الفصل السابع والعشرون

187 3 0
                                    

الفصل السابع والعشرون
هذه الأرض التي يمشون عليها الآن شهدت هوانهم ... شهدت أن حقوق النساء بحياتهم مبتورة ...
وأن ظهورهنّ تصدعت من كثرة السقوط بلا سند....
وأما الخواطر... فكسرت بأول نظرة خذلان وتخلي ...
مع اول صفعة غدرٍ وتجبر...
باول غصة غُرست مخالبها الوحشية بقلبها...
الآن وبعد سنوات حيث يجلسون بقصر الوالي كرجال اشداء احتاجت وجودهم بكلماتهم القوية لأخذ حقها ...
بمؤازرةِ أسود تسندها وقد تراخوا عن حملها ......
بينما جعلوها تفقد النبض الخفيض الذي يوصلها بوريد الدنيا
أعتمت الالوان بعينيها و فقدت الحياة بريقها ....
بدأت تتخيل حال جلستهم ... و انسهم ... وضحكات عمران المباركة ترتفع بأذنيها
تبا ! ألا يتذكرون بكائها الذي زلزل جدران القصر العتيقة ....
ألا يتذكرون أنها انحنت وكَسرت نفسها... وقبلت الأيادي ... لأخذ حقها ممن فضحها و أعتدى عليها ...!
" لهذه الدرجة يعد الأمر شيئا عاديا .."
شهقة حادة كسيفٍ باتر شقت طول صدرها فألمته وهي تتنشق بتعب مُهلك .... !
نظرت لنفسها بمرآة الحمام ... فتلمست وجهها الندي الذي شحب بمجرد أن قرأت رسالة محمود ...
" عرفت من ايوب الآن انه لم يخبركِ أننا مساء اليوم سنخطب له حفيدة الوالي التي "اختطفها" كرري قراءتها مرارا قبل أن تحكمي ...
أردت أعلامك فلكِ كل الحق بمعرفة الأمر....
صدقيني هذا الحل اسلم حل ... حتى لا يقدم على ما هو سيء بحقه .. ويضيع بدوامة الحقد !
انا لا أبرر الآن تصرفْ أيوب فانتي امه وادرى الناس بسريرته و أنهُ ما خبأ الامر إلا خوفا عليكِ لكن آن الاوان لنضع حدًا لانتقامه حتى لا يؤذي نفسه ... "
خرجت من الحمام بعد أن بكت بفيضٍ بداخله ... مبتعدة عن نظرات أولادها...
استندت على مقبض الباب ... ومشت ببطئ كمن شُلت اطرافه من اي شعور ...
تنفسها بدأ يثقل... والهواء بدأ يخفت من رئتيها حتى اختنقت ... دلكت موضع قلبها بتعب ...
وخلال لحظات سقطت جالسة على الأرض
دخل كريم لوالدته متحمسا ليريها ما رسمه.... وعندما نظر إليها سقط الدفتر من يده ....
فترت ابتسامته الواسعة تدريجيا واختض جسده بصدمة قوية وهو يرى وجهها المحمر بشكل غريب .... تتنفس بسرعة كأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة.....
صرخته زلزلت البيت ... مناديا على امه بارتياع ... هذا المشهد لن يفارق مخيلته و عينيها الدافئتين تشخصان مبيضتين مع انهيار جسدها هامدًا على الأرض ... !
*******
وقفت ملاذ بجانب نهلة تفرك يديها الباردتين بتوتر جم....
بينما ديالا تنظر إليها بحزن لا يعد غريبًا ، يتجلى سافرا داخلها كلما لمحت ارتباك ابنة عمها ...
همهمات الرجال والنسوة الذين حضروا للتو أعادت لها مشهدا آخر يقبع بذاكرتها بنفس التفاصيل
يوم خطبتها من مؤيد ...
انقبض قلبها عند ذكر سيرته ...
وبصعوبة نفضت تلك الأفكار السوداء عن رأسها .... حتى لا تصيب ابنة عمها بوبال فأل شؤمِها ...
فمهما كان تعد ملاذ افضل حالا منها ..
يكفي انها ستتزوج ممن تحب ...
لن تكون فديا او مجبرة على زواج قد يذيقها الويلات ....!
