في مكان ما بعيد عن منزله يخفي جسده الضئيل عن أعين المارة ويختبئ تحت منضدة في شارع حالك السواد إلا من عمود إنارة ذو ضوء خافت لا يُرى منه إلا بسيط.
يأكل شطيرته بنهم ولا يبالي بما فعل منذ قليل ويأمل ان تطفئ تلك الشطيرة جوع معدته وبرودة جسده ، لا يملك إلا سترة ضعيفة ممزقة وشال يلفه حول عنقه ولا يملك حذاء لقدميه فقد تهالكا من المشي والجري هنا وهناك.
لم يكمل صاحبنا انتهاء شطيرته حتى سمع صوت صراخ ياتيه من قرب له ؛
- ابحثوا عنه في كل مكان هنا، هيا لن نعود قبل أن نجده
تذمر أحد الرجال قليلا -لكن يا سيدي نحن بحثنا جيداً ولم نجده، كأن الأرض انشقت وابتلعته
صرخ بهم سيدهم - من انتم لتعترضوا على أوامري، أنتم هنا لتنفيذها فقط، هيا هيا ابحثوا وكفوا عن الثرثرة
"يا مسكين ماذا تفعل الآن قد يجدوك بأي لحظة وينتهي امرك بلا محالة ! قالها الولد لنفسه بعدما سمعهم
محزن ان تكون الحرية في بلدك صعبة المنال او كعقد ضعيف الربط يفرط حباته ولا تستطيع الإمساك به
إما ان تموت وانت تجاهد لتنالها وتطالب بها أو يقطع لسانك فتخرس وتصم وتبقى محبوس في سجن الطواغيت
بقي الولد على حاله دقائق مذبذب الفكر عقله لا يحتمل ما وقع به، ايخرج ويناله ما يناله منهم او يهرب عنهم؟ أم يبقى مكانه ويمسكوا به؟
يبكي بلوعة على نفسه، ولد في عمري من المفترض ان يعيش حياة هنية ولا يشغل نفسه بمهام الكبار وتعذبه الايام وتنهش بلحمه الصعوبات والمشاكل...
رجع بذاكرته قليلا عمّا حدث منذ قليل"
ما إن راى السيد يوبخ اباه عن تقصيره في العمل وعدم دفع إيجار منزله ذهب مسرعا وبات يدافع عن ابيه
-لا تصرخ في وجه ابي ابدا أيها البدين، إنه مريض وعملكم شاق عليه ولا يوجد في قلوبكم الرحمة
غضب السيد وهو يدعى كامل- كيف تجرؤ على الصراخ بوجهي ونعتي بالبدين يا عديم التربية
- لم أكذب بما قلته فأنت تستحق اكثر من ذلك
-هل رايت ما يقوله ابنك يا إسماعيل سأحبسه ليتأدب وليرينا كيف سيتطاول بالكلام ثانية
إسماعيل برجاء:لا لا ارجوكِ يا سيدي لا تفعل به ذلك إنه صغير ولا يعي ما يقول ساجعله يعتذر لك رغماً عنه، ثم ذهب لولده منهراً له -علاء أعتذر حالاً من السيد ولا تتدخل ثانية بما يدور بيننا
علاء بعند-لا لن افعل ذلك ، هو المتغطرس والظالم هنا ولا أرى احد أن يعتذر سوى هو
-تأدب يا علاء ولا تنفذ صبره علينا ولا تتعب قلبي.
ذهب علاء ببطئ ثم قرر ان يعتذر بطريقته وامسك حفنة من التراب وخبأها خلف ظهره وعندما أقترب جعل السيد كامل ينظر له ثم نثرها بوجهه وجرى مسرعا ولم يبالي بصرخ الرجل واستغاثته برجاله ولا بصدمة أبيه ورعبه بما سيفعل الرجل به
..
عاد يندم نفسه على تسرعه لكنه فرح لشجاعته تلك وعدم سكوته عن ظلم ذلك المدعو "كامل" وتمنى لو انه كان كبيرا في العمر والجسد للقنه درسا أليما
قرر الخروج وتوكل على الله وأستودع نفسه لله وقال: ما يحدث فيحدث لم يعد يهم بعد الآن
ركض مسرعاً من مكانه ولكنه تسمر مكانه عندما وضع على كتفه يد ويجهل هو هويتها.
- حرية ضائعة
-نورهان محمد
متنسوش الفوت وكومنت حلو لو الفصل عجبكم
أنت تقرأ
حرية ضائعة
Ficção Geralعندما تركض خلف اوهام وتظنها حريتك ضياع لا محالة، لا تكن دمية مشوهة تلقيها كل يد اقوى منك ، عجيب أن تحصل على ما تريد عنوة إلا حريتك، تتركها للطواغيت يتحكمون بها حين يريدوا ذلك. في النهاية ستتعب عندما تحصل عليها لكن الممتع انك حصلت عليها وقضيت على مخ...