1_حتى الرمق الأخير

590 22 0
                                    

Enjoy~

--------------------------------------------------------------


بالنسبة لفتاة فقدت والدها في سن الرابعة ووالدتها قبل بضعة أشهر لم تكن تعيش حياةً بذلك السوء....لا....في الواقع كانت في أفضل أحوالها.....

"عمت مساءا يوشيدا_سان!"

هتاف رقيق بكلمات حلوة بنبرة دافئة حطت على مسامعه.....لطالما اعتاد مراقبة تلك الفتاة بابتسامة هادئة وهو يراقب كيفية تفاعلها اللطيف مع بعض الزبائن....لم يكن المقهى كبيراً جداً....ولكن بالمثل لم يكن فارغاً من الزبائن..... الجميع يرتاد هذا المقهى نسبة ً للمعاملة الطيبة التي يتلقونها فيه.... والفضل الأكبر في ذلك يعود لشابة معينة ذات عينين حمراوتين....

بعد خروج تلك الفتاة....

بعد وفاة والدتها التي كانت مريضة لفترة طويلة بالفعل لم تقم بترك اي وظيفة من وظائفها ذات الدوام الجزئي.... سابقاً كانت تحتاج لتوفير كثير من المال لإبتياع علاج واحتياجات والدتها...و كشخص قاصر لا سبيل له للحصول على المال سوى الوظائف ذات الدوام الجزئي قامت بتقديم استمارة للعمل في عدة أماكن متفرقة...ببساطة المال الذي كانت تجنيه كان كافياً لعلاج والدتها ولإطعامهم وايوائهم....

"آه لا داعي للقلق....فقط أشعر بالغرابة في جسدي..."

راقبت الحوار الصغير الدائر بين فتاة وصديقتها....من الواضح أن قائلة الجملة السابقة كانت تشعر بالتوعك بطريقة غريبة ومجهولة...اعني هي لا تعاني من اي أمراض ولم تتناول طعاماً غير مستساغ لمعدتها...أو هذا على الأقل ما كانت تفكر به الفتاتين.....

بالنسبة لشخص يرى شيئاً أشبه بالوحوش متعلقا بخصر تلك الفتاة لم تكن مرعوبة جداً....لا... هذه ليست أول مرة ترى فيها هذه المخلوقات....هي لا تفهم آلية عملها حقا لكن يبدو أنها الوحيدة في هذا الشارع من تستطيع رؤية هذه الأشياء ورؤية الهالة الفيروزية المحيطة بكل البشر....هي أيضا لا تفهم كيفية استطاعتها لتحويل الهالة حول جسدها إلى ما هو اشبه بالسلاسل والقضاء على تلك الوحوش ببساطة....و... أجل لا يبدو أن هنالك شخص قادر على رؤية سلاسلها أيضاً.....هي لا تفهم...وفي الواقع..لا تريد الفهم....كل ما يتعلق بالامور الخارقة لم يكن يستهويها... كل ما يتعلق بإنقاذ الضعفاء لم يكن يجذبها..هي في الواقع لا ترى ضرورة لمساعدة هؤلاء الأشخاص....ففي النهاية لطالما كانت وحيدة تجاهد وحدها من دون أي مساعدة.... هذا ما كانت تفكر فيه بحق لكن يبدو أن إرادة والدتها هي من تحرك جسدها...

~سيرين .... ما وُجِد الاختلاف إلا لأخذ بصيرتك وعالمك لوجهاتِ نظرٍ احتسبتها خطئاً.... وفي الواقع لم تكن إلا حلاوة لم تتمكن من تذوق حبها حتى لحظةِ النهاية....~

~سيرين....ما وُجِدَت القوة إلا لإنقاذ الملهوف... وإعانة من كان بالخطر محفوف...~

~سيرين... حتى وإن تعرضتي للإساءة...تذكري دوماً... أن الرب سيجازي كل شخص حسب عمله...تذكري أن فعل الخير سيعود لك بالخير...~

~سيرين يا حُلوَتِي....اسعدي هذه الأم واتبعيها للنعيم...~

لم تكن سيرين من النوع الذي يهتم بالآخرين على الإطلاق..في الواقع هي لا تنتظر اي شيء من اي أحد....ولعلم والدتها بهذا الأمر أصابها القلق....بعد ذهابها من سيعتني بسُكَرَتِها؟.... لطالما تميزت والدتها بقلب رقيق نقي...لطالما كانت الهالة التي حولها مريحة للغاية للنظر إليها....بمجرد الجلوس بقربها ستغمرك السكينة....على عكس ما كان يبدو عليها فتلك الفتاة تعتز بوالدتها حقا... ولأجل إثبات هذا الاعتزاز قررت تلبية رغبتها وتنفيذ وصيتها....

~ايا أُمَّاه....سأبذل جهدي وسأنقذ واساعد الآخرين...فارجوكِ...عانقيني مرةً أخرى..~

نحيب ونشيج ملأ أركان المنزل الفارغ.... القدرة على إخفاء مشاعرها وضبطها... هذا بالفعل ما تتميز به تلك الفتاة....وبالفعل ما يريده صاحب العينين المراقب لها....

"يا صغيرة..."

صوت أشبه بفحيح الافعى تسلل لأذنها.... بذات العينين الدامعتين وبدون أي ارتجاف صغير رفعت رأسها للشخص الذي خرق مساحتها الشخصية....

"انت مثابرٌ جداً أيها العم..."

في الواقع هي لم تكره هذا الشخص....لا...لقد كان يحمل ذات النظرة التي اعطتها لها والدتها...نظرة حلوة ولكنها صارمة بذات الوقت....

"بففف-....تبدين مضحكة جداً... سيرين الصغيرة..."

تظاهر بالضحك على حالتها أثناء محوه لدموعها بإبهاميه....لكن عيناه كشفت كل شيء لها... هذا الرجل وبكل تأكيد عانى ما هو مشابه لحالتها....تعاطف ؟.... شفقة ؟....لا.... هذا لم يكن خارجاً من عيني ذلك الشخص.... الأصح أن عيناه كانت تنضح بالحياة والأمل....كأن تلك العيون تحثها على العيش واستكمال الحياة.... كأن تلك العيون تدعوها لإظهار أحلى إبتسامة...هي لا تعلم لماذا...لكن وبكل بساطة تلك العيون تشعرها بالبهجة....

"ألا زال ذلك العرض قائماً أيها العم ؟...."

تسائلت بهدوء أثناء اهدائه ابتسامة صغيرة....

"بكل تأكيد سيرين الصغيرة...."

لا تزال نبرته حلوة.... أعطاها عناقا جانبيا وهي لم تمانع...بكل بساطة هذا الرجل يروق لها....

"انتي مستعدة بعد كل شيء لتنفيذ وصية والدتك ؟...ستعملين على إنقاذ الأبرياء والضعفاء في النهاية ؟...."

"حتى الرَّمَقِ الأَخِير"


--------------------------------------------------------------

جانيه 🥺💙

إِختِلاف || غُ. سَاتُورُوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن