بعدكِ

14 3 0
                                    

تَخليتُ عن عاداتي القديمة،
هذة المرة و لن أعودَ إليها مُجدّداً، استطعتُ أن أمسكَ هاتفي بيدٍ واحدةٍ
و أتصفحَ بإبهامي كما تفعلين..
ما عدّتُ أتركُ يوماً إلا و نظفتُ أسناني، قد اشتريت أخيراً فرشاة أسنان و معجونًا بطعمٍ النعناع كما تُحبين..
بتُّ أتعودُ على كي ملابسي، و أرش المعطر الزيتي تحت إبطيّ الذان كانا
يخنقاك و أنا أحضنك،
و كيف بوجهك تشيحين..
تعلمتُ أن أجففَ شعري بـ"السشوار"، كُلّما خرجتُ من الحمامِ كما أنت بعد كل مرة تستحمين،
حتى أني ذهبت لطبيب الأنف، ليزيل الزوائد اللحمية من أنفي ليخلّصك من شخيري الليليّ،
كلما استيقظتُ وجدتُكِ للفجرِ لم تنامِ.. أدمنتُ أن أقرأَ كُل كتبك الموزعة بين أرجاء البيت،
في المطبخ،
في الصالة
و في غرفة النوم،
و عرفت أسماء الكُتاب،
             الشعراء، العشاق، الصعاليك
و المتصوفين.
حتى أنّي صِرتُ لا أعودُ للبيتِ إلا بيدي شيء من جرائد اليوم
وكتابين كما كنتِ تحلمين..
ما عدتُ أبصرُ لخلفيات النساء الكبيرة و أصفر بخبث كُلما خرجنا للسوق معاً
و أقرأ عينيك و كيف بسرك تتأففين.. استبدلتُ ماركة سجائري الرخيصة بأخرى أفضل منها،
حينما كنت أدسها في فمك و أنتِ على وقع أنفاسي تدخنين..
بت آكل النقانق،
حساء العدس الأصفر،
المعكرونة بالجبن البلدي،
وأندومي الدجاج حتى أني بت آكل السمك المشوي بالشوكة و السكين! حفِظتُ كُل تواريخ الميلاد،
ميلادي،
ميلاد أول قبلة لنا،
و ميلادك،
حتى أني وشِمـتُهُ على زندي
سبعة، خمسة و تسعه وستون..
باتت اليوم "نجاة" تفعلُ بيّ ما كانت تفعلُ بك،
و ها أنا أتمايلُ كما كنت تتمايلين حين سماعها، و كنت أسخرُ و أنت ترقصين..
لم أدركْ أنَّ للقهوةِ هذا السّحر في المذاق و الفعل!
و أصبحتُ أصنعها بالطريقة التي تُحضرينها و بمقدار البُن و بنفس الكوب لأدرك جهالتي و لو بعد حين..
عشقت قطة جارنا و بت أستلطفها جداً و أقدم لها الحليب
و أمسدُ على فروها الناعم كما كنت تفعلين مع قطتك التي غادرتني بعد موتك بساعتين..

 
حيدر غراس/العراق

كلمات على الرصيفWhere stories live. Discover now