اصابعها تعزف ببطء على مفاتيح البيانو مغمضة عينها تعزف وكانها تجلس امام جمهور الكرة الارضية كلها تراقص اصابعها مع الانغام تحرك رأسها بنشوة تركض بخيالها للظلام تبدأ بالانحدار للاسفل تنتشي مرة اخرى تعيد انجاز الانغام ببراعة تمل منها فتعزف غيرها تكاد تحطم البيانو من قوة عزفها لا شئ يضاهي فنان متألم كل شئ يجلس راكعا له ان اطلق العنان لذلك الفن المؤلم
يلتوي اصبع من اصابعها عند نغمة ملتوية لتتأوه بألم
:تبا لك
تنهض وهي تنظر للمرآة ذلك الشعر الاسود كليل حالك السواد تلك العيون الذابلة من البكاء والنحيب وتلك الشفاه الممزقة من عقابها لنفسها ترتدي فستانها الليلي اسود كما السماء وتضع سماعاتها في اذنها وتنطلق للمشي والضياع نعم تريد الضياع ليتها تهرب من حياتها وتذهب الى حياة اخرى تركض فيها في المروج تأكل من الطبيعة وترقص وتغني ويلفح الهواء شعرها
لكنها احلام اجل كلها احلام فها هي وقعت من دراجتها بعد اصطدام احدهم بها
مستلقية على الارض تنظر باستغراب الى السماء :(في عقلها ) لماذا لا يوجد نجوم هذه الليلة
ليخرج رأسه ذلك الشاب امامها ناظرا اليها بتعجب مخربا لوحة السواد التي تنظر لها
الشاب: هل انتي بخير
عيونه جميلة جدا وهو ينظر بتعجب
اردف الشاب مرة اخرى : يا انسة هل انتي بخير
نهضت وهي تتذمر وتقوم بتنظيف فستانها الاسود من الاوساخ
امسك الشاب يدها
نظرت اليه
الشاب : لقد تأذيتي
تكلم مشيرا الى جرح على يدها
غاصت هي باعماق البحر اقصد باعماق عينه
اما هو فامسك يدها مستفسرا عن ان كانت قد تأذت لا يعرف انها صنعت هذا الجرح بنفسها
: *تتكلم بهدوء شديد مع نظرها لعينه * انه سوار
رفع حاجبيه باستغراب شديد ليردف :سوار !!
: اجل هل هو جميل
تدور الآن في عقله فكرة انها مجنونة ليبعد الفكرة بفكرة اخرى من منا ليس مجنونا كل شخص مجنونا بطريقته
ترفع دراجتها عن الارض وتركبها لتنطلق وتمرح مع الهواء والاغاني في عقلها
ينظر هو لها من بعيد وفي عقله الف فكرة ليركب سيارته هو ايضا وينطلق
تلك الذكريات تأبى الاختفاء تجعل كل جزء من جسدي يألمني
ارجوك اختفي اريد التنفس
جالسة على الرصيف بعد مداهمة الذكريات والشعور بالعجز والخواء تنظر بهدوء شديد الى الشارع
والى سرعة السيارات المارة متخيلة نفسها ترتطم من سيارة الى اخرى
تستمع الى اغنيتها المفضلة التي تقول
لا احد يريد حبي
لا احد يريد المي
على وسادتي بدون سلام احلم بالشر
حتى اليوم الاخير ، حتى صيفي الاخير
قدري ملعون
هذه الروح ليس لها مأوى ،
هذه الروح ليس لها صوت
تنهض من مكانها مع تشجيع الشيطان الذي يرقد بعقلها
وتتمشى ببطأ نحو الموت
اغمضت عينها منتظرة ذلك الالم الذي سيجري بجسدها
لكنها شعرت بلفحة هواء وشخص التقط يدها وسحبها
نظر الى وجهها وابعد خصلة من شعرها مرمية على وجهها وقال : افتحي عينك لم تموتي
فتحت عينها وابتسمت
: لم اموت اذا كيف وصلت للجنة
ابتسم هو ايضا ليستمرو بالنظر الى بعضهما
انه نفس الشاب الذي صدمها قبل قليل بطل قصتنا المجنونة هذه
الشاب : هل سنبقى هكذا طويلا
عدلت نفسها وابتعدت
ليعود هو ويتكلم : يبدو انك يائسة هل تريدين الحصول على حلوى
ضحكت بخفة : حلوى
الشاب : اجل
هي : موافقة
اصطحبها مشيا الى مقهى يشع الوانا وبهجة واصواته مرتفعة
دخلا لينظر لها طالبا منها ان تطلب ما تريد اردفت هي مكلمة النادل :اريد قطعة من الغيوم
رفع النادل حاجبيه بأستغراب
لينظر الى الشاب الذي جانبها طالبا منه توضيح
الشاب قال وهو ينظر لعينها بعمق : هل لديكم غزل بنات
اردف النادل مجيبا : لا انا اسف
رفع الشاب يده وطلب منها ان تمسك بها : لنذهب لأكل قطعة من الغيوم
جالسين على العشب تحت ضوء القمر يستمتعون بغزل البنات وينظرون لبعض من فينة الى اخرى ويبتسمون
ليقوم هو بالتكلم : ماهو اسوء شئ واجهتيه
نظرت هي بتفكير لتجيب :انا
استغرب الاجابة ليقول : كيف هذا
: انا الاخرى التي تكرهني وتجرني الى اشياء سيئة
الشاب : ماهي تلك الاشياء
: اشياء سيئة للكبار ليست لعمرك
ضحك بخفة ليقول : انا اكبر منك
نفت برأسها ما قاله ليرد هو : لنرى كم عمرك
بينما تأمل غزل البنات بنهم قالت : ثمانية عشرة
ليضحك هو بقوة ويستلقي على ظهره
نظرت هي بأستغراب شديد وضربته بخفة على يده ليتوقف عن الضحك ويقول : اتعرفين كم عمري
: كم
الشاب :تسعة وعشرون
: اذا هل انا الآن طفلة بالنسبة لك
قال وهو يبتسم : لا لستي طفلة
: نظرا لما يحصل معي انا لست طفلة
الشاب: ماذا حصل
اشارت الى السماء وغيرت الموضوع لتقول : لماذا لا يوجد نجوم في السماء هذه الليلة
ليجيب هو على سؤالها : لانني موجودة
ابتسمت بخفة كانو يبدون كأب وابنة الفتاة الصغيرة تسأل ابيها والاب يجيب
ولأول مرة هاهي تضعف امام شخص لتبدأ عينها بذرف الدموع
سكت الشاب واستمر بالنظر الى السماء اجل لقد اكتفى بالسكوت
لقد ماتت
نظر هو لها باستغراب ظنا منه آن أحدًا قريب منها قد فقدته