دخلت النساء إلى الغرفة برفقة سراب التي استقبلتهن بأنفة جُبلت عليها ... بينما ملاذ جلست بمحاذاتها بعد أن سلمت عليهن ... تطرف النظر إليها بين حينٍ وآخر تستمد القوة منها ... كلما نظرن النسوة إليها
قالت هند وهي تتطلع إلى ملاذ الخجلة... تفصلها من رأسها حتى أخمص قدمها مما زاد من توتر الأخرى
... ابتسمت هند متعاطفة .... تنهر نفسها وتنهر رفضها لهذه المصاهرة لكن صوتها المحتد فضح ما أسرته
" دخولك للعائلة يعني لنا قدوم ابنة جديدة يا ملاذ... وبإذن الله سنكون عائلتك الثانية "
ثم نظرت إلى نهلة الصامتة .. وقالت برقي وبذات النبرة التي تدل على قوة التي أمامها
" أيوب غالٍ على قلب الجميع ... و زوجة الغالي غالية ... لن نقصر بها يا ام أمجد "
بحدسها استطاعت نهلة أن تدرك أن هند رافضة لهذه الخطبة ....
الماضي كفيل لأن يشعل جبهات الحرب بين جميع الأطراف حتى المحايدين ...
قالت نهلة بتملق وهي تنظر ناحية عزيزة وامها التي حضرت أيضا
متعمدة الضرب على وترٍ حساس بصداقة هند وام ايوب
" ام ايوب إمرأة طيبة لن تقصر "
هتفت هند بحدة كارهه لاقتصار الامومة على عزيزة فقط ....
" ام محمد أصيلة رعت أيوب ... "
ثم خفتت نبرتها وهي تقول بهدوء متداركة الموقف
" وعلى الخطبة الأساسية ستأتي أم ايوب معنا "
ابتسامة ساخرة شقت شفتي سراب
التي ترى أن هذه ليست جلسة خطبة وإنما حرب باردة تتراشقها نساء بينهن بكل ... كل سخف !
التقت عينيها المحمرتين بتوهج غريب بعيني ديالا التي حدجتها حتى لا يسترق أحد ما وينتبه لسخريتها...
" كيف حالك دكتورة ... "
أجفلت ديالا لبرهة لكنها ردت على ترحيبها مبتسمة برقة تميزها ..
بينما تابعت هند مسترسلة بالحديث معها ..
" ستعقد دورة اخرى لحقوق المرأة.. لكن هذه المرة عذرك ممنوع حضرة الدكتورة ... وجودك كطبيبة تبرهن ضرر الاذى الجسدي والنفسي مهم جدا لأجل حقوق المعنفات .."
تشنجت ديالا وخطوط الضرب على جسدها تؤلمها ثم
ابتلعت ريقها الذي جف ...
هل ما تطلبه معقولا؟؟؟
بينما سراب رمقتها بغطرسة كبيرة و نظراتها تعيد حديثا موجعا
دار قبل فترة بينهما ...
وبكل تشفي عينيها نطقت بذات الجملة
" باب النجار مخلوع"
اكتفت سراب بهذا القدر من هذه المحادثات المملة ...
متوجهة إلى أقرب مكان قريب على
مجلس الرجال!
****
قبل ان يرن الجرس معلنا عن وصولهم ظل أمجد جالسا بغرفته ... بينما ديالا أتته قائلة بتحذير …
" أمجد لا تنفعل عندما يأتون أرجوك ... هذا سيضر بملاذ..."
زأر غاضبا... وهو يهز قدمه بقوة
" وهل غيرها ، ما يسكتني! ... "
ابتسامة رقيقة خطتها شفتيها الجميلتين
وهي تهمس بنبرة هادئة …
" محظوظات نحن بك .."
زحف الشحوب لوجه أمجد ...
قائلا بأعتراف مرير يلوي حلقه
" ربما لو كان لدي أخ أشد عضدي به... او لديّ أب يوجهني لأتصرف بشكل صحيح ما نالت احداكن اذية من أي رجل بالعالم اعرف اني لم اشكل فارقا ايجابيا بحياتكن"
رنين الجرس ايقظه من غفلة اعتراف يجرحه ...
نظر لعينيها الغائمتين حزنا يوازي حزن قلبه....
لكنه تجاوزها ذاهبا للمجلس ... وهي ذهبت إلى غرفة الاستقبال الخاصة بالنساء
////
مد ايوب يده ناحية أمجد ...
ملامح ايوب هذه المرة بدت ظافرة رغم غلبته باللقاء السابق ...
" أمجد الوالي "
صاحب القبضة الفولاذية التي حطمت وجهه ...
ضغط ايوب على نواجذه … لتبرز عضلة خديه أمام أمجد... الذي رمقه بنظرة قاتلة ... متوعدة بلكمةٍ قريبة!
عندما دخل ايوب قصر الوالي شعر بكهرباء تسري اسلاكها لتصعق جسده
همسٌ راجٍ برأسه ... يلح عليه
" تراجع... تراجع .."
لكن
" وقت الرجوع قد فات .. عن اي انسحاب "
ارتفع صوت محمود جهوريا .. ليضحد التوتر المشحون
" خير الكلام ما قل ودل .... نحن رجال و الرجل يربط من كلمته ... لذلك أتينا اليوم كما تعلمون لطلب يد حفيدتك المصون ... "
اخفض الوالي نظراته القوية...
واصابعه المجعدة تمشي فوق ازرار المسبحة ببطء ..
بينما صوت الحبات يزيد من توتر ايوب...
هدر الوالي اخيرا بصوت قوي ذو مغزى
" بالماضي طويتم صفحة من عندكم .... واليوم نطوي صفحة من عندنا ... لكن ...."
صمت قليلا ... بينما الكل يتطلع إليه بترقب... وهو صوب نظره ناحية ايوب مباشرةً ... ثم قبض على سبحته داخل كفه
" لكن هناك شروط .... اولها لا تؤخذ الفتاة حسابا على ما مضى "
رد محمود عليه مقاطعا
" لا تزروا وازرة وزر أخرى .. لا تقلق من هذه الناحية ... وانا لو رأيت الأمر كذلك ما قبلت الاتيان لطلب يدها .. لدي ابنة ايضا أخاف عليها "
ضغطٌ شديد كان يمر به الوالي ...
النسب لا يعد شيئا منطقيا... صغائر الأذية لا تنسى فكيف بكبائرها ...
ويبدو أن ابنة عمران ستدفع اوزار أبيها ... وزرا وراء الآخر!
اتصال عمران صبيحة اليوم أكثر ما أثار استغرابه ...
كيف عرف بأمر الطلبة ...
ولماذا شدد بأمر الموافقة عليه... كيف له أن يزجها وقودا لهذه النار...
لدرجة كاد أن يتوسل بها ...
والجواب الاكيد ..
أن جنية جدها الحمراء والمؤيدة لهذا الارتباط
هي من أخبرته!
كل شيء كان يمشي على عجل ... كمن يخاف التراجع بأخر لحظة ...
قراءة الفاتحة بنية التوفيق ... والبت بأمر فيد العروس...
و تعين موعد الخطبة ….
وعندما وصل الأمر للنساء وقفت ام عزيزة لجانب ملاذ تقبلها بسعادة مبالغة وهي تطلق زغاريدًا رنانة جلجلت القصر...
تخضبت وجنتي ملاذ بحمرة محرجة ...
بينما نهضت بعد مدة هاربة لغرفتها ....
قلبها يقرع كدوي الطبول .... نعم هي سعيدة ...
لكن جانبا ما منها خائفٌ تائه
… يرفض هذا الفرح ...
الآن تحديدا أدركت كم تحتاج
لحضن والدها .. كما احتاجته عديدا من المرات ….!
///
جالسون بجانب شقيقتهم...
كريم يستند برأسه على كتف زلفى
يتنشق بكاءً... و انجود تمسح دموعها بصمتٍ قبل أن تسقط على خديها ...
داخلها يصرخ اتهاما
" ايوب وجه النحس هو السبب.. "
تماسك زلفى الزائف كاد أن يسقط قناعه ...
خرج حازم ابن عمها محمود من الغرفة التي بها والدتها ...
بينما نهضوا ثلاثيتهم إليه ... فقال بتريث
" لا تقلقوا هي بخير... دعوها ترتاح قليلا!"
كتفت زلفى ذراعيها...
شاعرة أن خلف تلك النظرات التي تتهرب منها ...
شيءٌ ما لا يريح...
قالت انجود بتلهف ...
" هل نستطيع رؤيتها "
ابتسم مطمئنا ... قائلا بنبرة عملية
" صدقوني هي بخير ... فقط اتركوها ترتاح ... و صباحا سترونها... دعوني اوصلكم لمنزلنا اللية "
قال كريم بصوت محبط مرتعش
" تقصد ... ان أمي لن تعود معنا للبيت ؟!"
تغضنت ملامح انجود و عادت لكرسيها مخفضة رأسها لتبكي ...
بينما زلفى وقفت بالوسط متعبة حائرة...
قال حازم بهدوء … وعينيه ترمقان انجود التي تبكي
" سأتصل بابي ... ليأتي حالا "
قاطعته زلفى بحدة ... وهي تنهاه
" لا ... اقصد اذا كانت امي فعلا بخير كما تقول ... فلنصبر حتى صباح الغد ... "
هز حازم رأسه موافقا ...
بينما قال أمرا لانجود و كريم
" حسنا اذا انتما تعاليا معي هناك غرفة فارغة افضل من الجلوس هنا ..."
///
" أريد رؤيتها ... "
بينما الجميع يتناولون أطباق الحلوى المقدمة لأجل الخطوبة ... بعد أن قدمت النساء للمجلس
حيث الجميع تواجد إلا هي !
نظرت سراب إلى ايوب ... ووضعت بفمها قطعة حلوى كبيرة ... تلوكها باستفزاز بينما ترقص حاجبيها .. رفضا !
زفر ايوب أنفاسه... حانقا منها
خلال لحظة... شاهد نزولها على الدرج تتهادى على قلبه قبل أن تضع قدمها على درجة جديدة ...
ازدرد ريقه ... بينما هي اخفضت رأسها سريعا عن نظره ...
أمسكت جدتها بها لتجلسها بجانبها ... بينما
احمد يرمقها بنظرة مستخفة ...
اجفلته زغرودة أخرى انطلقت من فم حماته
فشتمها احمد بسره...
بينما فريدة وضعت يدها على فمها تخفي ضحكتها متوارية خلف ظهر امها ...
وضع أيوب صحنه جانبا ... وتعمد الوقوف مقابلا لها حتى تلتفت إليه .
وعينيه لا تحيدان عنها .... !
شعرت ملاذ بتلك الاشعة الأمرة التي تنبعث من نظراته ...و تلقائيا رفعت رأسها والتقت عينيهما …
عينيها اللامعتين رغم تساؤلاتهما الكثيرة بدتا حلوتين ..
رونق وجهها عاد لسابق عهده ..
بينما ايوب كان وجهه جامدا... تلك النظرة التي منحته اياها جعلت عضلات وجهه تتحرك و تبتسم لها ...
"أشرق هو بملاحةِ وجهها ... و أزهرت هي بنظرته "
////
صوت الأجهزة الرتيب...
تلك الاسلاك الموصولة بجسد امها ، فطرت قلب زلفى
إلى متى هذا الحال ؟
ما الأفضل لامها البقاء في البلد تشكي التعب ... ام حزم امتعتها و العودة حيث ابيها سيتفهمها ويرعاها ...
لكن أيوب ماذا بشأنه؟؟
دلكت اعلى انفها ... تزفر أنفاسها المرهقة ...
تهمس لنفسها يائسة
" ... لا أدري كيف يفكر ؟؟ .. "
قدم حازم لها فنجانا من القهوة
قائلا باستغراب …
"من هو؟... "
اخذته زلفى شاكرة .. واستنشقت بخاره ... فقالت بنبرة هادئة نسبيا
" ايوب ..."
حمحم حازم مجليا صوته ...
ليقول بجدية موضحا الصورة
مستغلا غياب شقيقيها
" زلفى يجب أن اتصل بابي ... صراحة اعتقد ان الخالة سراب تحتاج لعملية قسطرة .."
اختض الكأس بيدها محرقا كفها دون أن تشعر ...
رمشت بعينيها عدة مرات تحاول استيعاب كلماته التي رماها بها ...
ثم قالت تتساءل بصوت مرتعش...
" امي ... امي هل لديها مشكلة بالقلب؟؟ ... "
قال حازم دون تجميل بالحقيقة...
" أظن ذلك.."
نظرت زلفى إلى امها حيث ترقد نائمة دون الشعور بأي شيء
.. ثم هتفت خائفة
" اتصل بالعم محمود … دعه يأتي لهنا..."
هز رأسه .. بينما قال مطمئنا وهو يخرج هاتفه
" حسنا ... اخبرتك اني اظن ذلك ... قد يكون تشخيصي خاطئا ..."
جلست زلفى على أقرب مقعد .... وعقلها تشنج عن اي فكرة قد تخفف من قلقها....
&&&
غادر الجميع ...
وبقيت بنات العم مجتمعات بغرفة واحدة...
قالت فريدة بظفر
وهي تصفق سعيدة
" سأستولي على الغرفة قريبا ... بما أن زفافك انتِ قريب أيضا "
تطلعت إليها ملاذ لتقول بغيظ
" هذه الغرفة لي حتى لو تزوجت "
نظرت سراب بملل .. وهي تهمس بخفوت لديالا التي لا تبدو غلى طبيعتها
" تربية نهلة .... حب الاستيلاء بدمهم.."
لكزتها ديالا وهي تنهرها
" لسانك اليوم لم يعتق أي أحد ... يبدو أنك اكثرتي من الحلوى مما زاد من نشاطك "
أطلقت ضحكة مرتفعة... أثارت استغرابهن ...
بينما امسكت صحن الحلويات وقضمت من إحدى القطع التي اعجبها طعمها ...
قائلة ببطئ وهي تحاول سحب ما تخفيه ابنة عمها بفشل..
" أظن أن.. هناك أمرا ما يقلقك .."
تحتاج لأن تبوح بما يؤرقها...
استدارت إليها وهي تقول بصوت هامس قلق ...
" بصراحة... انا خائفة من هدوء مؤيد .. أشعر أن لصمته عاصفة قادمة.. لم يعترض على قضية الطلاق... ولم يطلب الصلح "
نظرت إليها سراب متشككة من مخاوفها
عارفة تماما أن حيرة ديالا ليس طلبا لصلح وإنما خوفا مما يحضره مؤيد بأناه...
" و ما الذي سيفعله؟ .. "
ارجعت رأسها لجدار ... وهي تقول باستياء
" هذا تحديدا ... ما لا أقدر على توقعه ... ماذا سيفعل..؟ ما نيته )
قالت سراب مطمئنة
" لا تدعي الأمر يقلقك بهذا الشكل ... محكمتك غدا .. وستنالين حريتك "
لكن قلق ديالا ازداد ... !
///
مرارة الحزن عندما تختلط بحلاوة الفرح...
فيتشنج الحلق
من علقم حلاوته!
....
كانت زلفى تمشي عائدة إلى الطابق الذي به غرفة امها ...
اطمأنت على اخويها الذين غطا بنوم عميق..
بينما هي تشعر أن عينيها جافتين رغم حاجتها للبكاء ...
وباخر الممر رأت عمها متقدما يمشي سريعا وايوب بجانبه...
بينما عينيها تستغربان وجود ذاك الشخص الذي يمشي خلفهما على مهل ... احمد!
عانقها محمود... بينما عينيها المرهقتين.... تتطلعان لوجه ايوب الشاحب....
اغمضت عينيها ... ثم ابتعدت عن عمها ... بينما تهمس بارهاق
" عماه.. من الضروري اخبار بابا... هل تخبره أنت ؟.."
هز رأسه موافقا... ويده تربت على كتفها.... قائلا بحنان
" لا تقلقي عزيزتي سأخبره ... سأطمئن على امك و واتركِ كل شيء علي "
تجاوزها محمود ... ذاهبا إلى غرفة سراب ليطمئن على وضع حالتها ...
بينما زلفى رمقت ايوب بنظرة غريبة وهي تهمس
" اعتذر اخبرناك بيوم مهم بحياتك ... على كل حال مبارك لك خطوبتك...."
لم يرد..
يبدو أنها تحمله السبب ؟؟ .. هل يعقل آن امه تعبت من وراء خطبته...
استدار متوترا .. هاربا بكل سرعته للخارج ...
هل حقا سيخسرها مرة أخرى وللابد ؟
جلست على إحدى مقاعد الإنتظار ... بينما ترجع راسها بتعب للوراء ...
" هل أنت بخير ؟"
همس بها احمد .. متطلعا حوله ...
احتضنت زلفى جسدها بذراعيها.. لتقول صراحة
" امي التي ليست بخير... "
رد عليها وهو يتطلع للارض ...
" سراب امرأة قوية ... ستكون بخير .."
تأملته بعينيها ...
والفضول يقتلها ...
لتسأله كيف كانت سابقا ؟؟؛
نطقت بصوت غريب
" شكرا على سؤالك..."
توهجت عينيه ... بينما يقول بصوت أجش خافت
" أنت ... كمحمد وايوب "
نحت بوجهها للجهة الأخرى ...
بينما إحدى الموظفات تبتسم اليها بعملية....
" تفضلي هويتك ... لقد نستيها عندنا ..."
التقطتها زلفى من يدها شاكرة ... بينما الموظفة تكمل بسعادة
" أنت ابنة أخ الدكتور محمود.."
الإحراج ... والانزعاج ارتسما على وجهها البهي ... بينما هزت رأسها كإجابة كافية ...
حضور الموظفة كان كفيلا ... لان يسقط جزءا يسيرا من ذاك الحاجز ... الذي يمنعه من الاعتراف بأبوته
جلس احمد بجانبها...
بينما داخل زلفى يتخبط .... قبضت على هويتها الشخصية تخفيها بين كفيها .. بينما احمد همس مرتبكا
" اعرف أن الوقت غير مناسب ... لكن انا ... انا .. "
عض على شفته بقهر...ليقول بيأس
" انا أسف... لم أكن أبا صالحا ... لكن هناك ظروف صعبة تحكم البشر بقيدها "
ردت عليه .. مغمضة العينين دون النظر إليه
" كقيود حرمان امي من ايوب ..؟ .. كنفس الظروف التي فرقتها عنه "
أُخرس لسان احمد ... بينما يقول معترفا بأسف ..
" تقريبا.. ما قصدته الم يصبك الفضول للبحث عن ابيك"
ابتسمت وهي تفتح عينيها...
لتقول بصدق ... وبصراحة موجعة له لا تقبل اي شك ..
" لا أدري إن كان كلامي سيريحك أو سيتعبك... لكني لم اعرف أبا اخر غير بابا زهير ... "
كصفعة قوية كان وقع كلماتها ... بينما قال بنبرة مهتزة
" ألم .. يخطر ببالك يوما السؤال عني واسمي يرافقك دوما ..."
تغضن جبينها ... لتقول باعتراف.. هز دواخل أحمد
" سألت وعرفت مما آثار دهشني الطفولية أن انادي زوج أمي بابا... وأكتب اسم آخر يرافقني بجانب اسمي
لكن من بعدها لم يعد يعني لي سوى كإسم يوضع على طابع مدرسي فوق كتاب او اسم يتبعني على هوية شخصية ... أعرف به عن نفسي ....
لان ابي سد حقا هذا الاحتياج... فلماذا ابحث عن غيره ؟ و أناديه بابا .."
صمت مطبق ...
جعل احمد بعد برهة يغادر..
محملا بأقصى درجات الخيبة...!
____
*&&
اليوم التالي صباحا
في المحكمة ... حيث يقف مؤيد مقابلا لها...
وحيث أمجد بجانبها يحدث المحامي ...
اشاحت ديالا نظرها عنه ....
وقلبها يقرع بقوة
.... دخلوا تباعا للقاضي ... بينما يبت بنطق حكمه ...
بتأجيل الجلسة لأسبوع آخر... حتى يعيدان النظر بأمر الطلاق
.... نظرت ديالا لامجد الذي اكفهرت ملامحه ... ثم إلى سراب ... التي قالت مطمئنة
" عادة الطلاق لا يتم من الجلسة الأولى ..."
ردت الآخرى وهي تبكي مقهورة..
" أخبرتك ... اني لست مرتاحة لصمته ... لم يقبل أن يطلقني "...
بينما ابتسامة مؤيد الظافرة كانت قاتلة... قاتلة معلنة عن انتصاره و هزيمتها!
_____
انتهى الفصل السابع والعشرون

رواية دع وزرك عنى لكاتبة داليا بسامحيث تعيش القصص. اكتشف الآن