الفصل الأول

2.4K 71 20
                                    

ملحوظة: في نسخة الحوار فيها عامي نازلة pdf  على جروب الفيس اللي عايز اللينك يسيب كومنت
الفصل الأول

- لقد تزوجت.

كلمات بسيطة تكاد لا تُكمل حروفها العشر، إلا أن وقعها أشبه بالجمر المشتعل على قلبها، اعترتها غُصة مريرة وهي تطالع تعابير وجهه القاسية، أرادت طمأنة قلبها بحنان عينيه إلا أنها لم تستشِف سوى القسوة الطاغية، اقتربت منه برفق وعيناها تسبح على سطح وجهه بتعابيره، وأخيرًا هتفت إليه بتوسل ونبرة فضحت عن نوبات بكائها القادمة:

- إياس، أنت تمزح، صحيح؟ أجبني وقل أنك تمزح، من المحال أن يقود الإياس عائشته إلى هذا الألم، أليس كذلك؟!

لم يصدر عنه سوى أن التفت بوجهه إلى الجهة الأخرى، فأدارت وجهه إليها بعنف صارخة ببكاء لم تستطِع مواراته  أمام مرارة ما أُخبرها به:

- أجبني.

ضغط على قبضة يده بعنف كي لا تهزل قوته فينصاع لقلبه العاشق ويعانقها معتذرًا على ما اقترف بحقها،  يشعر أن عيناه ستخون عهدها مع عقله، وتُجرفه للنظر إليها، فهتف بجمود قبل أن يخرج هاربًا إلى الخارج:

- كما سمعتِ، هذا نبأٌ لا مأوى للهزل بين أركانه.

هوت قدماها أرضًا لاحقة بفؤادها الذي انتزعه وسحقه تحت قدميه قبل قليل مدركة جحيم ما تفوه به، تعلم تمام العلم أنه لا يمزح في هذا الشيء، ليس في هذا الوقت، فسوء حالته النفسية بسبب تلك الأزمة التي تعرض لها وتقلباته المزاجية أكبر دليل على صدقه، فإياس الحالي ليس هو من يمزح بتلك المزحة الزهيدة، ظلت على حالها لدقائق كثيرة تعدت إلى ساعات، حتى نهضت من مكانها تمحو دموعها التي غرق وجهها بها، ثم اتجهت إلى الداخل عازمة على شيء ما؛ علها بفعلتها تجعله يفيق من هذا الطوفان الذي غاص في أعماقه، ثم أدركه الغرق به فلم يعد يستطيع العودة مرة أخرى.

------*------*------

طاف بسيارته كثيرًا في جميع الأنحاء، تخبط بها في العديد من الطرقات بعقلٍ ربما لو استطاع البكاء لبكى على حال صاحبه الذي تصلبت عيناه من قسوة ما تعرض له، لم تقُده قدماه سوى تجاه هذا المسجد القديم الذي دائمًا ما كان يجتمع فيه وشقيقه، تأوه بحزن دفين متذكرًا تلك الأيام الهادئة الخالية من نوائب الدهر، استند بجذعه على جدار المسجد وأنامله تعبث في أوراق المصحف الشريف بين يديه، ثم بدأ في التلاوة بصوته العذب علّ شروده بكلمات الله يُنسيه ما يمر به في الوقت الحالي.

------*------*------

لفافة تبغ حقيرة قبضت عليها أنامل ذلك المراهق الذي ربما لم يبلغ عمره السابعة عشر بعد، ابتسامة متهكمة فرّت من شفتيه بعدما استمع إلى كلمات رفيقه القلقة:

-  أبان! ألا تخشى أن تتعثر بأباك فيراك على هذا الحال؟

التفت إليه هاتفًا بحدة:

بلاء قمطريرا الجزء الثالث من قدر الصبا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن