جَوًا بارِد وَ رِياحٌ خَرْساء ، لَم تَكُن تَصدرُ صَخْبَها المُعتاد ، كانَت ناعِمة ، تُداعِب الشَجَر وَ تُضفي مَزاجًا جَيّد لِلنفوس .
وَلَكِن فِي حالِةٍ مِثلِ هَذِه ، أَخَذَت الأمراة تَتَعرَّق ، تَمْضَغُ رِيقًا وَ تَشدُ عَلى العُشبُ إسَفَلِها ، دَخلَ بَعض الطِين بَيْنَ إظافِرها القَصِيرة ، وَ قَدَ تَلَطَخَ بِنطَالِها إيضًا .
كانَت جَميلة ، جَميلة كانَت صِفةً ناقِصةً لِتَصِفها ، كانَت بَدِيعةُ المَظهر ، ذاتَ شَعرٍ طَويلٌ أسْوَد اللَونِ ، قَد رَبَطَتهُ رَبطة مُتَدنية ، قَد وَصلَ لِمُنْتَصَفِ خِصْرَها ، كانَت تَمْتَلِكُ وَجْهًا حاد المَلْمَح يَبدُ غائرٍ ناعِمًا عِندَ الأبْتِسامة ، أمْتَلَكَت مُقْلَتينِ بِلون العَسَل ، وَ جَسَدًا ناعِمٍ نَحِيف ، أرْتَدَت بِنطالًا أسودًا ضَيق ، فانيلة بَيضاء ، وَ فَوْقَها سُترَةٍ خَفيفة . وَكانَ هُناكَ حَلَقٌ وَحِيد يَتَدلى مِن الأُذِن اليُمنى .
كَانَت تَخْتَبئ خَلْفَ إحدْى شواهِد القبور كانَ فِي نهاية المَقبرة تَقرِيبًا ، التي لَم تَهتَم بِقراءة إسم المُتَوَفى ، بَل إلْصَقت بِجَسَدِها النَحيفِ خَلفه ، وَ طَوت جَسَدِها لِدرَجَة إختفائِها خَلفه . قَدْ أحْتَضَنَت الكَتاب المُقَدَس لِصَدرِها وَ قَبَضَت على الصَليب الَذي يُحيطُ عُنْقِها ، بَدلَ القَبْضِ على العُشبِ ، وَ دَعَت بِقلبٍ فارِغ دَعودةً سَخِيفة .
' أجْعَلْنِي أُقَبِّلُ لِينورا اليَوْم'
كانَت الكَنِيسة أمام المَقبرة تَمامًا ، لا تَفصلُ عَنها الكَثير ، بَدَت حِينها المَقبرة كَالحديقة اللطيفة لِلكنيسة ،
وَ دائِمًا ما كَرِهَت هَذِهِ البُقعة .
وَ فِي بِداية المَقبرة تَقرِيبًا أمرْاةً أُخرى بَدى عَلِيها الغَضَب ، بِتَعكُرِ صَفوِ حواجِبَها ، وَ شَدِ قَبضَةِ يَداها عَلى البُنْدقية الثَقيلة الَتي تَحمُلَها .
كانَت بِمَظهرٍ عَكِر ، فَقَدْ أسْتِيْقَظَت تَوًا ، لا تَزالُ تَرْتَدي فُستانًا أبيضًا واسِع يَصل لِرُكْبَتيها ، 'ملابِس النَوْم' بِشعرِها القَصير المُبَعثَر بِغير إنتظام .
رُغْمَ هَذا إمْتَلِكت مَظهرًا دافئًا حَنون ، بِشعرٍ بُنيٍ يَبعثُ الدِفء ، وَ عيون البُندق الواسِعة خاصَتِها .
وَقَفَت هُناك لِبضعِ ثوانٍ تُناظِرَ الأرضَ الرِطِبة بِصَمت ، قَبلَ أن تُغادِرَ تَنهيدةٌ مُتعبةٌ حِنْجَرَتِها ، وَ قَدْ رَفَعَت رأسَها بِذات الوَقت ،
نَبرةٌ قاسية ، مَعَ سُخرية خَفيفة قَد غادرَ ثَغِرها بِكلامٍ أشْبَه بِالتَهديد .
" اوي هيْونا . الا تَرْغَبينَ بِالظهور الآن ؟ "
أهْتَزَت المَدعوة بِهيْونا خَلَفَ شاهِدة القَبر لِلنَبرة القاسية الَتي خَرَجَت مِنها ، قَدْ أوْصَلَ إليها هَذا أسْتنتاجٌ بَسيط بِأنَ عَلِيها التَوْقِفَ عَن الأخْتِباء وَ الظِهور بِالفعل ، وَ إلا إضْحت مِثل البائسين اسْفل الأرض التِي تَجْلسُ عَلِيها .
أنت تقرأ
دُفءُ إنْفاسَك ~ هيوْنهو ✓
Romance- تَتَمَةٍ لِقصةٍ قَديمة قَدْ سَعَت لِتَجَنُبِها . -لِينوُرا مَعَ هيُونا.