حُب الشبابيك

137 13 3
                                    


"حُب الشبابيك"
لقد كُنت عائدًا للمنزل وانا ممتلىء بالخيبات لأنني خسرت اكبر صفقةً و أصابني إحباطًا يكادُ ألا يجعلني ألتقط أنفاسي ثم جلبت منفضة السجائر و آلة البشتخته لأستمع للموسيقى حتى اجمع شتات افكاري وثم خرجت إلى بلكونة منزلي لأرى ماذا قد حل بالأماكن هُنا هل هيَ خائبة مثلي أم سعيده بالافراح الذي تمر بين طُرقها التي تضيق بهم وكلام  المُحبين الذي ينهمر بالصبُح بينهم،كنت انفث سجارةً وراء سجارةً ولا ابالي إلى صقعة البرد الذي سوف تصيبني ولا اندثار الدُخان الذي يغم على رئتايَ،فلم أنتبه إلا و أمامي شُباكَ تفتح وكان هُنالك حاجز ستارةً من نسيجً شفاف وخلفهُ فتاةً تترنح وخصرها يلهو يمينً ويساراً اطلت استرق النظر إليها دون أن اشعر بي وعينايَ تُبرق وكأن نيزك اصطدم بي مُتجهم بالاعجاب الغاضب الذي انساني ما كُنت محبطاً لأجله وعندما التفتت و راتني شارداً بها اغلقت شباك غُرفتها بخوف بسبب نظراتي الثاقبه،وبخت نفسي بما فعلت رُبما تفكر بأنني اتهجم بالنظر إلى جميع النسوة هكذا لكن لم استرق النظر لاحداً هكذا بدهشةً من الاعجاب منذُ بداية مراهقتي حتى اكتمال سُن الرشد ودخولي إلى عمر العشرين لكن هي اول آمراة تسرقني لدقائق اضاعتني بتفاصيلها وبين تبختر جسدها خلف الستارة البيضاء،ياترى هل سوف احظى بليلة تُشبه هذه الليلة السائرة بها،مر اليوم بأكمله وانا شارد الذهن بها حاولت تجاهل افكاري والمشاعر العابثه بي ظننتُ بإنها عابره سوف تنقضي عندما استيقظ من نومي كالعاده ناسيًا جميعا ما يحدث في كل امس مر بي، لكني نهضت وهي ما  زالت عالقه بذهني كما لو انها داءُ مزمن يحاول أن يُسيطر علي بها، رتبت سريري واخذت سُترتي ومشط شعري إلى الخلف و رشيِت بالعطر المُصنع من ازهار الزئبق و الليلك و وضعت نظارتي و اغلقت الشقه لاخرج إلى العمل لعلي اجد صفقةً اخرى لكن عندما كنت تحت العماره عينايِ لم تنظر إلى الاسفل بل كانت تنظر إلى اعلى الشُباك كنت احاول ولو لمحها لثواني وجيزة قبل ذهابي لعل هذه المشاعر تفارقني،لكن لم انتظر لأن هنالك عربةً تُريد المرور فاكملت طريقي سيراً للمقهى لاخذ قهوةً تشغل بالي بمُر مذاقها لكن ما احسن الصُدف وجدت الفتاة هناك تعمل في تقديم الطلبات وصنع القهوه والكعك للزبائن ما احلى يومي ببداية كوب قهوة من يدها تقدمت لاطلب كأسين حتى احظى بسعادتين الاولى هيَ لأنني التقيت بها وثانياً لانني سوف اشرب من صُنع يديها،حينها لم اتدارك فرحي وابتسامتي التي بدا الجميع يُلاحظها،وحينما انهيت طلبي  ذهبت إلى مُنتصف تلك الطاولة بالمقهى وجلست اراقب تحركاتها وكأنني ارسم خارطة من خطواتها اللاعجة بالفؤاد لقد تعبثت ليلةً واحده بي هل يا ترى يُعقل بأن اساطير الحُب من اول لمحةً حقيقيه كما حدث بالامس معي ولم يتوقف ذهني عن الهمس به بداخلي،كنت في حوار عميق بيني وبين افكاري إلا وهي قادمه بالطلب و الابتسامه تُرسم على شفتيها وعيناها تبرق إشراقاً، تاوهت بصمتي على شعوراً يُبنى بداخلي كلما اقتربت خطواتها إلى طاولتي وضعتها امامي شكرتها وخلف هذا الشكر يلتبس بكل حرفٍ حبًا ينوي إليها،انصرفت ونسيت أن تعيد فؤادي الذي تعلق بها وارتحل،ماذا عساي آن اقول هل استعارني الحُب لأجلها أم أنني قبعت بها إلى ذلك الامد المُستدام من عُمري انتهيت من قهوتي وخرجت وانا مُولع بها لحداً ما،وصلت للمكتب و لا زلت شارداً كثيرا يومًا فقط أتاه فؤادي بالحُب ومشقة تُشقيه بفتاةً لا يعرف شيئًا عنها حتى الان، اكملت مُستندات ومخططات العمل والبال يُبعد نحوها والفؤاد لن يعود حتى مُلتقاها ثم شردت قليلًا بها لساعات ولم أنتبه بأن الوقت مضى وانا شاغلًا فكري بها،ثم رتبت الاوراق في حقيبتي و ارتديت المُعطف وكانت الساعه حينا ذاك الواحده فجرًا وصلت إلى منتصف الشارع الذي بفصل السُكن الذي تقيم به وبين الذي اقيم به ولم أدرك بأن أعيني سوف تُرف كالجناح إلى شُباك مضجعها الذي اغوان الحُب بهِ إليها، لكنني شعرت بأنني مُتطفل هكذا فأخذت ذاتي و رقيتُ إلى شقتي محاولًا ان افتح الشُباك لأنتظر ظهورها مثل اول الأمس لكنني لم أتغلب على ملذاتي المتشفقه لرؤيتها فهرعت وفتحت ابواب الشُباك وصنعت قهوةً لا تُعلى على مرارتها و جلبتُ منفضة سجائر وجريت المقعد نحوها وكأنني سوف استمع لقصائدي المعتاده لكنني سوف اشهد جمالًا سحق كبريائي فاستقرت روحي فوق مقعدي وانا انتظر متى سوف تُطل جارتي المؤنسة و المجاورة و المبهجة لفؤادي لقد اصبحت مولعًا بها ولم يمر آلا يومًا على معرفة طيفها كاملًا لم اعرف شيئًا عنها حتى اسمها،لكن سوف اطلق عليها حسناء الشُباك،مر نصف الوقت ولم ارى لائحةً لها شعرت بإحباط يكادُ يخنقني وكأنني خسرت صفقةً مهمةً الان وعندما نهضت إلا والحسناء قد اشرقت بفتح شباكها شهقت فرحًا بأن القمر بان أمامي فعدتُ لمقعدي والبهجة تُرف بين أضلعي لم أدري بأنني لفت انتباهها انا و ضجيجي المُفرح عليها فالتفت ألا وهي تنظر إلي وهي قد تلألأت بإشراق يُشق وجنتيها وشفتيها تمتد باسمةً مثل طول نهر النيل، فلوحت لها بيدي اليُمنى والحياء يُبرح ملامح وجهي من شدة خفتي رغمًا بأنني اثقل من ثقلين الجبال و رأيتها تحرك شفتيها بصمت فقرأتها بثانيةً لم تُعد وكانت لماذا انت مستيقظ يا جاري! كيف أخبرها حينها بأنني انتظرها لكن استعملت اكذوبة العُشاق مبدئيًا واشرت بشفتي الصامته بأن الارق يستحل ليلتي اليوم ابتسمت وردت وانا كذلك،و كانت ليلتنا بلغُة "الشفتين الصماء" نتحدث بها لقد استمر حديثنا والبهجة ترقد بجانبي الأيمن لكن عندما طرق عقرب الرابعه فجرًا أخبرتني بأنها سوف تغلق شُباكها لكنني سألتها ما اسمك سرقنا الحديث ولم أستطع سؤالك ابتسمت حسناء شُباك بهجتي واخبرتني بأنها تُدعى آماليا ، قلت ما اجمل أسمك وكأنهُ مُنسق من الآمال والحظوظ الجميلة مثلك شعرت بالخجل وأغلقت شُباكها شعرت بأنني بالغتُ بالثناء بالمدح لذلك يجيب علي أن اكون لبِق الكلام حتى لا تُظن بأنني اساير النسوةِ بالمديح حتى اتقرب بالودّ المُخادع،ثم اغلقتُ الشُباك و استلقيت فوق السرير حتى اتردد بالاحلام بها ثم اغط في سُبات عميق و تاتيني احلامي المُهاجره تارةً إليها وتارة بعيداً،بعدها غطيت في النوم وفي صباحي الباكر استيقظت ورايت بأنني قد تاخرت عن العمل ارتديت ثيابي وانا على عجلةً من امري واغلقت شُقتي لكن لم ابالي عن تاخري و نزلت إلى دُكان الورد وقد اطلق عليه مُسمى" اغصان المُحبين" قمت بتنسيق باقة من ازهار الزنبق و ازهار العنبر ودفعت ثمنها واسرعت للمقهى و رايت بأنني اول الزبائن تصاعدت خطواتي بثقل حتى تلتفت فعندما راتني ابتسمت فرأيت جنة الوطن بين شفتيها المُغنجة،فالقيت تحيتي و الودّ يتناثر بين احرفها وبين صوت انفاسي الذي يتعالى بارتياح، فقدمت باقة الزهور على امسية الفجر التي قضيتها معها فقدمت لي كأسا من القهوه الذي لم يروق لي إلا لانهُ من صُنع يديها،و لقد راقت لي الدُنيا من اول رشفة رشفتها بمتعةً على نخب مبسمها المُتحدث امامي وترنح خطواتها الذي تُشبه اوتار الكمان ،فاخذ بنا لهو الحديث واسرفت بالتحديق إليها رُبما كشف امري بأنني المُحب الذي يسري في هواها ليلًا و يتشوق لصوت فتح شُباكها،فعندما ادركت بأن المقهى امتلئ بالزبائن تذكرت بأنني نسيت عملي فخرجت اركض وسترتي تتطاير مع سُرعتي في سباق الوقت المتبقي،فالوقت الذي نسيتهُ كان عندما رايت احلى امراةً في حياتي وكان جزء من عمري الذي تجدد معها، فكنت اجهد جسدي بالركض بين الطُرقات ويلائم ضعف دقات فؤادي لائحة مبسمها الذي بقي اثرهُ بين مُغلة عينايَ وصلت ثم شتتني كثرة الاعمال الذي سوف تجهدني اليوم بطولة،لكن لا بأس لقد امتلأ اليوم بنشوة فرحاً مُستدام بسبب أشراق مبسم أحداهن وكانت هيَ أماليا بحد ذاتها
يتبع...
الكاتب:أديب

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Aug 09, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

حُب الشبابيكّWhere stories live. Discover now