لقاء مجنونة

192 10 16
                                    

صوتو رجاءا

تجلس تراقب ذلك الصغير النائم بهدوء في سريره تتطلع لملامحه الملائكية يشبه والدته كثيرة ، إبتسمت بحنين لتعود بها الذاكرة لأول لقاء لها بصديقتها قبل ثلاثة سنوات ........
كانت تسير بخطى منتظمة وجهتها محطة الحافلات فقد كان يوما شاقا في الجامعة قابلتها في الطريق فتاة في مقتبل عمرها كأنها في ربيعها العشرين في نفس عمرها يكسو القلق ملامحها الجميلة قائلة: هل يمكنك مساعدتي رجاءا؟!
ردت حنان بهدوء: بالطبع إن أمكنني !
فتسائلت الفتاة عن عنوان الفندق الذي تقيم فيه فهي سائحة و قد تاهت في طرقات المدينة المتداخلة، كان طريق الفندق هو نفسه الطريق الذي تسلكه حنان ، فسارا معا و كانا يتبادلان أطراف الحديث طيلة الطريق فعلمت حنان أن الفتاة مع زوجها في رحلة عمل و إسمها مريم كان الطريق طويلا بعض الشيء فتآلفت كل من مريم صاحبة العيون العسلية و حنان صاحبة العيون الزيتونية ، و عندما وصلت مريم للفندق طلبت من حنان رقمها ليتواصلا في حالة عودة مريم أو زيارة حنان لبلدها.
عادت من ذكرياتها على دمعة نزلت من عينيها لتسمحها داعية لصديقتها بالرحمة تطالع أدهم الذي تجاوز السنة بحب و حنان ثم دثرته جيدا متجهتا لغرفتها المجاورة لغرفته.
غيرت ثيابها لقميص نوم أسود طويل حريري إنساب على جسدها برقة و إمتزج بتناقض مع بياض بشرتها الحليبية و فردت شعرها بعد أن إستلقت في سريرها لتذهب في نوم عميق بعد تعب اليوم ، " هل هذا صوت الباب يُفتح أم أنني أحلم" هذا ما تردد في ذهن حنان لتستيقظ فزعة بعد أن سمعت باب غرفة صغيرها يُفتح، خرجت بخطوات خفيفة متجهة للغرفة كان الباب مفتوحا و رجل ضخم ينحني بجذعه العلوي على سرير ولدها ، تقدمت هي ببطئ و لم يعي ذلك الضخم وجودها إلا عندما وضعت السكين على ظهره قائلة بصوت حاد هامس: إبتعد عن الطفل و أخرج من الغرفة وإلا غرزت السكين في ظهرك، لم تجد منه أي إستجابة فقالت و هي تظغط بالسكين على ظهره : أنا لا أمزح أخرج من الغرفة .
بدأ يتراجع للخلف بخطوات ثابتة بينما تتراجع هي الأخرى الى خارج الغرفة للممر الرئيسي و في ثواني معدودة قُلبت الأدوار أصبح هو يحاصرها مع الحائط يضع السكين على رقبتها بينما ركز بنيته على خضراوتيها ،لم تفكر كثيرا بل صرخت بأعلى صوتها فحتى لو قتلها ستكون حمت أدهم ، وضع يده على فمها يكتم صرختها بينما تجمع على صراخها الخدم و الخالة فاطمة و حتى محمود أخ مريم و زوجته صفية.
خرج صوت محمود بصراخ : من أنت إبتعد عنها ؟!
نزع يده عن فمها بينما مازل مركزا في عينيها و السكين مازال يستقر على عنقها ثم إستدار بوجهه ليواجه محمود و فاطمة ، إستغلت حنان الفرصة لتهرب من حصاره لكنها جرحت عنقها جرحا بسيطا لكن ما فاجئها هو ركض فاطمة نحو ذلك الحائط البشري تحتظنه و تبكي تردد إسما واحدا ' آدم '، تحاول التذكر ملامحه مألوفة رأته من قبل لكن أين حسنا مريم أرتها صورته إنه آدم كبير عائلة نصار خليفة جده مريم أخبرتها أنه مخيف لكنه حنون ، قاسي لكنه هادئ ، بارد ولكنه محب لم تُرِد في يوم أن تتعرف عليه هكذا بل لم ترد أن تقابله أساسا فهو لغز وهي تحب البساطة ، في ظل أفكارها غفلت عن ترحيب العائلة به و وصلة بكاء الخالة فاطمة التي لا تنتهي ، توجهوا جميعا الى غرفة الجلوس ذات الطابع الكلاسيكي المعاصر ، وبعد السؤال عن أحوال آدم الذي كان يطالع نظرات أخاه لحنان بذلك القميص الذي ترتديه، ثم تسائل بنبرة باردة تحمل السخرية في طياتها: من الآنسة التي كانت تحاول قتلي لتحمي إبن أختي مني بينما لم تستطع حماية نفسها؟
