نزلت من سيارة والدها ثم حملت تلك الحقيبة التى يبدو أنها ثقيلة بعض الشيء ، حاولت إدخال بعض خصل شعرها النافرة من حجابها الأبيض إلا أنها لم تستطع لذا زفرت بيأس ، قاطع شرودها بتعديل حجابها نداء والدها لها :
" يا رُسل"ذهبت لتجيبه فأردف لها :
" متتعبيش نفسك وتشيلي في الشنط أنا كلمت البواب بتاع العمارة اللي هنسكن فيها وهو هيجي يشيل معايا ، اقعدي جنب والدتك ومتشيليش هم حاجه يا حبيبة بابا "ابتسمت من حنان والدها ثم جلست في السيارة بجوار والدتها حتى جاء البواب الذي سيدلهم على مكان شقتهم الجديدة بعد أن ضل والدها الطريق
سمعت تذمر أختها الصغرى وهى تردف :
" هو احنا هنقعد نلف كده كتير يا ماما، أنا تعبت مش فاهمه الحاج أشرف بينسى كتير كده ليه "-" مش هنبطل قلة أدب يا" ريتال" وبعدين ايه الحاج أشرف دي اسمه بابا فاهمه يا مقصوفة الرقبة انتِ "
قاطع تذمر الصغيرة صوت والدة" رُسل" وهى ترمقها بحده ليعلو صوت رُسل مهدئًا :
" خلاص يا " ريتال " يا حبيبتي محصلش حاجه وانتِ كمان يا ماما خلاص البواب جــ .. وايه دا ؟! "صاحت آخر كلماتها بفرحة وهى ترمق المكتبة التي تقبع آخر الشارع بلهفة شديدة وكأنها فازت بالياناصيب أو ما شابه
ويبدو أن والدتها كانت تتابع نظراتها من البداية لذلك وقبل أن تكمل أحلامها قاطعتها والدتها :
"انسي لأ مش دلوقتي ، مش هتضيعي فلوسي عالروايات "
نظرت لوالدتها بلطف أو ليس بلطف حتى أكون صادقة الأمر أشبه بنظرة ذلك الجرو الذي يوجد في كل شارع عندما يكون معك عظمه وياللعجب لم تتحمل والدتها نظراتها لذا أخرجت بعض المال لها وقبل أن تعطيه إياها حذرتها :
" حاولي متتأخريش لأننا خلاص وصلنا يعتبر وعشان متتوهيش احنا عمارة ٣٧ افتكري كويس تمام "
قالت آخر كلماتها استفهامية لذا أومأت لها الأخرى وهى تأخذ المال وتطير على المكتبة وأكاد أجزم بأنها كانت تطير بالفعل فتلك ليست سرعة مشي إنسانة أبدًا .
_________________________
يقف في مكتبة والده التى يعمل بها في أوقات فراغة ، فهو يعمل مدرسًا بإحدى المدارس وبما أنهم في العطلة الصيفية فهو يقف في المكتبة يسلي وقته
تزامنًا مع تنظيفة لإحدى الأرفف العالية وهو يقف على سلم عالى بعض الشيء دخلت تلك الهوجاء إلى المكتبة وهى تصيح بصوت عالٍ مما تسبب في إفزاعه ووقوعه من فوق السلم ليصتدم بالأرض
والأخرى تتابعة بغباء.ارتفع تأوهاته وهو يسب ويلعن في صاحب أو صاحبة الصوت الحميري الذي أفزعة لذا رفع رأسه من الأرض وهو يحاول الإعتدال والأخرى انتبهت على نفسها لذا وأخيرا تفضلت لتساعده وتمد يدها له
والغريبة أنه أبى المساعدة ونهض واعتدل بنفسهارتفع صوتها وهى تسأله :
" انت كويس يا أستاذ ؟ مش تركز وانت واقف على سلم عالي كدا كان ممكن تقع تتدشمل "نفخ بغيظ وهو يجيبها :
"وأنا كان ايه يعرفني إن فيه واحده هتدخل تصوت في المكتبة تفزع اللي موجود كدا ، المهم تقدري تتفضلي تشوفي هتشتري ايه لأني هقفل "أخذت تبحث في عدة أرفف حتى قابلتها الرواية التي تريدها ولكن ياللحظ كانت في آخر رف وتلك البائسة التى لا يتجاوز طولها المائة وخمسه وخمسون سنتيمترًا تصيح بالأسفل كان بإمكانها مناداه صاحب المكان الذي يبدو من مناداة أحد الزوار للمكتبه أنه يدعي " أحمد " إلا أنها لم تناديه
فالطبع لن تخبره أنها تريد رواية تحت عنوان ( اغتصاب ولكن تحت سقف واحد ) تراهن أنه سوف يطردها خارج المكتبة وينعتها بلفظ مشين.لذا لم تستسلم وأحضرت سلم .. احم بالواقع هو نفس السلم الذي كان سببًا بسقوط المدعو " أحمد" منذ قليل ، ويبدو أن هذا السُلم منحوس فبمجرد أن وقفت عليه وكادت أن تحضر الكتاب المطلوب تسببت في وقوع جميع كتب الرف بأكمله.
شهقة عالية خرجت من " أحمد" وهو يرى الرف الذي استمر عدة ساعات في تنظيمة يقع ويقع معه كل تعبه لذا صاح بصوت عالٍ هذه المرة بعدما فشل في التحكم بذاته :
" انتِ جايه تجلطيني يا ست انتِ ، مادام انتِ شبر ونص ومش طايلة الرواية ليه ليه تضيعي تعبي طول النهار "
ثم أكمل بنفس النبرة دون مراعاة لتلك التي ترتجف من الخوف وتكاد تبلل سروالها :
" انتِ مش معقولة لأ انتِ حد مسلطك عليا حرام عليكِ ياشيخه دا أنا لسه ضهري بيوجعني من الوقعة اللي وقعتها بسببك "حاولت الدفاع عن نفسها والتبرير له فأردفت :
" أصل بص اسمعني يا أستاذ أحمد السلم هو اللي وقعني أيوا صدقني والله السلم دا فيه حاجه ومحبتش أتعب حضرتـ..."قاطعها وهو يستغفر ربه ثم سألها :
" أنا آسف يا آنسه اتعصبت عليكِ ،شوفي حضرتك عايزة رواية ايه أو كتاب ايه وأنا أجيبة لحضرتك من غير ما تتعبِ نفسك "تحمحمت وهى تهمس له :
" رواية تحت سقف واحد "ارتفع حاجبه وهو يسألها :
" مش سامعك يا آنسه على صوتك "-" بقول لحضرتك رواية تحت سقف واحد "
حاول كبح ابتسامته إلا أنه فشل لذا سألها مجددًا :
" انتِ تقصدي رواية اغتصاب ولكن تحت سقف واحد ؟"أومأت له وهى تحاول مداراه خجلها بصعوبة تجزم أن الأرض لو انشقت وابتلعتها أهون عليها من هذا الموقف التي هى به الآن
أحضر لها الرواية ودفعت له حسابها وخرجت بسرعة حتى أنها لم تعي لهاتفها الذي سقط منها هناك
إلا أنه انتبه له أثناء إغلاقه للمكتبة وحاول اللحاق بها لكنها كانت قد اختفت لذا حمله معه لحين وقتٍ آخر تبحث فيه عنه .
__________________
أنت تقرأ
فراندا
Short Storyأخط بيدي معكم عملي الأول والذي أظن أنه الأخير برحلة مجنونة بعض الشيء من قرارات منتصف الليل الغبية والمتهورة تحت عنوان " فراندا " ماذا لو التقيت بشريك حياتك في صدفة جميلة لتصبح صدفة خير من ألف ميعاد ؟. " من يُعيد الحياة لقلبٍ انقطعت نبضاته ؟!". # فرا...