جميعًا نمتلك محاولة أخيرة تجاه كل شيء أحببناه بشدة.

37 2 3
                                    

12:00 مساءً
ذهبت للحديقة كي أقابلها؛ لأضع حدٍ لكل تلك الأسئلة التي تجول عقلي ممزقةً أرجاء قلبي، كان الطقس شديد الحرارة، لا أعلم إن كان ذلك نتيجة سطوع شمس مدينتي في أقصى جنوب مصر أم أن احتراق قلبي له يد بذلك، كانت تُحيطني الأزهار وبداخلي خريف ضلّت الحياة سبيلها لبستانه، كل وردة كانت تأخذني معها  لشيء من صفاتها، فالحمراء ترسم خجلها على وجنتيها، وعباد الشمس يصف وجهها المستدير محاولًا ظهور غمازتيها لكنه لم يستطع، جميع الزهور تتمايل كخفتها و رقة روحها، انتظرها و الشوق يأكلني لرؤية عيناها البُنيتان، و كل تارة وأخرى انظر للساعة اناجيها  و أسأل عقاربها: هل هي من تأخرت؟ أم أن الشوق ألقى بي هنا مبكرًا؟.
حتى لمحها قلبي؛ نعم فأنا لا أراها سوى بقلبي فراشه تحمل الخفة و الجمال في كل خطوة تخطيها، تحمل حقائبها على ساعدها لا  أدري كيف لهذه الطفلة ان تكون مُعلمة للأجيال و هي ما زالت في عيني طالبة تسير كالأطفال! لم استرد شرودي الذي صورها لي طالبة بمرحلة إعدادية أتت لتقابل صديقها؛ سوى على كلماتها:
-مساء الخير.. معلش تأخرت المواصلات زحمة جدا.
=لا عادي و لا يهمك.. المهم أنتِ عاملة أيه؟
-بخير الحمدلله
«الحديث بدا باردًا و صامتًا  و قد تغيرت حرارة الأجواء بجسدي من الاشتعال لبرودة يناير من فرط جفائها، ثم تحررت من ذاتي وأنا أسالها أخيرا:
= عايزة تسبيني ليه يا ندى؟ أنتِ ليه مش عايزة تفهمي اني بحبك..
-...
= ردي عليا أنا بكلمك!
-علي.. أنت اتصلت بيا على أساس فيه موضوع خطير حياة أو موت و لازم تشوفني، و أظن موضوعنا ده انتهي وأنت خدت حاجتك من شهر.. لزومه أيه نتكلم في اللي فات؟
= وأنتِ طبعا بالنسبالك ده مش موضوع خطير أنا ميت من غيرك و أنتِ قلبك حجر، موضوعنا انتهى بالنسبالك بس انا تايه مش فاهم سبتيني ليه، عملت ليكي ايه ده انا كنت شايلك ف عيوني.. متسكتيش و ردي عليا.
-أنا لازم أمشي عشان تأخرت.. و شوف حياتك  يا علي  أنا منفعكش.
=يا ندى استني أنا لسه مخلصتش كلامي.. ندى؟؟ ندى؟

لم تتوقف رغم محاولة استرجاعها  بكل الطرق أو المعنى الأدق استرجاع قلبي الذي سلبته مني و لم يعد.. عدت إلى حيث كنت، أجلس حامل خيبتي على عاتقي، تثقل الأفكار عقلي فتنكس برأسي للأرض و كأنها تعاقبني على لوعة التفريط بمشاعري حتى رأيت شيئًا ساقطًا يشبه الكتاب على نحو قريب من مقعدي، توجهت نحوه إلى أن التقطته؛ أنها أجندة بلون اللافندر «لونها المفضل» ملفوفة بعقدة خيط الكتان، يبدو وكأنها أجندة مُذكرات!
اعتراني الفضول فلم ألبس ثانيتين إلا وأنا قد فتحتها و أزلت خيط لفافتها، الوجهة الأولى مزركشة بالزهور و الفراشات و الألوان الفسفورية توسطها عبارة   The dark side  «الجانب المظلم»، ثم تنقلت بين الصفحات كانت منظمة جدا تستنشق رقة أحرفها من بين السطور، تسرد ما مرت به بداية من وفاة والدها الذي كان بمثابة حياة لها و عوضًا عن فقد والدتها التي رحلت منذ ولادتها، حيث ألقى بها القدر أن تقع بين يدي خالها الجشع و معاملته لها الجافة دون أن يحمل بين ثناياه لمحة من معالم الإنسانية.. حتى اوقفتني صفحة مميزة عن غير سابقتها.
                                               ***












ندى..《قصة حقيقية واقعية》حيث تعيش القصص. اكتشف الآن