في يوم من ايام فصل الشتاء وفي احدى الجامعات المصرية كان يجلس بطلنا عُمر بمكتبه في كلية التربية ينهي بعض الأعمال على حاسوبه الشخصي وبعد ان فرغ اغلق حاسوبه وشرد بذهنه في حياته، أثناء ذلك دخل صديقه أنس عليه ووجده بهذه الحاله فهز رأسه بأسف على حال صديقه ثم نادى عليه لكنه لم يرد فأقترب منه وطرق على المكتب بكلتا يديه فسأله عُمر فزعًا: في ايه؟ انت هنا من امتى؟
أنس بمزاح: من زمان يا باشا
قام عُمر من مكانه وتوجه إلى شباك الغرفة وهو يقول بلا مبالاه: طيب
فنظر أنس اليه وقال بشيء من الغضب: حرام عليك اللي انت بتعمله فيها وفي نفسك ده
التفت عُمراليه قائلا بعصبية: ملكش فيه
أنس على نفس وتير الغضب: انا مش فاهمك بصراحه، عاوز ايه اكتر من كده تثبتلك به حبها ليك
جلس عُمر امامه ووضع رأسه بين يديه بحزن وتنهد، فجلس أنس بجانبه ونظر له وسأله بهدوء: انت خايف؟
رفع عُمر رأسه ونظر امامه وقال: ايوه
أنس: من ايه؟
عُمر: مش عارف
أنس: بس انا عارف
عُمر: طيب اعمل ايه؟
أنس: ادي لنفسك فرصه وسيب روحك ليها وانسى اللي فات
عُمر: صعب، حاسس اني مش هقدر
أنس: بتحبها ولا لا؟
عُمر: ايوه بحبها بس....
قاطعه أنس قائلا: مفيش بس، الحب مفهوش بس، الحب حب من غير سبب
عُمر: طيب أتأكد ازاي؟
أنس: اسألها
عُمر: لا، خايف تصدني بعد معاملتي معاها
أنس: هي لو صدتك يبقا معاها حق
عُمر: انت معايا ولا معاها؟
أنس: انا مع الحق، ورائي انك تاخد خطوه وساعتها انت هترتاح
عُمر: ازاي بقا؟
أنس: سواء طلعت بتحبك او لا فأنت الكسبان، لأنك طلعت مشاعرك وهتبقا عرفت مشاعرها ناحيتك
عُمر: عندك حق
ثم ربت أنس على كتف عُمر قائلا: طيب هسيبك تفكر بهدوء وتوصل لقرار
عُمر بابتسامة: ماشي
في الخلفية هشام الجخ بيقول:-
"وبحبك حب مكسوف يبين نفسه حتى قدامي"
********************
"على الجانب الاخر في منزل بطلتنا أروى، حيث كانت تجلس في غرفتها تتحدث مع صديقتها قمر"
قمر: بطلي بقا كل دي اوهام
نظرت أروى اليها بحزن وقالت: بس انا حاسه، ومش ممكن تكون اوهام
قمر: طيب ما يمكن بيتسلى بيكي وعاجبه اللي انتي فيه، يروح ويجي وانتي زي ما انتي، يقرب ويبعد بمزاجه ويشوف دي ودي ودي وانتي على حالك مش عايزه غيره، مسيره يمشي زي ما غيره مشي وكسر قلبك وداس عليه
وضعت أروى يديها على اذنيها عندما سمعت تلك الكلمات من صديقتها وصرخت بها: كفااااااايه، حرام عليكي
وتبللت وجنيتها بدموع عينيها، وشعرت بثقل قلبها بين ضلوعها وظلت تبكي وتبكي فأقتربت منها قمر وضمتها اليها وقالت بهدوء: انا اسفه
فلم تجيبها، فقالت قمر: سامحيني، انا مكانش قصدي افتح جرحك تاني، انا عاوزه افوقك لنفسك
نظرت أروى اليها بعيونها الحمراء ولم تجيبها فسألتها قمر: بتحبيه؟!
أروى بحزن: ايوه
قمر: طيب اهدي وخلينا نفكر مع بعض
مسحت أروى دموعها وحاولت ان تهدئ نفسها واخذت نفسًا عميقًا وسألت صديقتها: اعمل ايه؟
قمر: كلميه
أروى: مستحيل
قمر: انتي مش بتقولي بيحبك
أروى: مش عارفه
قمر: يعني ايه؟
أروى: يعني التلميحات دي كلها معرفش اذا كانت ليا ولا لا بس معاملته في الكلية كانت غريبه
قمر: ازاي؟
أروى: نظراته اللي الدفعه كلها لاحظتها ومحاولات لفت نظري، حتى الخناقه اللي افتعلها وانا مردتش عليه فيها
قمر: ياااااه يا أروى ده انتي سايبه الجامعه بقالك سنه ولسه فاكره كل حاجه له
أروى: هتصدقيني لو قولتلك انهم كانوا احلى 6 شهور في عمري، لحد اللي اتقالي عنه من كلام وحش خلاني اخاف
قمر: كلام ايه؟
أروى: انه بتاع بنات، وانه بيلمسهم غصب عنهم ومش بس كده، ده اي واحده تعجبه لو مجاتش سكه معاه يسلط عليها كلبوبات الدفعه
قمر: يا خبر اسود، ده ايه الواقعه دي
أروى: انا مكنتش مصدقه لحد ما اتقالي انه ارتبط ببنت من دفعتي، فصدقت
قمر: وطبعا بعدتي
أروى: كنتي عاوزاني اعمل ايه غير كده
قمر: تتأكدي مثلا
أروى: ال posts بتاعته كانت بتقول كده، اظن مفيش تأكيد اكتر من كده
قمر: صبرني يا رب، يعني تحكمي من posts الفيس ومتسأليش؟
أروى: ايوه
قمر: وهو لازم الواحد يكون مرتبط عشان ينزل posts ما يمكن بينزلها عادي
أروى: معرفش بقا
قمر: وهتعملي ايه؟
أروى: مش عارفه، انا تعبانه اوي
قمر: طيب ليه مش عايزه تكلميه، يعني انتي اللي تبدأي
أروى: مقدرش، افرضي ده كله مش ليا، او تهيؤات زي ما قولتي، ساعتها شكلي ايه قدام نفسي؟
قمر: عندك حق، بصي سيبيها لله ودلوقتي لازم تفوقي وتركزي في نفسك ومستقبلك
أروى: ان شاء الله
*******************
ومرت الايام وانتقل عُمر الى عمل جديد ومرحلة جديده في حياته، وظلت أروى تعافر، فيوم تستقر ويوم تصاب بإحباط، فتبدأ من جديد، وظل الخوف من الرفض يسيطر على كلٍ منهما، وبقت التلميحات هي فقط من تعطيهم أملًا في التواصل والاقتراب يومًا ما، الى ان لاحظ بعض زملائها الذي يدور وبدأوا يسألونها عنه ولكنها كانت تنكر كل شيء وتتصنع الثبات رغم تصرفاته الغير مفهومه، وفجأه وبدون مقدمات او مبرر قرر عُمر الابتعاد، اما أروى فظلت تحاول الاقتراب منه بكل الطرق ولكنه كان لا يلقي لها بالا، فلملمت حِطام قلبها وبدأت في المعافره وحدها من جديد والانتباه الي مستقبلها.
***********************************
ذات يوم كان عُمر في مكتبه يراجع بعض الاوراق وصديقه أنس بجانبه يتحدث على الهاتف وبعد ان انهى أنس المكالمه لاحظ حركات عُمر العشوائية فتارة ينظر الى الهاتف وتارة يشرد بذهنه ويتنهد وتارة اخرى يحاول التركيز في مراجعه الاوراق فسأله: مالك
عُمر: ها... مفيش
أنس: عملت معاها ايه؟
عُمر: بعدت، خلاص كده
أنس بأندهاش: ليه؟
عُمر: مش لازم تعرف
أنس: حد قال لك حاجه عنها؟
نظر له عُمر دون رد واكمل فحص الاوراق التي امامه
أنس: كلمني زي ما بكلمك، انطق
توقف عُمر عما كان يفعل وتنهد بغضب ولم يجيبه، ثم عاد واكمل عمله مره اخرى دون النظر لأنس
فقال أنس بغضب: يعني post انك هترجع لملك صحيح؟
تأفف عُمر وقال: لا مش صح، ده هزار
أنس: اومال ايه، ايه اللي حصل وايه اللي غيرك كده
سكت عُمر وعاد ينظر في الاوراق ويطرق بالقلم على المكتب بعصبيه
صاح أنس: ما تنطق
كسر عُمر القلم بين اصابعه بعصبيه ولم يتحدث
أنس: افهم من كده انك كنت بتلعب بيها، تبعد وتقرب بمزاجك
نفض عُمر الاوراق من بين يديه بغضب ونظر اليه بحده وصاح قائلا: وانت مالك، اعمل اللي انا عاوزه
أنس: هتندم، ندم عمرك عشان ضيعتها من ايدك
نظر له عُمر بأسف وطأطأ رأسه والدموع في عينيه ولم ينطق بحرف
هز أنس رأسه بأسف على حاله وقال: غبي، وهتندم على تسرعك ده
وتركه وذهب، بينما لم يستطع عُمر ان يكمل عمله، فلملم اشيائه ونزل الى جراچ الجامعه وقاد سيارته وذهب الى المنزل وهو حزين وكلمات صديقه تتردد في عقله.
*******************
بعد مرور عدة ايام اخرى، ذهبت قمر لزيارة اروى في منزلها، بعدما علمت بأن حالتها النفسيه اصبحت سيئه وقررت الابتعاد عن البشر والانعزال ودخلت في موجة من الاكتئاب، فطرقت باب غرفتها ودخلت اليها، فوجدتها جالسة على سريرها تنظر في الفراغ وتتنهد بتعب وحزن فنادتها قمر
ردت أروى دون النظر اليها: كان عندك حق
وقفت قمر امامها وربعت يديها بعصبيه وسألتها: ازاي؟
تنهدت أروى بحزن وقالت: كل حاجه خلصت من قبل ما تبدأ، وكانت اوهام فعلا
قمر: عرفتي ازاي؟
أروى: كتب على صفحته انه هيرجع لحبيبته
قمر: يعني كل ده كان بيمهد ليها؟
أروى: ايوه، وانا اللي كنت عايشه في وهم كبير
قمر بتحذير: عارفه لو عيطتي، هديكي بضهر ايدي، احمدي ربنا، انه بان قبل ما يحصل حاجه بينكم
أروى: عندك حق، الحمدلله على كل حال
قمر: وهتعملي ايه؟
أروى: مش هعمل حاجه خلاص، انا عملت اللي عليا وبزياده اوي وطلع في الاخر ملوش لازمه، انا كان نفسي بس يحس بيا ويعرف انا بحبه قد ايه
قمر: ولا يهمك، بكره ربنا يعوضك بالاحسن منه
أروى: ان شاء الله
ووضعت كفيها على وجهها وبدأت تبكي، فأمسكتها قمر من ذراعيها وظلت تهزها وتصرخ عليها: فوقي لنفسك كفايه اللي راح، عيشي لنفسك مفيش حد يستاهل تضيعي حياتك وصحتك عشانه
وذهبت معها لتغسل وجهها وتزيل اثر دموعها، وبعد ان خرجت وجلست تجفف وجهها وقفت قمر امامها مرة اخرى وسألتها بحزم: ناويه على ايه بقا في حياتك؟
أروى: هرجع لحياتي، وادور على نفسي كفايه كده، وقلبي ده يركن على جنب بقا
قمر: ربنا يوفقك
أروى: يارب
وبالفعل بدأت أروى حياتها، حيث ذهبت وقدمت اوراقها في الجامعة مرة اخرى وبدأت بالبحث عن وظيفه، ولكن حدثت ظروف ابعدتها عن عائلتها واحبابها مدة شهر، وفي خلال تلك المده ظهر امامها بعض الناس خبثاء النوايا وعرفت من يكن لها الحب ومن يكن لها الحقد والكراهيه
**********************************
ومرت الايام وبدأت حالة أروى النفسيه بالتحسن رغم كثرة المشكلات والاذى من حولها، وبدأت السنة الدراسيه وذهبت للجامعه واختارت قسما تحبه وتعرفت على اصدقاء جدد وبدأت الدراسة، وذات يوم بينما كانت أروى تقف مع اصدقائها في انتظار المحاضره، لمحت عُمر مع صديقه أنس يتمشيان وسط الطلبه لحضور المحاضره الخاصه به، فدق قلبها بقوه وتنهدت بحزن ثم عادت بنظرها لصديقاتها وتحدثت معهم على امل الا يلاحظها عُمر.
داليا: اييييه روحتى فين؟
أروى: هنا اهو في ايه؟ كنتو بتقولوا ايه
سهى: كنتي بتبصي على مين؟
ابتسمت أروى وقالت: ابدا افتكرت بس ايام الكلية
أميرة: مش ده دكتور عمر
داليا: اه هو
سهى: تفتكروا هيدينا السنادي؟
أروى: ايه اللي هيجيبه هنا، احنا قسم وهو قسم تاني
أميرة: على رأيك
أروى: طيب يلا بينا الدكتور وصلت
والقت نظرة عليه عند دخوله الى محاضرته
******************
"على الجانب الاخر، عند عُمر وصديقه"
أنس: راجع امتى؟
عُمر: الاسبوع الجاي
طالب: دكتور عمر، ازيك يا دكتور
عُمر: الحمدلله....
وتسمر مكانه فجأه ونظر في اتجاه واحد
أنس: عُمر، يا عُمر روحت فين؟
عُمر: مش ممكن
أنس: ايه؟ انت بتبص على مين؟
عُمر:.........
وتقدم بضع خطوات
أنس: استنا انت رايح فين؟
عُمر: راجعلك تاني
وقف عُمر امام المبنى الذي تقف به أروى مع زملائها وقلبه ينبض بشده وعرفت بسمة صغيرة طريقها على وجهه وظل ينظر الى أروى ويردد في نفسه: لفي، عايز اشوفك، وحشتيني
فأقترب منه صديقه أنس وجذبه من يده وهو ينادي عليه: في ايه، مالك؟
عُمر: أروى
أنس: فين؟
عُمر: اللي هناك دي
أنس بقلة حيله: يلا المحاضره هتبدأ، دي تهيؤات، او الشمس ضربتك
عُمر: يلا
******************
وبعد انتهاء المحاضرة اتجه عُمر وأنس الى جراچ الكلية ليستقل كلٍ منهما سيارته واثناء سيرهم معا لاحظ أنس ان عمر يشرد بذهنه كثيرا ويبتسم وهو يتحدث اليه فنادى عليه، فرد عمر عليه قائلا: ها؟ كنت بتقول ايه؟
أنس: ولا حاجه انت مش معايا خالص
ابتسم عُمر وقال: فعلا
أنس: اللي واخد عقلك يتهنى به
ضحك عُمر وسأله: طيب واللي واخده الاتنين نعمل معاها ايه؟
أنس: نقرب منها، ونحبها، وكفايه عذاب لحد كده
عُمر: عاوز الحق؟
أنس: قول
عُمر: مراحتش عن بالي الفتره اللي فاتت، حاسس اني بحبها اكتر من الاول
أنس: صبرني يارب، طيب انت متأكد انك شوفتها
عُمر: ايوه
أنس: ماشي، عرفتها ازاي وهي واقفه مع زمايلها وكمان مدايالك ضهرها
عُمر: هتصدق لو قولتلك ان ريحتها كانت حواليا، وقلبي قال لي انها هي
سأله أنس وهو يفتح باب سيارته: وناوي على ايه؟
وقف عمر بين السيارتين واجاب: مش عارف
أنس بعصبيه: طيب خليك حيران كده لحد ما تضيع منك
واغلق باب سيارته بقوة واشعل المحرك وبدأ بالتحرك فقال عُمر وهو يقف امام السياره: استنا طيب...
اخرج أنس رأسه من شباك السياره وقاطعه بغضب: وسع بدل ما افرمك
فتحرك عُمر من امام السياره قليلا وهو يضحك على أنس الذي قاد بسرعه، ثم استقل عُمر سيارته وتحرك الى منزله وظل يفكر في أروى الى ان انتهى يومه وذهب للنوم، ومرت الايام وذهب عُمر الى عمله الجديد، اما عن أروى فأنشغلت بدراستها التي احبتها كثيرا وبدأت تبحث عن عمل بجانب الدراسه
********************************
ومرت الايام يوما تلو الاخر، والدراسة تشغل أروى اكثر فأكثر، الى ان عاد عُمر من عمله الجديد مرة أخرى وذهب للجامعه ليزاول مهنته كأستاذ جامعي، وذات يوم كان عُمر في مكتبه يعمل على حاسوبه الشخصي عندما دخل عليه صديقه أنس قائلا بمرح: انت قاعد كده ليه؟
عُمر: بشتغل هعمل ايه يعني
أنس: طيب مش عايز تشوفها؟
عُمر بلهفه: ياريت
أنس: ما تبص وراك من الشباك كده
نظر عُمر خلفه بسرعه من وراء الزجاج فوجد أروى تقف مع اصدقائها امام مبنى المدرجات، تراجع بعض المحاضرات
فأبتسم وظل يشاهدها بعشق، الى ان اختفت ابتسامته تدريجيا عند اقتراب مُعيد بالقسم معه منهم ووقف امام أروى وبدأ بالتحدث والضحك، فنادى عُمر أنس بعصبيه قائلا: اتفضل اهي واقفه بتضحك مع فهد
أنس: فين اللي ضحكت دي ما واقفه مكشره اهي
عُمر بغيره: شويه وهتضحك معاه ومش بعيد يبقا فيها لمس كمان، انت عارف فهد مبيعتقش واحده
ضحك أنس على غيرته وقال: طيب ما تعمل حاجه
عُمر: زي ايه؟
أنس: انزل شد فهد بأي حجه، واهي فرصه تشوفها عن قُرب
عُمر بعصبيه: لو نزلت هنزل اكسر عضم وشه، عشان يبطل اللي بيعمله ده
أنس: لا اهدأ وانزل اسحبه بالراحه
عُمر: طيب، هنزل
*********************
"عند أروى والبنات"
فهد: ازيكم يا بنات
سهى: الحمدلله، ازيك يا دكتور فهد؟
فهد: بتعملوا ايه؟
أميرة: بنراجع، مش في ميدترم ولا ايه؟
فهد: فكك هتعدوا
ثم نظر الى أروى وابتسم وسألها: ولا ايه يا أروى؟
أروى وهي ترفع رأسها: ها؟ ان شاء الله
فألقى فهد بعض النكات فضحك الجميع بصوت عالٍ الا أروى اكتفت بالابتسام فقط، وبدأ فهد في الضحك مع البنات فتراجعت أروى بضع خطوات عنهم فأستغل فهد الفرصه وتقدم خطوه ليكون بالقرب من أروى، ولكن قبل الخطوه الثانيه وجد يد شخص ما تعتصر كتفه بقوة وتمنعه عنها، فتجمد فهد مكانه بألم ولف بجسده الى صاحب تلك اليد بغضب ليضربه فوجده عُمر ينظر اليه بعينين مشتعله بالنيران وعروق يديه ورقبته بارزه من الغضب، وينتظر ردة فعله فحمحم فهد بتوتر وقال: دكتور عُمر؟!
عُمر بتساؤل: رايح فين؟
فهد بتوتر: كنت بتكلم مع الطلبه، عاوز ايه؟
عُمر: مش انا اللي عاوز
فهد: اومال مين؟
عُمر: تعالى معايا وانا اقولك
جذبه عُمر من ذراعه بقوة وهو يقول للطلبه مركزا نظره على أروى: هاخد منكم دكتور فهد شويه ولا عاوزينه؟
نظروا اليه جميعا عدا أروى ولم تجب واحدة منهم عليه، فتركوهم وذهبوا، وبعدما ذهبوا لاحظت داليا ان أروى تتصرف بتوتر فقالت بتساؤل: انتي بتعملي ايه؟
أروى: بلم حاجتي
داليا: ومأخدتيش بالك من الخناقه اللي كانت هتحصل
أروى: لا، وانا مالي اصلا
سهى: بس عُمر ده عنيف اوي ده كان هيخلع كتف فهد
داليا: فعلا، بس انا لاحظت ان عُمر كان بيكلمك يا أروى
أروى: بيكلمني انا؟ ازاي؟
داليا: يعني نظره كان عليكي
أروى: لا دي تهيؤات، ويلا عشان المحاضره هتبدأ
وذهبوا معا الى المحاضره، واثناء سيرهم تذكرت أروى حديث زميلتها فتنهدت بحب وظهرت ابتسامه صغيره على وجهها، ولكن سرعان ما اختفت تلك الابتسامه ولمعت دموع الحزن في عينيها عندما تذكرت اعلان عُمر عن رجوعه الى حبيبته، وفجأه رأت عُمر واقفا بجانب سيارته ويتطلع اليها بغموض، فأرسلت اليه نظرة عتاب ودخلت الى قاعة المحاضره.
*********************
"في مكتب عُمر قبل نزول عُمر منه"
حيث كان أنس يشاهد ما حدث بين عُمر وفهد من الشباك، وانتظرهم حتى صعدوا الى المكتب، وما ان دخل عُمر وفهد المكتب حتى بدأت مشاجرة بينهم، حيث حاول فهد ضرب عُمر اكثر من مره، ولكن تفادى عُمر ضرب فهد، بل وطرحه ارضا ناوله عدة لكمات في وجهه وجسده، فصرخ أنس عليهم ليتوقفوا عن التشاجر.
فقال فهد وهو يمسح جرح فمه الذي سببه عُمر له: يعني عاجبك اللي عمله عُمر ده
عُمر: تستاهل قطع رقبتك كمان
فهد وهو يلهث: وانت مالك انا حر
امسكه عُمر من رقبته بغضب وضغط عليها وقال بتحذير: لو قربتلها تاني هقتلك، سامع؟
فلم يسمعه فهد وقال وهو يختنق: سيبني، هموت
فتدخل أنس وفك يد عُمر من حول رقبة فهد، وبدأ فهد يسعل بقوة، وخرج عُمر من المكتب بسرعه واغلق الباب بقوة خلفه.
*******************
اما أنس فنظر الى فهد الذي يشرب بعض الماء وسأله: عجبك اللي حصل، ينفع اللي عملته ده؟
وضع فهد زجاجة الماء جانبا وقال بدهشه: انا....
