البداية..

29 3 4
                                    

" حافظي عليه ولا تنسي "   
                                           ~~~~~~~~~~~~~~ 
كانت هذه الكلمه عالقاً في ذهن احدهم..
مع انها منذ اعوام مضت..
اعوام ينظر الناس إليها انها كانت افضل ذكريات لهم..
مع انهم ربما لم يدركو ذلك حينها..!
و قد نُطقت هذه الكلمه من فم رجل عجوز قد تعدي السبعينات من عمره..يدعي"بلال".. وقد كان بشوش الوجه ، طيب الخلق ، ذا سمعة طيبه عند اهل الحي.. ولم يكن هناك ملا يعرف هوايته المفضلة والوحيده ايضاً.. لانه ماكان اي يوم يمضي الا محملا ببعض الكتب في يديه اليمني واليسري إلي عائلته.. وقد تم في عام"2006" ببناء مكتبة احلامه في بيته المتواضع وكان يقضي معظم وقته ينظف كتبه بحب كبير..و كان الرجل العجوز إذا احب ان يقراء يذهب إلي مكتبته ويخلو إلي نفسه فقط حتي كانت تعلق زوجته "إميلي" عليه بقولها :
"انه يكاد ان يكون في عالم اخر" ولاكنه ايضا مع كونه شخصا يحب الانفراد بنفسه كان يحب ان يأخد حفيدته "سارا" معه عند زياره مكتبته... لقد زرع فيها بلالا حباً للقرائه من صغرها.. وكانا مثل الصديقين فعلا.. وكان يعجب الناس من توافقهما معاً اذ تذهب معه في كل مكان،، وكانت الفتاه تري فيه الاب والام والصديق والاخ ،، بينما كان" بلال" يشعر بشئ ناقص ايضا عندما تغادره.. ومع ان بلال كان له احفاد اخرون إلا ولسبب غير مفهوم كان يحبها كأنها الوحيدة بين احفاده،،
وكما كان رجلا كبيرا في السن ولاكن لم يكن هناك ليل يمضي إلا عندما يقرأ ل سارا كتابا من كتبه و يسمع رائيها فيها.. ومع ان الكتب احيانا كانت لاتناسب فتاه في سن السابعه مثلها إلا انها كانت فتاة نبيه وتفهم ما يقصه عليها جدها.. وكانت ترمق "سارا" ذلك العجوز الذي يتكأ علي عصا بنظره حب وحنان عندما يختار كتابا من كتبه ليبداء بتلخيصه لها.. وكانت من اسعد اوقات حياتها عندما تخرج مع جدها فيشتري لها بلال عصيرا و يجلسون علي الرصيف وهم يشربونه،، وكان من اقسي مامرت به عندما مرض" بلال" مرضاً شديدا ورأته "سارا" بهذا الحاله فحزنت و بدات بالبكاء ولم يكن" بلال "مع شده مرضه يستطيع تهداتها وطمأنتها.. لكنه حاول اخبارها انه بخير فذهبت بجانب فراشه وسمعته يقول انه سيبقي معها دائما ولن يفارقها.. فرتاح قلبها وهدات..
وفي اليوم التالي استيقظت علي صوت امها" ماري" و التي قالت لها انهم سيذهبون الي جدها لشتداد المرض عليه .. فقلقت عليه" سارا "جدا وبدات دقات قلبها تتسارع ولاحظت امها انها ترتعش ايضا فقلقت عليها لانها كانت تعلم شدة حبها لجدها،، ولكن الام لم تستطع اخفاء خوفها ايضا لانها تعلم ان مرض بلال خطير.،، و عندما وصلو إلي بيت جدها جرت سارا إلي سرير جدها وكم كانت فرحه بلال عندما رائها لكنْ السعاده لا تكتمل دائما إذ اصاب الجد نزله زكام حاده وبدا يصعب عليه التنفس وشيا فشيأ سمعت سارا صوت جهاز التنفس فنظرت إليه ودق قلبها بسرعه كبيره عندما رات ان جدها يلفظ اخر انفاسه...، ربما كان يدعوها البعض ب الصغيره حينها لكني اظن انها منذ تلك اللحظه لم تعد صغيره.. ولم تفارقه صديقته المفضله ولو ثانيه بعد ما امسك يديها ولفظ اخر انفاسه.. كانت تلك اللحظه من اصعب اللحظات التي مرت بها إذ ترا جدها بل صديقها الحميم مستلقي علي الفراش لا يتحرك.. و للحظه تذكرت المفتاح الذي اعطها اياه وقال لها بصوت متقطع وغير واضح :
" حافظي عليه ولا تنسي "
ظلت تلك الكلمات في ذهن" سارا".. مع انها من الكلمات القليله جدا التي تتذكرها إلي لان و نستطيع القول ان هذه اللحظه غيرت سارا إلي الابد.. كما كانت تاتيها صوره جدها وهو يمد لها يده ليحتضنها وهو في اخر عمره بقيت في ذهنها دائما لا تفارقها ولم تعد من بعدها تلك الطفله البريئه التي كانت منذ ايام، بل صارت لا تبالي ولم تعد تلك الطفله المرحه التي كانت تريد الحلوي كل يوم وتحطمت احلامها التي كان جدها جزاء غير صغير منها..