إغتاظت حنان من كلامه و تلونت وجنتاها باللون الأحمر بينما أجابت الخالة فاطمة: أعرفك حنان صديقة الغالية مريم رحمة الله عليها و هي تعتني بأدهم منذ سنة ونصف وهي تقيم معنا إني أرى فيها مريم .
هز رأسه بتفهم قائلا: أي أنك مربية أدهم ؟! كانت حنان سترد عليها لولا بكاء الصغير الذي قاطعها للتجه إليه بعد أن حدجت آدم بنظرات ساخطة ، بينما تسائلت والدته: ستستقر أليس كذلك؟! كفاك بعدا !
رد وهو يطالع أخاه بنظرات فهمها الآخر جيدا قائلا : نعم سأستقر فهناك بعض الأمور التي بدات تخرج عن السيطرة و لابد من تعديلها.
تهللت أسارير الخالة فاطمة قائلة : حسنا إذهب لترتح من تعب السفر أصلا الوقت مازال باكرا على الاستيقاظ وغدا سنتحدث بشكل مفضل .
إتجه محمود و صفية للأعلى و بمجرد دخولهم قال محمود بتذمر : لماذا عاد الآن كنت على وشك تنفيذ مخططاتي.
فردت تلك العقرب زوجته: كل هذا خطأك أخبرتك من قبل أن تستعجل و تأخذ توقيع والدتك لكنك كنت تماطل و الآن بعدما عاد آدم ماذا سنفعل ؟!
أجاب محمود بكسل و هو يتجه إلى فراشه : سنجد حلا لا تقلقي ، و الآن دعينا ننام.
أما آدم فتوجه لغرفة أدهم حيث وجد حنان تحمله و تغني له أغنية من ثراث بلدها بلغة أمازيغية لم يفهمها تأملها قليلا ثم إقترب منها و قبل أن يتكلم كانت هي تشير له كي لا يصدر صوتا فالصغير قد نام ، وضعته في سريره برفق و قبلته من جبيته بعد أن دثرته جيدا تحت نظرات آدم ثم خرج الإثنان بعد ان أغلقت بابا غرفته فبادر آدم بالسؤال: لما خفت لتلك الدرجة على أدهم بينما يوجد العديد من الحراس و لما كنت تحملين سكينا معك ؟!
فأجابت بهدوء : لأن الأم تخاف على صغارها و أنا أم أدهم و أخاف عليه ثم إقتربت منه و وقفت على أطراف أصابعها لتقول بتحدي و هي تنظر داخل عينيه : ولست مربيته .
إبتعدت عنه مستديرة لتتجه لغرفتها لكنه أمسكها ليقول وهو يطالع لباسها: البنت المحترمة لا تتجول في بيت فيه رجال بقميص نوم يبرز نهديها ، ثم إنحنى ليهمس في أذنها: يا محترمة .
إبتعد عنها بعد أن وضعت يدها على صدرها و اتجهت راكضة لغرفتها و  إتجه هو لغرفته ضاغطا على قبضته و جلس على فراشه ثم فتح هاتفه على صورة فتاة متوسطة الطول بل قصيرة بشعرها الكستنائي و عيونها الزيتونية و أهدابها الطويلة هامسا بتملك: لقد عدت من أجلك فقط حناني لن أسمح لأي شخص أن يراك بعيناي .
أما عن حنان فوضعت يدها على صدرها في محاولة فاشلة منها لتنظيم أنفاسها ثم وضعت رأسها على وسادتها لعل سلطان النوم يزورها لكن مهلا همسه سمعته من قبل هذا الصوت سمعته من قبل متأكدة أنني سمعت همسك في أذني من قبل يا صياد لكن متى ؟!
فوت بليز

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 01 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

جمعنا طفل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن