بارت2: البحث عن نجدة...

5 1 0
                                    


_لم تكن حافلة عادية!!!! فقد كانت أشبه بأمي،فلما كان عمري خمس سنوات،أذكر أن أمي توفيت بسبب سائق حافلة متهور. فمن ذاك الحين،و أنا أعد نفسي بأن أكون سائقا متميزا! وقد كان ذلك صعبا ، فلم أكن أُقْبل . . . حتى أهداني مديري هذه الفرصة التي ستنتهي مأساوية. يا ليتني سمعت وصيت أخي رحمه الله، ولم أصبح سائقا. . .
أكمل كلماته هذه، وبدأ يبكي بكاءا حارا. أظنه حساس جدا بسبب صدمة وفاة والدته. بدأت أخفف عنه شعوره. فعانقني وقال:
_أعرف أني أصبحت بعمر 24 عاما ، لكني أعاني من مشاكل نفسية،تتركني لا أتحكم في مشاعري. فأرجوك سامحني على كل ما سببت لكم حتى الآن.
كانت هذه أول مرة يعانقني فيها شخص، عانقتني أمي مرة واحدة في حياتي خوفا من العقاب. . .
كنت أشفق عليه فجلست بجانبه، وبدأت أتحدث معه. آه . . . كم كنت أحتاج إلى شخص يخفف عني آلامي.
بعد مرور الوقت، أتت عندي 《زمرد》وقالت:
_انهض فقد بدأنا الخطة !
_أي خطة، وماذا عن اسم لها!
_أهذا وقت مناسب لتلقيبها.
_اُنظروا من قال أن الحياة لا تملك في قاموسيها  كلمة "وقت مناسب"!
_كم أنت سخيف !
_شكرا !
_ألم تغضب؟
_لا قد اعتدت على السخرية .
_أه. . . آسفة .
_لا عليك .
_بسسسس . لا تقل لأختك أنني اعتذرت لك!
أصدرت ضحكة خفيفة،فهي لا تهاب ما يحدث لنا الآن، وتفكر في أبسط الأمور.
بدأت تركض واستدارت نحوي قائلة:
_هيا اسرع !!
تبعتها قائلا:
_قد وجدت اسما للخطة !
_ وماهو !
_لن أقوله الآن، حتى أعرف محتواها!
_إن كان هذا ما تريد!
وأخيرا وصلنا لمكان مزدحم بالناس. يقف على جدع شجرة عالي الرجل الغريب. بدأ ينظر في وجهي بنظرات توشي بشيء غريب.تبعت 《زمرد》إلى أن وصلنا بجانبه . قال بصوت عالي:
_يا أيها الركاب ! قد وجدت الآنسة 《زمرد》 خطة لإنقاذنا،والآن استمعوا لها.
وقفت 《زمرد 》بدورها على الجدع وقالت بصوتها العالي:
_احمممم ،إن الخطة تعتمد علينا.فبالبداية فكرت كثيرا هل نفترق لمجموعات أو لا، والجواب كان لا.لأن فرصة نجاتنا تكمن في تعاوننا. قبل إتمام الخطة، يجب على كل واحد وضع أمامه كل مايملكه من أكل وشراب وملابس كي نتقاسمها. أما عن الخطة ، فهي كالآتي:
سنتجه عند أقرب منزل سنراه ، ثم يمكن أن ننتظر فيه حتى يصبح الصباح ، هذا إن عثرنا على المنزل قبله.ثم نكمل طريقنا في الصباح،حيث سيكون نظرنا واضحا. من لديه اقتراح آخر. وأيضا إن فشلت الخطة فلا تتهمونني، فسيكون اختياركم إما تتبعي أو ...
قاطعها صوت قائلا:
_لن أتبعك !
بدأ الضجيج يتعالى، وأغلبية الناس مع ذاك الشاب الذي أخيرا ظهر. اتجهت《زمرد》نحوه، ووقفت أمامه قائلة:
_ماسبب اعتراضك لخطتي، وهل لديك اقتراح آخر؟
صمت وقال باستفزاز:
هههههههه.نعم لدي أسباب!!
استدار كل الركاب نحوه،منتظرين ما سيقول .
_أولا كيف لنا أن نثق بك و أنت مثلنا، و ماذا إن كانت نيتك أن تستغلينا، وبعد نجاتنا تقتلينا. ثانيا هذا رأيي. أما أخيرا،وإن لم تنجح خطتك هذه، فماذا سنفعل؟؟
بدأ الكل يتجه بجانب الشاب ، وأحست 《زمرد》بشيء من الظلم،فكيف له قول هذا وهو لا يعرفها.ذهبت للطرف الآخر ، حيث يوجد 《آنس》 و الرجل الغريب ، وانضمت لهم حديثا أم وطفلها.قالت 《زمرد》:
_أظن أن الرحلة ستكون بعض الشيء صعبة ، فنحن فقط خمسة.
قال الرجل الغريب بثقة:
_لا عليك، فأنا وهذا الشاب،سنحميكما.
كنت أستغرب منه كثيرا، فمنذ بداية الرحلة وأنا أتجاهله،مازلت لا أثق فيه . لا أدري لما يصر على الحديث معي...
ضحكت 《زمرد》 ضحكة خفيفة،فجأة تذكرت السائق وقالت:
_ هل رأى أحدكم السائق؟
_لا .
قالت الأم:
_أظن أنه ذاك الشاب الجالس هناك.مرت ساعتان وهو على ذلك الحال.
قالت《زمرد》:
_سأذهب لأطمئن عليه.
اتجهت 《زمرد》 نحوه بسرعة.
وهنا انصدمت"زمرد"،فقد كان السائق مطعونا في بطنه! أسرعت "زمرد"نحو حقيبتها،وأخرجت منها علبة طبية.كنت أستغرب من سرعتها حتى أخبرتني بالحدث.أسرعنا نحو السائق وحمله الرجل الغريب فوق ظهره.أخذناه لمكان خال من الأشجار وأخذ كل واحد هاتفه وشغل به الإضاءة بعد ما طلبت منا "زمرد"فعل ذلك.كانت أختي تدري الطب،وأظن "زمرد"أيضا.أخذت الأخيرة مستلزماتها وبدأت بعملها.بعد مرور ساعاتان على ما أظن، وأخيرا سمعنا صوت السائق الذي تحطمت الآمال لمصيره.قلت:
_هل تتذكر من فعل بك هذا؟
_لا، فقد كان يغطي رأسه بقناع أسود. . .
صمت الكل ، وقالت "زمرد":
_لا يمكن أن نكمل سيرنا، فالسائق يحتاج إلى الراحة.
قالت الأم:
_لا بأس فصحته أولا.
قال طفلها وهو يرتجف من البرد:
_لكن، أين سننام؟
أشفقت لحاله فأعطيته معطفي ،فشكرني كثيرا.بالنظر للأم وطفلها، أظن أنهما غير ميسوري الحال،لكن فرحين ودائما مبتسمين ،حتى مع صعوبة الأحوال.نام السائق على الأرض، ووضع الرجل الغريب فوقه معطفه.نمت في ذاك البرد القارس على أرض لن تعرف الراحة فوقها.من كان يظن أنني سأنام في غابة مع أشخاص لم أرهم من قبل.كم أشتاق لمنزلي، وسريري وأشتاق لأختي.أما الباقي فأظن أنني ارتحت من ذاك الضجيج الذي أنام على مسمعه وأستيقظ على نفس الحال.

مدينة الأمل المفقود...حيث تعيش القصص. اكتشف الآن