~~~~~~~~~~~~~
كانت "سارا" تلك الفتاه صاحبه الشعر البني والعيون السوداء تتأمل السماء الصافيه وتتذكر تلك الايام وهي تكاد تكون في عالم اخر.. عالم الفكر الذي يأخد من يريد إلي من يحب..وربما العالم الوحيد الذي يكون فيه الانسان سعيدا..،، كانت ساره غير واعية لنفسها لوقوفها تحت شجره لساعه كامله إلي ان اخرجتها اختها من عالمها الخاص بصوتها المرح و المعتاد قائله :
- سارا
ردت سارا بصوتها الامبالي كلعاده :
-كيارا! لماذا اتيتِ
- رايتك منذ مده.. ولاتزالين تقفين هنا هل من شئ..؟
ردت سارا قائله بعد اخذها نفسا عميقا :
- لا..
وظلو صامتين إلي ان قطعت كيارا الصمت قائله :
- لدي خبر مُفرح لكِ
- ما هو..؟
قالت كيارا بمرح :
- فلتسبقيني إلي المنزل اولا...
وجرت "كيارا" بسرعه.. وكلعاده كانت "سارا" تعرف انها لن تستطيع اللحاق بها بسهوله فخلعت حذائها وبدات ب الجري علي العشب..احيانا تتزحلق،، واحيانا اخري تقفز.. لقد كانت "سارا" تحب المرح لكنها كانت جاده بعض الشئ و كان الاخوان يحبان بعضهم جدا مع ان شخصيتهما مختلفتان.. لاكن كان كل منهم يفهم الاخر...
وجرت "سارا" حتي كاد ينقطع نفسها في حين ان "كيارا" كانت وصلت منذ زمن.. وتلون فستان سارا بالاخضر من اثر العشب حتي كانت ستبكي.. ولان سارا مع كونها شخصا لامبالي و كئيب احينا لاكنها كانت حساسه جدا وتبكي علي اي شئ... كأنها تنتظر اي شئ لتبكي علي ما مضي وعلي مالم تستطع ان تبكي عليه في يوم ما.. وصلت سارا للمنزل عند غروب الشمس ودقت الباب..،،
توقعت "سارا" ان اختها من ستفتح الباب لكنها رات وجها بشوشا ، كبيرا في السن ، شخصا لا تغيب من وجهه البسمه ، عجوزا تلبس فستان بنفسجي يليق عليها..
ثم قالت سارا :
- ماري..!
- اتسعت البسمه علي وجه العجوز وقالت في حنان مع صوت ممزوج بين شهقات البكاء و الفرح :
- ابنتي..
- امي.. اشتقت إليکِ
- كيف حالك يا سارا..
- حل وقت لا يتعدي دقيقتين من الصمت ثم بدات سارا بالبكاء.. كان حضنا يُنسِي الالم و يبدل الاحزان فرحا..
كان لدي "سارا" منذ صغرها خوفا علي عائلتها وقد زاد هذا الخوف عندها بعد ما حدث ل" بلال".. وكانت تخشي علي امها كثيرا ليس لانها تسافر لوحدها بسبب علاجها و مع كبر امها ف السن فقط ولا لانها تحبها جدا بل زاد عندها هذا الخوف لان امها كانت مريضة بنفس مرض جدها.. فكان وجود امها بجانبها طمائنينه لا تعادل اي شئ في الدنيا..
- اخبريني يا امي كيف كان علاجك..؟
قالت المرائه العجوز بصوتها الرقيق :
- بخير والحمدلله..
وبعد ان ذهبت "ماري" إلي فراشها لترتاح قامت "سارا" وعلي وجهها ابتسامة غامضه... ثم ذهبت،،
وفي طريقها الي غرفتها رأت "كيارا" فنظرت إليها وابتسمت واكملت طريقها للدور العلوي ولقد ادركت ان رؤيتها لائمها كان ذلك الخبر السعيد..
استلقت "سارا" علي سريرها واغمضت عينيها ببطء ..
صوت!!... قد هئ ل "سارا" انها سمعت صوت يقول :
"لاتنسي"
لكنها لم تعلم هل تخيلت ذلك ام ان ذلك حقا..
ولكنها لم تهتم لانها كانت متعبة جدا من هذا اليوم ولانها كانت مدركة انها يجب ان تستيقظ غدا باكرا من اجل شئ حقا لا تتذكره..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الكاتب / ࢪقيـه أحمد
                                    The black cat ♡/

A n o t h e r _world حيث تعيش القصص. اكتشف الآن