بارت 1: الرجل الغريب؟

4 1 0
                                    


بدأت الحافلة رقم 56 بالتحرك ،  كنت جالسا بجوار شخص غريب يلبس قبعة سوداء تغطي وجهه. كان الطريق طويلا،فوضعت سماعاتي،واكتفيت بالنظر للنافدة.كانت البنايات عالية، بالكاد أرى قمتها.كانت الحافلة هادئة ، كل الناس هادئون وكل واحد يحمل هاتفه وينظر فيه.لم أرتح فيها، حتى وإن كان عمري 18 عاما،فمازلت أحس أنني بعمر8سنين. لطالما كنت وحيدا ومنعزلا عن هذا العالم. آه . . . أتذكر أول أيام الإبتدائي، قد كنت وحيدا ، بعض التلاميذ يحقدون علي لاجتهادي ، حتى أنهم آذوني كثيرا. فللآن أنا لا أثق بأي أحد كان، إلا أمي . . . كانت الشخص الوحيد الذي كان يخفف عني آلامي .
بدأ الرجل الغريب ينظر في وجهي ، فأدرته بسرعة تجاه النافذة ، كنت قلقا. فهذه أول رحلة لي وحيدا.ابتعدنا عن البنايات كثيرا ، وكأننا نمشي وسط غابتين كثيفتين.مرت ساعات وساعات، وبدأ الليل بسدل عباءته السوداء. كنا على بعد 500 كلم من وجهتنا ، بعد مرور بضع دقائق ، توقفت الحافلة. كانت كل الأنظار متجهة إلى السائق.فوقف وقال :
_أعتذر إليكم لكني أظن أن البنزين قد نفد ، ولا وجود لأي محطة قريبة هنا .
عم الصمت الحافلة ، إلى أن نهض رجل وقال بصوت جهوري عالي:
_كيف هذا؟ ألم تملئ الحافلة قبل؟
_لا ملأتها لكن يبدوا أنه كان هنالك ثقب في الخزان.
_ماااذاااا؟؟ ومن قد يفعل هذا ؟
فجأة بدأ ضجيج الناس يتعالى، وكانوا يلقون التهمة على بعضهم البعض.حتى أتى إلي رجل وقال:
_ولما لا تكون أنت من فعلها؟ فخلال الطريق كلها وآثار القلق على وجهك؟؟
بدأ ركاب الحافلة بالتجمع أمام المقعد الذي كنت جالسا عليه، وهم يتهمونني.فجأة،نهض الرجل الغريب الذي كان جالسا بجواري وقال بصوت عالي ارتج له المكان:
_هل تتهمون فتى يسافر وحده كل هذه المسافة.أنتم بلا رحمة!!
صمت كل من كان بالحافلة وعاد كل واحد منهم الى مكانه.
كان الكل مستاء من مصيره،فنهض السائق وقال:
_إن عددنا 24 ، فلما لا ندفع الحافلة حتى نصل إلى محطة وقود ما؟
قال رجل والغضب يستشيط من عينيه:
_يال غباء أفكارك ، هناك نساء يا هذا!! وأيضا لن نخرج لدفع الحافلة فقد أعطينا نقودا وهذا خطؤك.
عم صمت مهيب المكان،حتى كسرته فتاة أظنها أصغر مني بأعوام قليلة:
_لماذا نتخاصم الآن ، ونحن جميعا بهذا المأزق.فما علينا إلا التعاون، وإن شاء الله سنعود لديارنا.
قال لها رجل باستهزاء:
_وماذا تخططين للخروج من هنا؟
_يجب علينا تفتيش المكان ، وإن كان حظنا حظا فسنجد شخصا ما هنا!
_ومن سيخرج في هذا الظلام؟!!
_قل لي أنك تخاف من الظلام ؛-؛؟
_هي ، أنا لا أخاف منه !!
_حسنا من معي؟؟
لم يرفع أحد يده، واكتفى كل واحد بتجويل عيناه بالمكان. فقام الرجل الغريب برفع يده، ورفعت أنا الآخر يدي. لم أدر لماذا؟ لكن أشعر أن شيء ما سيحدث لهذه الحافلة. . .
ابتسمت الفتاة وقالت:
_هيا اتبعاني!!
قال السائق:
_لا تتهوري، فنحن لا نعلم ما تخبئ لنا هذه الغابة!
_ يا لكم من جبناء!!
خرجَتْ من الحافلة وتركت وراءها حشدا من الرجال يستشيط غضبا ، فتبعها كل من في الحافلة إلا السائق.قد كان خائفا من النزول من الحافلة!
بدأت الفتاة تنظر إليه وقالت بصوت عالي وباستهزاء:
_اُخرج أيها الجبان! فستبقى وحيدا هناك. اتبعنا فهذا خير لك!
_لا أستطيع ، فهذه الحافلة تعني لي كثيرا !!
_اُخرج بسرعة أرجووووووووك!!
قالتها كأن هناك شيئا ما سيحدث! ركضت تجاهه وجذبته بقوة إلينا،ثم أمرتنا بالركض بعيدا عن الحافلة. تبعناها ، بعد لحظات ، فإذا بالحافلة تحترق بسرعة شديدة. قالت بجدية:
_يبدو أن شخصا ما وضع قنبلة بالخزان ،ويمكن أن يكون بيننا . . .
كلماتها هذه تركت قلقا ظاهرا على أوجه الركاب. وقد بدأ الأطفال بالبكاء.كنت أكره بكاء الأطفال،حتى أني ضربت ولد عمتي دون قصد بسبب بكاءه،مازلت نادما على هذا. اتجهت عند الفتاة كي أتعرف عليها،فوجهها مألوف لدي.
_أعرف أن الأمر غير مناسب للحديث،لكن هل من الممكن أن تخبريني باسمك؟فقد بدى لي وجهك مألوفا . . .
_لا عليك ، فالحياة لا تمتلك في قاموسها كلمة "وقت مناسب"، إسمي 《زمرد》، أما أنت فأظن أن اسمك 《آنس》 أليس كذلك؟
_اا ... نعم اسمي كذلك ، لكن كيف عرفتي؟؟؟؟
_يا أيها الأبله، أَ أختك لا تحدثك عني؟؟ أنا صديقتها المقربة، وأعرف كل تفاصيل حياتها... أكثر منك حتى!!
تذكرت أن كل مرت كانت أختي تريد الحديث معي أقاطعها ، فلهذا لا أعرف شيئا عنها ؛-؛ .
_لقد أشفقت عليه،اُنظر ، إنه يتألم لفقدان حافلته. لم أرد سحبه هكذا . . . لكن من أجل إنقاذ حياة الآخرين يجب فعل المستحيل!
_ألم تخافي أن تحترق الحافلة بالوقت الذي كنت تسحبينه؟
_لا . . . لم أخف فقد أصبح الحريق شيءا عاديا في حياتي .
_ماذا سنفعل الآن؟
_انتظر هنا ، سأخبر ذاك الرجل الذي كان يجلس بجوارك عن خطتي، فهو من يتمكن بالتحكم في الركاب.
في هذا الوقت ، اتجهت الى السائق لؤونسه:
_أنا آسف لما حل بحافلتك. لكن تبقى حياتك الأهم!
وقال والدموع تسري من عينيه:
_لم تكن حافلة عادية!!!! فقد كانت . . .

مدينة الأمل المفقود...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن