الفصل الثاني

37 1 1
                                    

لم تستطع القيادة بسبب التوتر و القلق الذي كان يلعب بأعصابها المهتاجة، لتطلب من البواب إيصالهما للمستشفى، و هي تناوله المفاتيح بيد مرتجفة، الرحلة التي استغرقوها في الطريق إليه،  كانت مجهولة الملامح تماما، فلم يبقى منها أي ذكرى في عقلهما المشوش. الذي يتلهف الوصول إلى أمهما قبل جسدهما.
بعد دقائق كان عددها مجهولا، كانتا تقفان أمام باب المستعجلات. أماني تروح جيئة و إيابا دون أن تجد شخصًا يطمئنها على حالة والدتها، أما أمنية فكانت تجلس على إحدى الكراسي هائمة في شرود تام و كأنها انقطعت عن العالم الخارجي تماما.
جاءت بيلسان برفقة أمها نارين  و هي تركض بسرعة بينما خصلاتها البندقية التي تركتها حرة تتطاير مع الهواء، وجهها شاحب و طريقة ارتدائها للملابس كارثية فمن الواضح أنها ارتدتها على عجل. حال السيدة نارين لم يكن أفضل نهائيا و قد رفعت خصلات شعرها التي تشبه شعر ابنتها بعشوائية، بينما كان القلق و الشحوب واضحا جدا على قسمات وجهها المتعبة، ما يجمعها بتوليب لم يكن فقط صداقة أو أخوة، بل هو أعمق من ذلك بكثير، هي توأمة روحها و رفيقة دربها، هي كل ما تبقى لها من أهلها!

_أماني. كيف حال خالتي توليب لم أفهم شيئا من حديثك على الهاتف.

ارتمت بحضنها و هي تبكي قائلة بوجع و تشتت

_لا أدري! لا أدري يا بيلسان أمي هي....

قاطع حديثها خروج الطبيب من الغرفة،  كان شابا في الثلاثينات، طويل ذو بنية رياضية، أزال الكمامة من على وجهه لتتضح قسماته الوسيمة الذي ظهر عليها التوتر و التعب جليا، ليجول بنظره على أهل المريضة.
جرت أماني إليه ما إن رأته قد خرج من الغرفة.  بينما نهضت أمنية مغادرة  كرسيها و هي تسير برجلين من هلام، تترنح في خطواتها دون أن تسقط بأعجوبة.
سألته أماني بقلق دون أن تأخذ نفسا

_كيف حالها؟

حاول الطبيب أن يكون عمليا ما استطاع و هو ينقل لهم الخبر، قائلا ببعض الآسف

_لقد أتت في وضعية صعبة جدا استنشقت الكثيرة من الغاز، نحن فعلنا ما علينا لكن رئتها متضررة كثيرا.

_هل هناك احتمال أن... تموت؟

نظرت أماني لأختها باستنكار،  و كأنها ترى أن مجرد التفكير في الأمر جريمة شنيعة،  لكن صمت الطبيب جعلها تتوتر أكثر، و ارتجافه قلبها تزيد أضعافا، فقد كان يؤكد الاحتمال ما دام لم ينفيه!

_أريد أن أراها.

صرحت بها أماني و هي تتجه إلى الغرفة التي ترقد فيها أمها،  ليمسكها الطبيب من ذراها مانعا إياها و هو يقول.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: May 28, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ذكرى التوليب.... الجزء الأول.... نورهان الشاعرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن