أبـابـيـل

18 4 1
                                    

__________________________احـمـد آل حـمـدان
                                         1
لم يكن طفلاً عادياً ابداً فهو لم يخرج من رحم والدته مثل بقية المواليد بل خرج صامتاً يقلب بصره في الأشياء مدهوشاً كما لو أنه تفاجأ بوجود كوكب آخر

غير الكوكب المضلمٍ الضيق الذي كان يعيش فيه..
وبينما كان الطفل لا يزال ساكنا بين يدي القابلة إذ وقعت عيناه على والدته المستلقية بظهرها فوق الأرض

والغارقة في عرقها اللانهائي فانتفض جسده الصغير اللزج الملطخ بدماء الولادة مثل سمكة زينة صغيرة أخرجوها للتو من حوضها المائي زحفت والدته على مؤخرتها

بصعوبة بالغة حتى أسندت ظهرها على حائط الطين القديم غطت بطرف اللحاف عري ثدييها الممتلئين بالحليب ثم رفعت يديها المرتجفتين في الهواء

-دعيني أراه-قالت جومانا-هل هو بصحة جيدة يا ماريا
-أنه بخير-أجابت القابلة وهي تنحني لتضعه برفق بين يدي أمه وتهمس انضري لعينيه انهما تشبهان عينيك

كثيراً يا سيدة جومانا عندما أصبح بين يديوالدته مد أصابعه الصغيرة نحو خصلة نافرة من شعرها الناعم وألقى القبض عليها بقوة لا تتوافر لدى طفل في مثل

عمره وبينما هة يمسك بخصلة شعرها النافرة تلك أذ جعل يتدبر بصمت وخشوع راهب في عينيها البندقيتي اللون كما لو أنه في تلك اللحضة كان يقرأ

فيهما البداية والنهاية بعد وقت قصير اقترحت القابلة
-ما رأيك في أن آخذه لغرفه اخرى ريثما ترتاحين قليلاً وحينها فقط بكى الطفل بصوت عال كما لون أنه يعترض

-لا بأس دعيه-قالت جومانا ببراءة-أنا لا أشعر بالتعب
-ألن يأتي السيد بحر ليٍطمئن عليك وعلى الطفل؟!
لم تفسح جومانا مجالا لذلك السؤال لأن يعكر عليها صفو فرحتها بالقادم

الجديد
-عندما يجد والده فسحة من الوقت سيأتي بالتأكيد-
                                 

أبـابـيـلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن