الحلقة 32

385 24 15
                                        


في صباح يوم جديد  وعودة اشهم الى عملة

[أشهم يقف بزيه الرسمي، نظراته حادة، ولكن التعب ما زال مرسومًا على وجهه، ومديره يجلس أمامه يفتح ملفات.]

المدير:
أشهم… حمد لله على السلامة.
الكرسي هذا افتقدك، لكن والله كنت قلق عليك.

أشهم (بصوت ثابت):
أنا بخير سيدي، وجاهز للعمل.
عندي طاقة أبدأ بخمس قضايا اليوم.

المدير (يرفع نظره إليه بجدية):
لا، أشهم.
راح تبدأ بقضية وحدة… وبس.

أشهم (متفاجئ):
قضية وحدة؟ سيدي، أنا تمام! ليش هالاحتياط الزايد؟

المدير:
لأني ما أراهن على اسمك… أنا أراهن على حياتك.
وأعرفك… راح تغرق نفسك بالشغل وتنسى إن جسمك توّه طالع من معركة مع الموت.

أشهم (يتنهد):
بس أنا اشتقت للتحقيق، للميدان، للحقيقة…

المدير (بحزم):
وأنا اشتقت لك كقائد… مو كشهيد.
افتح الملف هذا… خذها وحدة وحدة.

---

المساء – في بيت أشهم وربى

[الباب يُفتح ببطء، أشهم يدخل منهكًا، يضع ملفه على الطاولة، يخلع سترته، ينظر حوله… لا صوت. يتجه إلى غرفة النوم بهدوء.]

[ربى نائمة، على طرف السرير، بجانبها كتاب مفتوح، شعرها متناثر، تعبير وجهها وكأنها كانت تنتظره طويلاً، ونامت من التعب.]

أشهم (يهمس وهو يقترب):
ربى… نمتِ؟ كنتِ تنتظريني، صح؟

[لا تجيب. يقترب أكثر، يلمس يدها بخفة فتتحرك قليلاً وتفتح عينيها ببطء.]

ربى (بصوت ناعس):
أشهم؟ أخيرًا…

أشهم (يجلس بجانبها):
آسف، تأخرت… المدير أصرّ يعطيني قضية، رغم إنه كان خفيف، بس ضغط التحقيق كان كبير.

ربى (تجلس بتعب وتتكئ على الوسادة):
كنت منتظرتك من العصر…
كل شوي أقول: خلاص، بيجي الحين… وكل شوي أرجع أطالع الباب.

أشهم (يأخذ يدها ويقبلها):
حقك عليّ…
بس أول يوم بعد غياب طويل، والمكتب كله كان ينتظر رجعتي، حسّيت لازم أثبت لهم إني ما تغيّرت.

ربى (تنظر له بعينين ممتلئتين):
بس أنا تغيّرت…
أنا ما عدت أتحمل يوم بدونك، ما عدت أطيق ساعة تأخرك.
مو خوف… هو شي أعمق… هو إحساس إني لو غبت عني، حتى وأنا بين الناس… أحس إني وحيدة.

أشهم (يمسح على خدها):
وإنتِ تدرين إني أرجع عشانك…
حتى وأنا في المكتب، عيوني تشوف الأوراق، وقلبي يشوفك.

ربى (تهمس):
كنت خايفة…
إنه ترجع لحياتك اللي قبل، وتنشغل، وتنسى إنك كنت على حافة الموت.

أشهم (بهدوء):
ما راح أنسى…
أنا أرجع أشتغل، بس بروح جديدة، مو أهرب من الحياة… أنا أعيشها علشانك.

وراء الضوء الرمادي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن