صليب : دَمٌـ باهِت

147 29 38
                                    

كانت عينيها كـ حقولِ الذرة الزاهية
قلبها كان كـ الرمال يتشكل على البحار
قلبها و آه من قلبها
----

مرت الأيام و بمرورها كانت ماريام تهوى صرعًا في عشّق تايهيونغ
و تايهيونغ كان يمنع حدوث كل شيء بينه و بين قلبه و بين ربه
لم ينسى تايهيونغ ديانته بعد و لكنه لا يستطيع البعد عن ماريام
حتى و إن غفت رمشاه تظهر له في حُلمه
ذات مرة حلم أنها وسط حقول الذرة تتراقص بـ قدميها العاريتين على بركة ركدة مِن الماء و الحيوانات و الشجيرات تستمع لها و تراها
لم يستطع منع نفسه حين ذاك من القرب منها تلمس خصرها الهمس في أذنها بقوله لها
" آه كم أعشق ما تُطئي به قدمك ، ما لُذت بالفرار من عينيك قطعًا
و حاولت حاولت يومًا أن أقر لكِ بالهيام و لكن لساني كان مربوطًا و عيناي كانتا النواطق "
لا توجد كلمات في اللغة الإنجليزية أو الفرنسية أو حتى العربية تصف بسمتها حين ذاك
و لكنها اقتربت منه تهمس في أذنه بـ همساتٍ رقيقة كـ ريش الطيور
" أستيقظ يا حبيبي "
-
كان يسير بين الأزقة و في عقله آلاف الآلام و الصدمات لا يعلم ماذا يفعل كيف يقع لها ، كيف قلبه الميت منذ وفاة أخته أن يدق
أغمض عينيه يتذكر صراخها حين ذاك
حين أمسك مسدسه و أطلق اربع طلقات في أباه
حينما أفرغ كرهه و ما يحمله فيه و لكن الغضب كان عامِ لعقله
لدرجة أن إحدى الرصاصات اخترقت قلب أخته الصغيرة
و التي سقطت هامدة على الأرض بعدما أسقطت في قلبه دقات الرعب لـ دقائق
جثتي الأب و الإبنة أمامه و الدماء الباهتة تملأهما صرختها المدوية في عقله مع المناجاة بإسمه " لا تايهيونغ لا "
هو لم يرد أن يقتلها ، هو لم يرد حتى أن يقتل أباه
و لكنه كان يعتدي على صغيرته ! كان يحاول أن يرى و يتلمس بقذارة ما تخفيه طفلة عمرها ٧ سنوات كم هو دنئ
تذكر حينها جسد أخته البارد و هو يحتضنها بادئًا بالإنهيار عانقها إلى النهار حتى باتت دماءها ملتصقة في جسده كالجزء منه
كان غير واعٍ لما فعله فقد كان مجرد طفل في الثامنة عشر من العمر عائدًا من المعبد اليهودي القريب منهم تاركًا جزء من قلبه في المنزل بعدما اطمئن أن هذا الأخرق المدعي بـ والدها ابتعد عنهم تمامًا
لكنه لم يعلم أن هذه كانت آخر مرة يحتضنها
بعد عدة أيام حاول تايهيونغ الفرار من المدينة التي حدث بها كل هذا
كان ملقى في الشوارع لا مأوى له و لا غذاء ، كان يشحذ النقود كي يأكل و رغم كل هذا كان يطعم القطط الصغيرة حوله
--
طرق الباب بعصاه ثلاث طرقات كي تفتح له
ماريام التي اعتبرها جزء من المنزل مع قطتها الصغيرة البيضاء
لكنها لم تفتح ، أخرج مفتاحه بهدوء ثم فتح الباب دخل خطوتين إلى الداخل لـ يجد ماريام في المطبخ تعطي ظهرها له تدندن بـ لحنٍ هادئ
اقترب منها بلطف يعانق خصرها واضعًا ذقنه على كتفها لـ تبتسم في هدوء ملتفتة له برفق تضع يدها على جبينه ترفع خصلاته التي على عينيه
" سيد تايهيونغ "
وضع سبابته على فمها ينظر لعينيها بعمق ثم اقترب يضع قبلة على شفتيها الكرزتين اتسعت عينيها بصدمة لا تعلم ماذا تفعل و لكن سرعان ما عانقت يداها رقبته بينما يديه كانت حول خصرها كإشارة أنه ينتظر مبادلتها و قد كان بالفعل بادلته و في قلبها الطبول تقرع

ابتعد عنها بصعوبة لتتنفس بينما كانت
وجنتيها حمراوتين ساخنتين إثر كسوفها
نظر يبتسم برفق رافعًا خصلات غرتها من على عينيها واضعا إياها وراء أذنها ثم تذوق ما تفعله كانت تخبز كعكة الفراولة والتوت
" رائعة "
ابتعد عنها بعدما تذوق العجين بينما الأخرى في ذهول تام
أعطاها ظهره ليصعد إلى غرفته ولكنها أوقفته سريعا ممسكة معصمه
" هل تبكي ؟"
شعرت بدقات قلبه المضطربة إثر أنفاسه الضعيفة
التفت لها ببطء ينظر لها بكل وهن و أعين حمراء إثر كتم الدموع
قربته منها بهدوء لتدخله داخل عناقها بهدوء شديد جدا ثم جلسا كلاهما على الأرض لـ يقص لها كل ما في عجبته ما قام به مع أخته و أبيه و لكنه لم يخبرها كيف يعشقها و كيف يريدها بجواره طوال الوقت انهى حديثه ينظر لعينيها بهدوء لتبتسم ناطقة بينما أناملها تمر بين خصلات شعره بلطف
" أنت لست مخطئًا ، فقد كان الزمان قاسٍ عليك ، سيغفر لك الرب و ستسامحك أختك ، أتعلم أنا أرى دائما طيف لـ فتاة صغيرة تحميني في هذا المنزل ، أيضًا هذا الطيف هو الذي وجهني إلى مكتبك الصغيرة ، ربما اختك ريتا هي التي قامت بتجميعنا سويا "
انهت حديثها بقبلة على جبينه تحمل وجهه بين يديها تنظر لعينيه بكل هيام
" ماريام أريد أن اخبرك بشيء آخر "
هزت رأسها تريد أن تستمع ما يريد قوله
" أنا أشعر أن كلمة أحبك كلمة قليلة على ما يحتويه قلبي من مشاعر
أنا أعشق أنفاسك يا ماريام ، أعشق ما ترتديه من ثياب ، أغار من قطتك ، أغار من عينيّ و هما تخترقانك ، أغار من الماء على جسدك ، أغار من الهواء على وجنتيكِ ، أنا أهيم بكِ يا حسناء ، أحبك يا فراشتي ، لا أريد البعد عنكِ حتى لا أريد الذهاب للعمل "
كان ينهال عليها بالجمل العاشقة يتغزل في جمالها ، لم يعد يستطع البعد عنها بعد الآن و كأن بها سحرٌ ما ، و كأن وجودها يجعله سعيدًا
اقتربت من أذناه قائلة
" أنا أيضًا أحبك يا داوود "
----
أوشكت صليب على الإنتهاء .

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
🎉 لقد انتهيت من قراءة CROSS. 🎉
CROSS.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن