فقدان

318 8 6
                                    

أول رواية لي
أرجو منكم الدعم

في وسط غرفة غلب عليها الطابع الأنثوي تقف فتاة حاملةً رضيعا بيدها يأبى الهدوء بينما تسير دموعها على خديها وهي تنظر في أرجاء الغرفة بحزن و أسى، إلى أن قاطعها دخول إمرأة ستينية كسى الحزن وجهها قائلة : لا يهدأ صحيح؟!
هزت رأسها بيأس بينما تهز الرضيع بين يديها ، قالت  الخالة أسماء  وهي تجفف دموعها: السيدة فاطمة كانت تريد رؤية أدهم.
سلمتها إياه ثم إستلقت على سرير صديقتها تضم وشاحها تبكي في صمت بينما إتجهت أسماء لغرفة تجلس بها سيدة بالخمسين من عمرها ترتدي الأسود و دموعها رسمت طريقا من جفنيها حملت الرضيع تضمه لصدرها بشوق تشتم ريحه و كانها تبحث فيه عن شخص آخر ، أبعدته عنها لتسئل بنبرة كساها الحزن: لما لم تقم حنان بإحضاره و أحضرته انت سعاد  ؟!
ردت أسماء: الحقيقة يا سيدتي أن حال حنان لا يعجبني دائمة الجلوس بغرفة مريم رحمها الله و كلما مررت لأطمئن عليها وجدتها إما تبكي محتضنتا ثياب ابنتكم أو تحمل ذلك الرضيع تضمه إليها
نزلت دموع فاطمة فهاهي دفنت فلذة كبدها قبل يومين و تراقب ذبول أمانتها أمام عينيها: و من أين لي القوة لأجابه كل هذا ؟! قبل يومين دفنت وردة عمري و أحمل الآن طفلها بين يدي و أراقب حنان وهي تضيع مني.

مرت الليلة هادئة لتشرق شمس يوم جديد قررت فيه السيدة فاطمة التحدث مع صديقة إبنتها فلا يجب السكوت على حالتها ، دخلت غرفة إبنتها لتتشكل غصة في حلقها فهنا كانت تنام أميرتها و هنا كانت تمشط لها شعرها و هنا كانت ترسم لوحاتها كادت دموعها تغلبها لكنها إستجمعت نفسها لتقترب من تلك التي تتوسط فراش إبنتها بلا حراك نادت بإسمها عدة مرات لكنها لا تستجيب مدت يدها لتوقظها لكن لا حركة نزعت عنها الغطاء لكنها فوجئت بالدماء التي نزلت من معصمها لتغطي مساحة كبيرة من فراشها ، صرخة منها جعلت جميع الخدم يجتمعون في غرفتها ، لا تعلم ماذا حدث و لا كيف حدث لكنها هنا في نفس المشفى الذي ودعت منه إبنتها و زوجها تجلس بخوف من فقدان إبنة أخرى نعم هي لم تلدها لكن في هاته السنة التي قضتها معهم أحبتها كإبنتها  .
بعد مدة ليست بالقليلة خرج الجراح من غرفة العمليات ليقول بنبرة عملية حزينة : لقد قمنا بإيقاف النزيف و قيمها الحيوية عادت لطبيعتها تقريبا لكن ...
فاطمة: لكن ماذا خضرة الطبيب؟!
الطبيب: للأسف المريضة دخلت  في غيبوبة و هي في حالة لا  تستجيب فيها للعلاج.
فاطمة بقلق: ما الذي يعنيه هذا حضرة الطبيب ؟! ألن تستيقظ ؟
الطبيب بعملية : كما سبق و أخبرتك المريضة لا تستجيب للعلاج أي من الممكن أن  تكون حالتها النفسية متعبة أو أنها تهرب من شيئ تعيشه فهاته حالة إنتحار يا سيدتي هذا يعني أنها ستستيقظ في الوقت الذي تكون فيه مستعدة لمواجهة مشكلتها ، ولا تقلقي نحن نقوم بفعل ما بوسعنا لمساعدتها ، بالشفاء العاجل .
غادر الطبيب تاركا ورائه إمرأة هدّت الأيام كيانها و سرقت منها فرحتها في الوقت الذي كانت تنتظر فيه حفيدا سرقت منها الدنيا إبنتها.
عادت لبيتها تجر اليأس خلفها و كأن الحياة تنتقم منها و تأخذ أعز الناس على قلبها .
مرت الايام و توالت ، أسبوع يليه أسبوع آخر مرّ شهر و حنان على حالها لا تحرك ساكنا تهرب من حزنها الى عالم آخر ....
ككل مرة تأتي الخالة فاطمة لزيارتها علها تستيقظ لتزيل عنها حمل الحزن الذي يكسرها ، لكن اليوم مختلف أدهم هنا قطعة من روح صديقتها بقربها ، ظلت الخالة فاطمة تحدثها عن مدى تعبها و حزنها عن مدى إشتياقها و تعبها لكن قاطعها بكاء أدهم الرضيع بين يديها ذلك البكاء الذي إخترق سكون عالم حنان ذلك البكاء الذي جعلها تحرك جفنيها و أصابع يدها ، انتبهت الخالة فاطمة لها لتنادي على طبيبها بسرعة.
و بعد دقائق مرت كالسنوات على فاطمة التي تراقب باب الغرفة بترقب أخيرا خرج الطبيب ببسمة أمل إنتقلت إلى فاطمة تلقائيا لتقول بلهفة : طمني حضرة الطبيب كيف حالها الآن هل إستيقضت هل هي بخير هل يمك
قاطعها الطبيب مبتسما : الحمد لله المريضة إستيقضت وهي بكامل صحتها فقط ستواجه آلاما خفيفة على مستوى أقدمها بسبب نومها لمدة شهر .
دخلت فاطمة و قد غلفت الدموع عينيها تقبل حنان و تضمها الى صدرها بحرارة قائلة بفرحة ممزوجة بعتاب : الحمد لله على سلامتك حبيبتي ، كيف هانت عليك نفسك بل كيف هنت عليك أنا ألم يكفني وجعي لتزيديني وجعا يا إبنتي أهان عليك ترك أدهم وحييدا ؟!
تطلعت حنان لأدهم بحب و شوق ثم مدت يديها لتحمله فوضعته فاطمة بحضنها لتظمه لصدرها بكل حنان تستنشق عبيره بعمق بينما نزلت دموعها قائلة و هي تقبل وجنته : آسفة صغيري آسفة، من اليوم فصاعدا لن أتركك أبدا ، أعدك أنك لن تحتاج لأي شخص في وجودي ، أمك كانت لي الصديقة و السند و الأخت و أنا سأكون أمك و أباك أعدك بني .ثم ضمته أكثر هامسة أمك هنا.

جمعنا طفل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن