قوتك الواهية

0 0 0
                                    

كم هو سيء حين تظن نفسك قويا ؟!
وتدرك فجأة انك ضعيف ..
لا بل قد تكون الاضعف من بين جميع مخلوقات الله بسبب عضو صغير يرقد في القسم الايسر من جسدك ينبض هناك بهدوء !!
أنتي بنت قوية!!!!
لطالما ابتسمت في نفسي لاعتزازي بنفسي .. بقوتي ( المزعومة ).. بجبروتي وكبريائي وبكل الصفات القاسية ..
تلك الصفات القاسية كانت ترسل للناس رسالة مفادها :
هنا يوجد اميرة تتربع على عرش في قمة برج، وهذا البرج محصن ضد جميع انواع واشكال الاذى، وعلى قمم هذا الحصن تربعت تلك الصفات القاسية وتراصت بقوة لحماية هذه الاميرة!
لطالما قالت لي امي اني ابدو طفلة حين ابتسم .. ولطالما فكرت في نفسي بأن امي هي الوحيدة التي علمت كم انا ضعيفة في داخلي ..
لقد قاسيت ، عانيت في هذه الحياة منذ عمر صغير ، ولم يكن السبب في هذه المعاناة شخص معين ، بل هي مواقف .
اذكر تماما اللحظة التي شعرت فيها اني تجاوزت سنين من عمري لاصبح فجأة فتاة في الثلاثين من عمرها ..
ذلك اليوم المشؤم .. يوم خيانة ابي لامي ..
لن اضع الكثير من المقدمات في الحديث عن الموضوع..
فمشاعري يومها لا توصف ..
لازلت اذكر وانا في الرابعة والعشرين من العمر مشاعر فتاة في الرابعة عشر قرأت ما يقوله ابوها لامرأة اخرى غير امها ..
شعرت ان الكون قد تزلزل من حولي ..
وكأن الكرة الأرضية فجأة اصبحت كحبة رمل تسقط في الهاوية ..
سرت في جسدي رعشة من الكهرباء !!
جعلت لون اصابعي صفراء واختفى اللون من الصورة الملونة وطغى على المشهد اللون " الرمادي" ليس الفضي بل " الرمادي " ..
الرمادي القميء..
اذكر يومها صرخات اختي ..
أؤمن يومها بأن جسدها لم يتحمل قسوة هجوم المشاعر فخرجت من جسدها عل شكل صراخ ..
كرهت ابي..
كرهت الرجال ..
كرهت نفسي ..
كرهت امي ..
كرهت كل شيء ..
كرهت ابي لخيانته ..
كرهت الرجال لانني ادركت بأن الرجل الوحيد الذي كان من الممكن ان يمزق صورة المنزل الملون لم يدخر الفرصة بل استفاد منها لخدمة نفسه ..
كرهت نفسي لاكتشافي فجأة بأنني ضعيفة وبأن حصوني القوية ما هي الا وهم وأني لا قوة لي ..
كرهت امي لانها كبتت في نفسها ولانها احبت ابي من بين كل الرجال والاهم لانها انجبتني ..
لم يكن ابي بذلك السوء ..
كان رجلا حنونا كريما معطاءا ..
يحبنا كثيرا ويهتم لامرنا كثيرا ..
ولكن يوجد بعض الخطايا في هذه الحياة لا تغتفر ..
كخطيئة ابي ..

مر الزمان ..
وبدأت في المغالاة بإظهار صورة لا تشبهني ..
صورة خدعت الجميع فعلا ..
وأظهرت للناس بأني لا اقهر ..
وبأن لا شيء في هذا الكون يكسرني ..
وبأن الاميرة البريئة تحولت لمحاربة شمالية لا تمشي دون اسلحتها ولكن ...
حين يأتي الليل وتختفي الاصوات ويحل الصمت ..
كانت هذه المحاربة تزيح هذه الاسلحة لعلها ترتاح من ثقلها ..
كانت تزيل القناع ليظهر هرمها وذبولها ..
اعتقدت لفترة طويلة بأني لن أشفى مما حصل ..
" في حال توقف ابي عن الخيانة "
ولكنه في الواقع لم يفعل ..
لذلك ..
كان الجرح يزداد في العمق ..
والخوف والضعف يكبران في داخلي ..
ازدادت الشراسة في قلبي
كلما شعرت بضعفي وبأن جرحي يلتهب
كنت ارتدي قناع القوة والجبروت
وكأن الحرب بداخلي صامتة لا احد يسمع صوتها غيري ..






زارت الحرب وطني ..
زارت الطامة وطني ..
جاء مع زيارتها توقف الوقت ..

انا حرفيا لا اذكر اين كنت في هذا العالم في عمر المراهقة ؟؟
اشعر باني لم امر على مراهقة في حياتي ..
فالحرب هه..
قتلتني ..
اغتصبتني ..
دمرتني ..
افقدتني كل ما هو انساني ..
لن انكر بأن هنالك اناسا قد تضرروا في الحرب جسديا ونفسيا اكثر مني بكثير ولكن ..
ساسمح لنفسي هذه المرة فقط ..
بأن لا استهين بألمي ..
فإن كانت خيانة ابي قد جعلت المشهد رماديا، فإن الحرب قد حرمتني إياه ايضا .. لكيلا يبقى سوى السواد
في كل مكان !
لن تمحى من هذه الذاكرة 8سنين من الحرب والالم .. الارق .. الرعب .. الخوف

15.3.2023

ممنوع دخول السعداءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن