مُجرد بداية.

67 4 1
                                    






2015 مارس 24.
(1)
سرتُ بقدماي للخارج قاصدًا مقعدًا صنع من الرخام الأسود وعليه تناثرت نقاطٌ بيضاء فصارت وكأنما هي نجوم الليل تتلألأ من وسط ظلمة الكونِ، بين يداي يستقر كوب قهوةٍ ساخن لعلي أخذته لكي يدفأ جسدي الذي كان يرتجف كلما لفحني الهواء البارد والذي يحمل معه عبق الشجر، أو لعله يقاتل شعور النعاس الذي ساورني والذي يحاول جعلي أفقد تركيزي راميًا بجسدي التعب على إحدى الأرائك والتي لو رأيتها لأصبحت جزءًا واحدًا معها، بيدي الأخرى حملت دفتر مذكراتٍ قديمٍ اهترأ وبان عليه مرور زمانه وبين طياتِ صفحاته كانت قد تلونت باللون الغبِر وتداخل الحبرُ وصار بالكاد يفهم ما فيه ولولا أني قرأته العديد من المرات منذ زمنٍ راح لما فهمت ما صار مكتوبًا، لم أشأ أن أتخلص من تلك المذكرات فهي كانت سببًا في كوني ما أنا عليه الآن، أعمل في مشفى للصحة النفسية اداري هذا واعالج ذاك وهمٌ يعلق في صدري كلما رأيت مريضًا لي يعاني وكأنه هو أنا وما يقاسيه في لحظته تلك يرتد علي فيصيبني من الغمِ ما أصابه فأجاهد ذاتي واعاهد نفسي أن لن أذوق حلاوة الحياة ما دام مريضي يشكوني بائسًا راجيًا وطالبًا من هذا العذاب فقط أن ينتهي.

مرت علي العديد من الحالات فمريضٌ بالاكتئاب رأيت ومريضٌ بالهوس عالجت والعديد منهم ولكن مريضٌ باضطراب الفصام سمعت ومازلت لم أر قط واحدًا حتى، في داخل صفحات المذكرات كانت مريضةٌ تتحدث عن ذاتها والألف ذاتٍ الأخرى التي تسكن داخلها وكأنما هي تؤجر غرفًا داخلها وصار الناس يأتون لها من كل بقعةٍ في هذه الأرض وأوى فيها من رأى للراحة سبيلًا يسيرًا، فصار فضولي يزيدني عناءً فما ألبث لحظةً أعيش الهناء فيها حتى تداهم عقلي اسئلة لا تتناهى وللأجوبة طريقٌ مغلقٌ فتتراجع تلك الاسئلة عندما تعلم أن لا فائدة من خروجها من جحرها.

وربما ببضع كلماتٍ تأثرت مهجتي وصرت أرى أحد أهدافي تلمع في نهاية دربي أن يا ذاتي إن لم تكوني أنتِ فلا أحد سيقدر، صارت كلمتي تنطلق دفاعًا عن اولئك الذين يسكنون المصحات النفسية ويتعرضون للإساءة وكأنهم لا يكفيهم من الهم ما فيهم، دفاعًا عن اولئك الذين كانو ضحايا لمن هم يظنون أنهم الحقُّ بأفعالهم وما هم الحقَّ بالغين، أثبت لهذا العالم ذا الفكرِ الضئيل من هو المجنون هنا ولو كان هذا سيجعلني مجنونًا في نظرهم.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Apr 07 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

من كَاتبُ الذِكرى؟.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن