سيدنا هود عليه السلام

115 8 7
                                    

نبي الله هود عليه السلام، هو من نسل نوح عليه السلام، وقد أرسله الله إلى قوم عاد الأولى الذين يسمون بــ "إرم ذات العماد"، الذين عبدوا الأصنام بعد الطوفان، ونتناول عرض القصة باختصار وبتصرف من كتاب قصص الأنبياء للحافظ بن كثير.

وقوم عاد الأولى هم أمة جعلهم الله أشد أهل زمانهم في الخلقة والشدة والبطش، وكانوا يسكنون اليمن جنوب الجزيرة العربية حيث الأودية بين جبال الرمال، وكانوا يجاورون البحر، وكانوا يبنون خياماً كبيرة ذات أعمدة ضخمة، وسماهم القرآن "إرم ذات العماد"، لكنهم كفروا بالله وعبدوا الأصنام، وكانت أصنامهم ثلاثة: صدا، وصمودا، وهرا.

كانت عاد تعيش في حضارة ورفاهية لم يخلق مثلها في البلاد، فكانت تأتيهم الرياح محملة بالسحب والأمطار، وكانوا يمتلكون العيون والحدائق والأنعام، وعندهم الكثير من الذرية والأولاد، وقد أعطاهم الله بسطة في الجسم فكانوا عمالقة أقوياء أصحاب بطش شديد.

بلغت قوة ورفاهية قوم عاد أنهم كانوا يصنعون الخيام بأعمدة طويلة، وكانوا يبنون أبراجاً وقصوراً عالية في كل مكان مرتفع كنوع من الرفاهية والعبث، وكانوا يصنعون كل ما يؤمن لهم استمرار الحياة والاستمتاع بها وكأنهم مخلدون.

لكن قوم عاد كفروا بالله فكانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان، ولم يؤمنوا باليوم الآخر ولم يعتقدوا بوجود بعث بعد الموت، ومن ثم حساب وجزاء وعقاب، وقد بلغ استكبارهم أنهم كانوا يظنون أنه ألا توجد قوة أكبر من قوتهم.

أرسل الله إلى قوم عاد أخاهم هوداً، وهو رجل منهم، دعاهم إلى الله وإلى إفراده بالعبادة والإخلاص له، ووعدهم على ذلك خير الدنيا والآخرة، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة، فقال هود: يا قوم استغفروا ربكم وتوبوا إليه، حتى يرسل إليكم المزيد من خير السماء، وتنزل أمطار الخير عليكم مدراراً، فتزدادوا قوة إلى قوتكم.

رفض سادة وأعيان قومه ما يقوله هود، وقالوا: إنا نراك في سفاهة، كيف نترك عبادة الأصنام التي يرتجى منها النصر والرزق، أنت تكذب ياهود، وتدعي أن الله أرسلك، ولا نظنك إلا من الكاذبين.

قال هود: ياقوم ليس بي سفاهة، ولكني رسول من رب العالمين، جئت أبلغكم رسالات ربي بإخلاص وأمانة، وأنا لا أبغي سوى نصحكم، وليس لي أي هدف غير هذا، فأنا لم أبتغ منكم أجراً، فأجري أطلبه ممن أرسلني إليكم، فهو الذي يملك خير الدنيا والآخرة، الله الذي أرسلني هو الذي يرزقكم هذه الخيرات التي تعيشون فيها، وهو الذي يبعث بعد الموت ويجزي المؤمنين على إيمانهم ويعاقب الكافرين على كفرهم.

قال قوم هود: ياهود أنت مجرد رجل عادي مثلنا، وكيف لرجل عادي أن يرسله الله؟، وأنت ما جئتنا بمعجزة أو بينة تثبت لنا فيها صحة كلامك، يا قومنا لا تصدقوا هود فيما يدعيه، إنما هو رجل مثلكم يأكل مما تأكلون ويشرب مما تشربون، وإذا أطعتم بشراً مثلكم تهلكون، إنه مجنون، يوعدكم أنكم إذا متم وأصبحتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون مرة أخرى.

قصص الأنبياء في القرآن 🌱🌺. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن