كان يجري...يجري دون توقف كأن حياته تعتمد على ذلك . يلتقط أنفاسه بصعوبة وقطرات العرق تسيل من جبهته لتحطّ على ملابسه الخفيفة . يهدّئ من سرعته عند المنعطفات ويقفز فوق السياج ويعود إلى جريه المستمر . فالشيء الذي يحمله لسكان قريته لا يؤجّل ولو للحظة يلتقط فيها أنفاسه . خبر سيغيّر كل شيء في قريته وإلى الأبد .
وصل ، فهدّئ من سرعته واقفاً مثبتاً قدميه فوق الهضبة المشرفة على ساحة القرية ووضع يديه حول فمه ليصرخ بأعلى صوته
" وصلواااا وصل الجنوووود".
أعاد العملية ذاتها وكوّر يديه على شكل بوق ويصرخ ليتأكد من سماع الجميع ما رآه في القرية المجاورة .
أنعم النظر في وجوههم ليرى أثر كلماته فيهم ، لكنّ أعينهم كانت معلّقة وراءه . لم يحتج لأن ينظر خلفه ليعلم ما يرونه فالصوت المتردّد و رائحة الهواء المختلطة بالغبار والتراب المتطاير أنذر بالخيول و الأحصنة التي كانت تجري في عقولهم عوضاً عن السهل الشاسع أمامهم._
"ما رأيك جاك هل ستكون ردّات فعلهم مسلّية أكثر من نوان ؟ " تكلّم فرانس وهو يمضغ لقمة من التفاحة في يده اليمنى .
"أكان اسمها نوان!! لم أكن أعلم " رفع جاك حاجباه بتعجب.
" أراهن على أنهم سيقتلعون رأسك إن علموا أنك لا تعلم اسم قريتهم حتى "قهقه فرانس بصوت أجش غير مصدق غباء صديقه.
"اخرس ، أتنتظر مني أن أحفظ اسم ١٥٢ قرية دخلتها ! "زفر جاك بانزعاج.
" آمل أن يرموا علينا شيئاً آخر مختلفاً عن الطماطم لأن رائحتها علقت بملابسي "تشمم فرانس قميصه المبقع ببقع حمراء .
"أراهن على رميهم نوع خضار آخر فهم لم يتطوّروا ليرموا الأحذية "
ضحك جاك على كلامه الذي لم يضحك عليه أحد.
"ليت فعلهم هذا يستطيع إيقافنا أو منعنا كنت سأقدّر تفريطهم بخضارهم العزيزة لكنّه لا يقتل بعوضة . ما رأيك آريس؟"
نظر جاك وفرانس إلى آريس الذي كان عقله ساهماً في مكان آخر . حدّق جاك بفرانس قبل أن يصرخ بصوت عالٍ "آرييييس" .
مال آريس برأسه قليلاً بدرجة لا تكفي للنظر إليهما و زفر بإنزعاج "نادياني بالقائد "
قلب فرانس عيناه ثم نظر للأمام ليرى أنهم وصلوا وجهتهم فتمتم باستمتاع "لنرى من سيختار في هذه القرية ".عندما كانوا في قرية نوان ، رأى آريس صبياً مختبأ خلف كوخ بعيد عن أكواخ القرية ، ذو شعر كخيوط الذهب تحت أشعة الشمس . ما إن اصطدمت عيناه بأعين آريس حتى ذهبت الألوان من ملامحه واستدار مطلقاً لأرجله الرياح نحو السهل الواسع.
لم يجد آريس نفسه إلّا وهو ينظر بين ساكني القرية التي أصبحوا على مشارفها عن هذا الطفل . كان الرجال والنساء والأطفال خلف آبائهم واقفين بلا حراك في صدمة. يبدو أن الخبر وصلهم قبل دقائق عن طريق ذلك الفتى.ترجّل آريس عن حصانه وتبعه عدّة رجال خلفه ليقف ويتحدث في نطاق يستطيع الجميع السماع فيه. شعر بغرابة وثقل الكلام على شفتيه رغم إعادته مئات المرات في كل مرة يدخل منطقة.
"قرية نوان المدعوّة برقم ١٥٣ منذ هذه اللحظة ، أصبحتم خاضعين تحت حكمنا وتطبّق قوانينا عليكم :
١- يعمل الرجال جميعاً دون استثناء ولا عذر إلّا لمن نجده يستحقّ ذلك .
٢-يتكفّل النساء والعجائز بالإضافة إلى الأطفال في الأعمال اليدوية والحرفية.
٣-كلّ المحاصيل والفائدات تودع في المركز الجديد ثم توزّع بحسب استحقاقكم لها.
٤-جميع من هم فوق السادسة عشر من الذكور حتى الثلاثين يوضع تحت التجنيد الإجباري ويخدمون مصالحنا.
٥-من يخالف أمراًمن الشروط يخضع لمحاكمة قاسية من السلطات.
٦- تلصق تفاصيل القوانين في المركز الجديد وعلى الجميع المرور لرؤيته .
٧-ستعرفون هذا القانون عند الحاجة لذلك.
عندما انتهى من سرد مالديه أشار لجنديان بالتقدم لإلصاق القوانين وأرسل الجنود المخصصون للبقاء في القرية وتشكيل المركز الجديد.كلما تقدّموا للأمام تراجع السكان للخلف .
نظر فرانس إلى آريس بترقّب ينتظر أن يشتعل الجو بالمتعة عندما يبدأ آريس بعرضه . ومن ملامحه بدا أن الوقت قد حان.
" أين الشخص الذي أوصل الخبر إليكم ؟" شعر آريس باضطرابهم وهم يتبادلون النظرات بينهم لكنّ أحدهم لم ينبث بحرف. "يبدو أنّكم أخطأتم في فهمي. لم أكن أدلي بطلب هنا" .
اقترب عجوز كبير في السن بتردّد للأمام " لا يحتاج الظلم إلى سفير ينقل قدومه إلينا فرائحته الكريهة تشتمّ من آلاف الأمتار "
ابتسم آريس لنفسه ثم التفت إلى جنوده. " فتّشوا كل شبر من القرية عن صبي ذو خصلات ذهبية ".
صوت خطى خلفه جعله يضحك في أعماقه ثم بصوت مسموع. أخفض رأسه وابتسامة وجدت طريقها إلى ثغره على ذكرى قديمة .
"توقف" بدا الصوت مبحوحاً متقطع الأحرف فعلم أنه كهل .
"ماذا تريد" نبث آريس الكلمات بطريقة آلية تعرف ما الآتي.
"اطلب أي شيء مقابل العفو عن الفتى! " صوت الكهل منكسر كصوت بعيد في أذن آريس .نطق آريس بصوت بارد منزوع الرحمة كأن أحاسيسه ميتة.
"القاعدة السابعة لا أحد ولا شيء يستبدل بصاحب العقاب! "وأخييراً 🥺
أول فصل يخرج للنور😌
حسابي على الانستغرام rainy_diary1
YOU ARE READING
متلازمة الحرب
Fantasyلا شيء عادل هنا ... لا شيء عادل في هذه الحياة . فعندما تختارك الحياة لترميك في ساحاتها ، اعلم أن ساعتك قد آنت . فإن لم تقض نحبك في خدمتها ستحرص على أن تفقدك أي بقية من عقلك ...لتغدو عبداً تحت رغباتها المتقلبة .فاحرص على أن تنجو!!