عدت، عدت محملاً بكثير من الأفكار و الأحداث التي لم تجد اتساعاً لها بعقلي، عدت لرغبتي في إزاحة تلك الأطنان عن كاهلي ، كم ضعيف هو الإنسان و كم هو أضعف عندما لا يستطيع إخراج ما يؤلمه.
ربما الاستغراق في الحقائق أسوأ ما قد يمر به المرء، فإنه لو عاش بين الأوهام لصارت حياته أقل سقمًا و لكن ماذا يفعل المرء إن كان حتم عليه إدراك تلك الحقائق ؟ يخيل إلي أن ذلك جزء من العذاب الدنيوي جراء التمسك بتلك الحباة. و لكن للحظة أقول " أنا لا أتمسك بتلك الحياة إنها مسألة وقتية و أنا لا أسطيع الإنجراف نحو إنهائها ! " و أتبع تلك اللحظة بكثير من الحيرة و الترقب و الخوف و اتسائل هل رفضي المعاناة يجلب لي معاناة أكبر؟ بل أنها أبعد ما تكون عدم الرضا ، غابت - قليلاً - معاناتي الجسدية و لشدة قربي من الموت تلك المرة تحديداً ! و يمكنني القول أن آخر ما طلبت هي المغفرة المطلقة ، فأنا بكل ما أملك من سوء أحتاج إلي العطف الإلهي ، الرحمة التي وسعت كل شئ و غمرت كل وقت و حين.
حينها شعرت بالراحة و أنني الآن تحديداً أقترب من الموت و يقترب مني و كلانا يرحب بالاخر علي عكس كل المرات السابقة.
و عندما عدت إلي الدنيا شرعت أحمد الله مراراً و تكراراً و كأني رغبت تلك العودة لأنها فرصة أخري ، و أنا في داخلي شئ يتمني الفرار للأبد!.
علمت أن الدافع الاسمي من وجودي هو رد دين قديم و هو ما يجعلني قليلاً أتشبث بالحياة و بدونه ربما لكنت ما تحركت ساكناً ، و اليوم و من قبل أعوام مضت أشعر أن كل ما أحاول رده لا يقبل ما أملك و لا يجعل لوجودي أي شأن.
و أنا أستطيع اعطاءك كل ما أملك فقط عندما أشعر انك تستحق ! فطالما كانت سعادتي تقترن بسعادة من أحب أو لا اعلم ما الشعور الذي ينتابني إن كان يصنف سعادة و لكنه شعور جيد يشعرني أنني حي.
و الآن يمكنني القول انني تمنيت ألا أعود ، ألا أدرك ، ألا أوجد.