بعض الكلمات قبور

14 2 0
                                    


أنه ديسمبر فصل الشتاء والهدوء والسحاب الملبدة بالغيوم، و نسمات الهواء الباردة  التي كانت تتسلل بين خصلات شعرها وهي جالسه في الفرندة، تنظر للسماءِ تارة وتقرأ في الكتاب الذي بين يديها تارة أخرى...
مهلًا .. من هذه الفتاه التي تتحدث عنها؟









أنها ( خديجة)؛ فتاة على قدرٍ من الجمال، في مقتبل عِقدها الثلاثون،  متخرجة من كلية هندسة قسم تصاميم وديكورات، وتعمل بشركة تتعلق بشهادتها، أما باقي التفاصيل سنعرفها في السرد القادم ..

_ ايه ده ايه ده قمرين يا خواتي بيبصوا لبعض..

نظرت خديجة لوالدتها متعجبة من غزلها و كلماتها الغير معتاد قائلة:
=خير يا ست الكل، ايه الدلع ده كله أكيد فيه حاجة ورا نبرة الدلال دي..

- وشوف البت وطولة لسانها.. بقا كده يا خديجة يابنتي يعني مامتك حبيبتك هتبقا عايزة منك ايه غير كله لمصلحتك و...

قاطعتها خديجة قائلة:
= ايووووة هو ده جيبي اللي عندك يا حجة خير الله اجعله خير .

اقتربت منها والدتها وهي تسحب كرسي للفرندة وجلست بجوارها مبتسمة و السعادة في عيناها وهي تقول:
_ أصله بصراحة كده يابت يا خديجة أبوكِ جايبلك عريس وجاي بكرة عشان يشوفك و تتعرفوا على بعض، شوفتي بقا أنك ظالماني .

ضمت خديجة شفتيها باقتضاب و نظرات الغضب بعيناها قائلة بتذمر:
= تااااني يا ماما لا تاني ايه عاااشر .. هو انتوا ليه مصممين تضايقوني .. يعني ايه عريس ويجي يشوفني هو انا كيس شيبسي هيجي يتفرج عليا لو عجبته يخدني لو معجبتوش يبقا لا معلش خلاص كده ، انتوا مش عارفين كده بتقللوا مني .. وعريس ايه ده وجاي ازاي اصلا يا ماما ؟؟

والدتها بغضب : يعني ايه يا خديجة أنتِ مبقاش عاجبك العجب .. يعني الحق عليه عمك هو اللي دل العريس كان بيدور ع عروسة وقاله عليكِ، أبوكِ مش عاجبه الحال  ده وأخواتك الأتنين الأصغر منك اتجوزوا ومعاهم عيال وصحابك وزمايلك ، لو كنتِ مش فايقة افوقك ولا هتجيبلي حد من الشارع يقولك كده ويعرفك الصح من الغلط .

ردت خديجة والدموع متحجرة بعيناها وبصوتٍ محشرج:
وليه كل ده يا ماما، هو أنا عالة عليكم مانا بشتغل واصرف ع نفسي وكمان بساعد ف مصاريف البيت ومش محتاجين حاجة، ليه مش عايزين تفهموا اني مش قابلة اتجوز بطريقة دي، وانه من حقي اطلب اللي هيجي يتجوزني يكون شافني على الاقل وطالبني لذاتي و..

قاطعتها والدتها بحدة :
بصي يا خديجة الكلام منتهي، والناس جايين بكرة بعد أذان العشا تكوني جاهزة و مش عايزين فضايح احسن أبوكِ والنعمة يطلقني فيها عقلك ف راسك تعرفي خلاصك وابقي خلي كتبك اللي بتقريها دي وكتاباتك تنفعك .. تصبحي على خير.

انصرفت والدتها وخديجة تخبط بقدمها على الأرض فقد فاض بها الكيل، وكلمات والدتها قد مزقت ثياط قلبها، فأغلقت كتابها التي كانت تقرأه قبل مجيء والدتها، و تناولت أجندة مذكراتها و أخذت تخطو بقلمها ما لا يبوح به نطقها قائلة:

خُرافات واقع  (قصة حقيقية)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن