Winter

23 2 0
                                    

في بقعة ابعد ما يكون من مكانك هذا، مازلنا في الشتاء القارص، يجلس ذلك الدب القطبي حزين وحيد، يتنهد من الفنية الى الاخرى بينما تخرج الانفاس الدافئة من أنفه الضخم.
" ليت يظل ذلك الشتاء"

" لما تريده أن يظل ايها القطبي سيتضرر الكوكب"
قال ذلك البطريق الذي اتى متزلجًا على بطنه بين التلال الثلجية الصغيرة حتى توقف بجانب ذلك القطبي و جلس مستندًا على بطن الدب.

" ماذا تفعل أيها البطريق، الا تخف ان آكلك الان؟"

" لن تفعل و انت في هذا الحزن"

قال البطريق واثقا فزفر القطبي بعمق صانعًا سحابة كبيرة من بخار المياه الذي برز في هذا السقيع.

" اقترب ذوبان الجليد، و لن اجد مأوى، سأغرق عاجلًا ام اجلًا"

" يا هذا لما كل ذلك البؤس؟"

لم يكن هذا صوت البطريق الناعس، بل صوت حوت الاوركا الذي اقترب من حافة الجليد مسترقًا السمع لحديث الدب.

" و ما بالك انت و الحزن؟ انت سباح لا تحتاج الجليد في شيء، تصطاد الاسماك و البطاريق و تعود ادراجك بين الامواج متراقسًا، لن تعرف اهمية الارض"

نبث الدب منزعجًا قبل أن يصدر الحوت صوتًا ضاحكًا ثم راح يرش الماء من الفتحة اعلى رأسه لتكون كالامطار التي أتت لتبرد نار الدب.

" لا بأس ايها الدب، جميعنا يحتاج الارض و المياه معًا، خُلقنا في توازن لا يمكننا العيش بدونه، ليس لأنني كائن بحري استطيع الاستغناء عن الارض، فلو غرقت لما استطعت الحصول على فرائسي، و اذا زاد المحيط عن حده تلاطمت الامواج و اصبحنا من الغارقين"

" و ما العمل اذا ايها الحوت؟ كيف نواجه ذوبان الجليد؟ كيف نواجه الامواج التي تنتظر نزولنا الي المحيط لنُدفن اسفلها؟ كيف نستطيع النجاة في عالم اوشك على الانهيار؟"

نبث الحوت مفكرًا لكن اتاه اعتراض البطريق الذي أضاف

" انت مخطيء في هذه النقطة، ربما لا يجب أن نفكر في ذوبان الثلج و يجب أن نفكر في محاولة للنجاة، لكن لا يجب أن نستسلم الى تلك الامواج التي لا نعلم الى اي مصير تودي بنا."

" حسنا اخبرنا ايها الفيلسوف، هل نسبح مع التيار و نجاري الامواج الغاضبة لننجو، ام نجلس مكتوفي الزعانف نبكي على الارض الضائعة؟"

قال الحوت مفكرًا في الامر ، يعلم أن سباحة التيار غير آمنة، الامواج لا تعرف اتجاه محدد، تسير مع الريح هي، بل حتى لا يكمن تخمين اتجاه ثابت للرياح، حتى و أن تنأبنا بها فليس لنا من قرار عليها.

" ربما لا يجب أن تتخلى عن الارض ايها الدب، اصبر فما صبرك الا بالله و لا تخشى النهاية فالله اخذ بناصيتنا جميعا، فقط اسع و ابذل من كل جهد ما استطعت في السبيل، حتى و أن وافتك المنية، كُن فخورًا باثار اقدام على الجليد تركتها دليلًا لأجيال قادمة ربما يستنيروا بذلك الدرب.
و انت ايها الحوت، انتبه للامواج، في احدى المرات ستتخبط و تضيع أنفاسك بين براثين المياه الغاضبة حتى تجد نفسك بين فكي سمكة قرش التي من المفترض انك الاشرس، لكن الافضلية للطبيعة الام، حافظ على تيارك و اتجاهك الخاص، حارب من اجله فتكون ميتتك اشرف و انبل."

و دعنا نقول انه لا داعي للحزن ابدا ما حيينا، فقد قال الله تعالى
" لا تحزن أن الله معنا"

اهداء لكل من صعب الطريق عليه و بدأ يفقد انفاسه، لكل من تاه قلبه بين الامواج و طارت احلامه مع الرياح، تشبث، لا تفارق، اصنع احلامًا اخرى و اسلك طريقًا اخر، حتى تقف بيني يدي الله و لقد اتممت مهمتك و اتقنت عملك، صدقتك القول و الفعل، اتقيت الله في كل ما و من حولك، حينها لا خوف عليك ولا انت بحزين.




*****

قصة قصيرة جديدة اتمنى تعجبكم يا رب،
عارفة أني بقالي كتير منشرتش بس انتظروا اعمال جديدة قريبا ، روايات و قصص قصيرة بانواع مختلفة أن شاء الله تنال اعجابكم و شكرا ليكم♥️♥️♥️

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Apr 30, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

دُبُ الّشِتَاْءُWhere stories live. Discover now