الفصل الاول

92 9 118
                                    

" لي جيهي ! لي جيهي هل بمقدوركِ سماعِي ؟ "

تلعثمتِ الفتاةُ لحظةَ وصولِ اسمها لمسامِعها ، بعثرَت محتوياتِ مكتبها في محاولةٍ لإخفاء ما بحوزتِها من طعام . بالنسبةِ لجيهي ؛ كان التقاعسُ أكثرَ ما تجيدُه . تركتِ السؤالَ يحلّق في الهواءِ هنيهةً قبل أن تجيبَ بارتباك " آسفة ! إشارةُ الإنترنت ضعيفةٌ نوعاً ما …"

بدَا الأمرُ جلياً من النبرةِ التي حملها صوتُها أنّه محضّ عذرٍ مبتذَل إلاّ أنّه لم يجرُؤ أيّ أحدٍ من زملائها بالتفوَه بأيّ شيء ، مكتفيين بإطلاق ضحكات مكتومةٍ تردّدَ صداها عبرَ سماعاتِ حاسوبها المحمول . في نهاية المطافِ ، كان ممتعاً مشاهدةُ لي جيهي المتاونيةِ تتعرضّ للعتابِ .

" لتستخدمِي ذلكَ الرأس اليابسَ للتفكير بأعذارٍ مقنعةٍ على الأقل جيهي ." جاءها الردّ مصحوباً بتنهيدةٍ " افتحي الكاميرا و ابقي على اتصال معنا ." لم يكُن بيدها حيلةُ غير الانصياعِ  لأوامر معلمتها . ألقت نظرةً خاطفة خارجَ النافذةِ .
كاَنَ صباحُ أحدٍ صحواً و مبهجاً مع ذلك كانت هناكَ لفحةُ بردٍ لا تزالُ تتخلّل هواء منتصفِ أبريل ، ما يذكّر بمدى السهولة التي تتقلّب بها أحوال الطقس رأساً على عقب.

لفتَ انتباهَها صريرُ السرير الذي كاَنَ في الركّن الآخر من الغرفةِ . حالما قبلّ البردُ المفاجِىء جسده النحِيل ، ارتعشَ كيم دوكجَا و تقلّب على فراشه فاقداً دفء لحافه. كاَنَ ضجيج لي جيهي صاخباً بما يكفِي حتى يخترَقَ بوقاحةِ طبلةَ أذنه ليشعرَ و كأَّنَّ أحداً قد ضربه بمطرقةٍ على رأسه ، تذمّر كيم دوكجا متكّئاً على مرفقيْه ثمّ ألقى بنظره باتجاه الفتاة - بطريقةٍ ما كاَنَ مظهره مضحكاً حيُثُ لا تزالُ عيناه منتفختيَن بسبب النوم - " بحقّ الجحيمِ جيهي .. هل يمكنكِ خفضُ صوتك قليلاً ."

أشاحت بوجهِها بعيداً عن حاسوبها المحمول و اتّجهت بحدقتيها نحو الرجّل الذي استيقظَ لتوّه بسبب الضوضاء الصادرة من ركنِها ، لم تبدي لي جيهي أيّ تعابيرَ توحي عن اعتذارهِا أو شعورها بالذنّب ، اكتفت فقط برمقه بنظرةٍ مخرجةً لسانَها بشكلٍ ساخر قبلَ أن ترُجعَ انتباهها مجدداً نحو الحاسوب ، لم يتوقّع كيم دوكجا أقلّ من هذا من تلكَ الفتاة الشقيّة التي لطالما تتعمّد مشاكسَته.

 
كانت عقاربُ ساعةِ الحائط الكبيرةِ تشيرُ إلى التاسعة و النصف .اعتدلَ كيم دوكجا في جلسَته و مدّ ظهره ثم رفعَ رأسه نحو السقفِ و أطلَقَ زفرةً طويلة ، نهضَ من فراشه بتثاؤب لكن سَرعان ما لجَّ به الشوُقُ لسريره الوثير عندما لفحته موجة نسيمنسيمٍ بارد، هزّ رأسه مقاوماً رغباتِه ثمّ ترنحّ يمشي جهة باب الغرفةِ   .

استوقَفته لي جيهي بسؤالها " هل أنتَ بخير ؟ تبدُو و كأنّ حافلةً قد دهستك . "

" ربما ليسَ إلى ذلك الحدّ ..."

لوّح كيم دوكجا يده غيرَ مكترثٍ لدخولِ محادثةٍ معها ، شعر و كأنّه قد نالَ كفايتهَ من سماع صوتها لهذا اليوم ،أدركَ أنّه من المستحسَن له الاحتفاظُ بما تبقّى من طاقتِه ، فما زالَ عليه مجاراةُ غلاظةِ يو جونغهيوك و غطرسةِ هان سويونغ  . و باتّخاذِ قراره بتجاهلهِا ، خرج من الغرفةِ بعجلةٍ تاركاً لي جيهي تنفخُ خديّها باغتيَاظ.

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 12, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ذكريات في طيّ النسيان.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن