها مدكور و هو يحاول مداراة ذهوله من حديثها ، و لكنه ابتسم و قال : ها يا رهف .. هتغدونا ايه النهاردة
رهف : انا قولتلهم على كل الاصناف اللى مراد بيحبها … ثوانى هشوفهم خلصوا و اللا لسه
لتتركهم و تذهب بعيدا و جسدها يرتجف من الانفعال حتى توارت عن انظارهم فوقفت لتلتقط انفاسها و هى تستند على الجدار لتتفاجئ بأمينة و هى تجذبها و تحتضنها و تقول بهمس : ايوة كده برافو عليكى .. اوعى تسكتيلها الحر.. باية دى
رهف برجفة : بس انا خايفة اوى لا بابا يحرجنى قدامهم
أمينة بتشجيع : اوعى تخافى .. واضح ان عمى عجبه اللى عملتبه و الا ماكانش هيسكت
رهف : طب وسعيلى اما اروح اشوفهم كده خلصوا و اللا ايه
أمينة : ااه خلصوا و السفرة جاهزة كمان ، ياللا يا حلوة روحى لهم و اهتمى بمراد شوية ، لاغيه كده و خليه ينطق بدل ماهو عامل زى ابو الهول كده
رهف بامتعاض : يعنى هسحب لسانه و اخليه يتكلم بالعافية
أمينة : انا هقول لك تعملى ايه
و بعد دقائق تعود رهف اليهم و هى تدعوهم لتناول الغداء .. ثم تتقدمهم الى مائدة الطعام و هى تقوم بدورها كسيدة المنزل لتشير بيدها الى مقعد بعينه و هى تقول لتالا : اتفضلى يا تالا … واعتبرى البيت بيتك ، ثم نظرت الى مراد و قالت بابتسامة هادئة و هى تشير الى مقعد بجوارها و هى تقول لمراد .. اتفضل يا مراد
و كان الغداء عبارة عن احاديث متبادلة فى العمل بين مدكور و مراد و تالا و لم تستطع رهف المشاركة به و لكنها لمحت أمينة على بعد و هى تشير لها لفعل شئ ما ، فمدت يدها بوجل و وضعت بعض الطعام التى تعرف حب مراد له بصحنه لتجده مد يده و تناوله دون حتى النظر اليها لتشير اليها امينة لمعاودة الكرة مرة اخرى ، لتكرر فعلتها و لكنها تلك المرة تتفاجئ بمراد يمسك يدها قبل ان تكمل ماتفعله و هو يقول لها دون ان ينظر اليها : كفاية يا رهف … مش هقدر آكل اكتر من كده
رهف باضطراب : ط طب تحب اجهز لك القهوة بتاعتك
مراد : لا شكرا … انا محتاج اطلع انام شوية ، لما اصحى بقى
لينهض من مكانه قائلا باعتذار : معلش يا جماعة ، هحتاج استأذن منكم ساعة و اللا اتنين
مدكور و هو يشير بعينيه لرهف : ااه طبعا يا حبيبى … مع جوزك يا رهف
لتنهض رهف و تسير خلف مراد حتى وصل الى غرفته فقالت : انا خليتهم طلعوا لك الشنطة بتاعتك .. بس ما رضيتش اخلى حد يفضيهالك ، تحب افضيهالك انا
مراد و هو يدلف الى غرفته : لا متشكر ، انا هاخد غيار على السريع عشان اخد دش و اناملى شوية .. ارجعيلهم انتى ماتعطليش نفسك
لتستدير رهف للعودة و لكنها توقفت مرة اخرى والتفتت له قائلة : مراد
مراد و هو يقوم بفتح الحقيبة : هممم
رهف : لما تستريح … محتاجة اتكلم معاك فى موضوع يخصنى
مراد : طب ماقلتيش لعمى ليه
رهف و هى تزدرد لعابها بصعوبة : لان الموضوع ده يخصنى انا و انت و بس ، بابا مالوش علاقة بيه

وانقطعت الخيوطحيث تعيش القصص. اكتشف الآن