أنس: اومال امي؟
فهد: وصاحبك اللي شبه الطور الهايج ده ايه؟
أنس: لم الدور يا فهد وبطل اللي بتعمله مع الطلبه ده
فهد: انا معملتش حاجه
أنس: لا والله ده انت اتشهرت بين الطلبه بسبب تصرفاتك مع البنات
فهد بمزاح: مش مع كله يعني ده اللي بتعجبني بس
أنس: انت بتهزر، ياريتني سيبته يقتلك
فهد: سيبك منه، قول لي ايه رأيك في البنت اللي كانت واقفه معاهم؟
أنس: انهي واحده؟
فهد: أروى، اللي كانت ماسكه الكتاب ورجعت لورا لما بدأت اهزر معاهم
أنس: محترمه طبعا، بس انت مالك بيها؟
فهد: عجبتني بصراحه، وعايزها
أنس: انت اتجننت صح؟
فهد: انت فهمت ايه؟ انا قصدي اخطبها
أنس بصدمه: ايه؟
وبدأوا بالتحدث معا في محاولة من أنس لثني فهد عن قراره، الى ان قال فهد وهو يرتدي كمامة طبيه ليخفي جرح فمه: خلاص انا هنزل اسألها عن رقم باباها
وتركه فهد وذهب بينما ظل أنس يفكر في كيف سيخبر عُمر بقرار فهد وتخيل ردة فعله.
***********************************
ذهب فهد الى مبنى المحاضرات فوجد عُمر يقف مع بعض الطلاب امام احدى القاعات يشرح لهم بعض النقاط التي فاتتهم، ووجد أروى تقف مع احدى زميلاتها وتتحدثان معا، فتخطى فهد عُمر واقترب من أروى مناديا عليها: أنسه أروى
التفتت اليه أروى وقالت: نعم يا دكتور فهد
فهد: دقيقه من فضلك في موضوع مهم عاوزك فيه
أروى لزميلتها: طيب اسبقيني انتي
ثم نظرت الى فهد وقالت: اتفضل يا دكتور
فهد: تعالي معايا
وابتعدوا قليلا عن الجميع تحت نظرات عُمر الغاضبه
أروى بتوتر: نعم يا دكتور
فهد بأبتسامه: عاوز رقم والدك؟
أروى: ليه انا عملت حاجه غلط؟
ضحك فهد وقال: لا طبعا، انا عاوز اخطبك
نظرت أروى حولها للتأكد ان كان الحديث لها ام لا ثم نظرت لفهد وقالت: ايوه يا دكتور بس انا.....
قاطعها فهد سائلا: ايه في حد في حياتك؟
أروى: لا بس انا مش بفكر في الجواز دلوقتي
فهد: هنعمل خطوبه الاول وفكري على مهلك، بس هاتي رقم والدك
أروى بقلة حيلة: اتفضل الرقم
فهد بأبتسامه: شكرا
أروى: عن اذن حضرتك
وبعد ان اعطته رقم والدها تركته لتذهب الى منزلها، واثناء خروجها من بوابة الجامعه لمحت عُمر بسيارته فتنهدت بحزن واكملت طريقها للمنزل، اما عُمر فقد انهى حديثه مع طلابه وهو يشعر ببعض التعب فذهب لسيارته وقادها متجها الى منزله، واثناء مروره من بوابة الجامعه لمح أروى وهي تمشي مع زملائها في المرآه الخلفيه، فابتسم واكمل طريقه الى المنزل، وفي صباح اليوم التالي استعد عُمر للسفر الى عمله الثاني، فحزم حقائبه وقبّل يد والدته وسافر.
******************
وبعد مرور عدة ايام، وفي منزل أروى، حيث عادت أروى من الجامعة وقبّلت يد والدتها وساعدتها في تحضير الغداء وحكت لها عن فهد، فسألتها والدتها: وانتي ايه رأيك؟
أروى: انا مبفكرش في الجواز
والدتها: ليه يا بنتي
أروى: مش عاوزه اختار غلط تاني
والدتها: مش معنى ان قاسم كان وحش معاكي يبقا كل الناس وحشه
تنهدت أروى بحزن عندما تذكرت ما حدث لها من "قاسم، اول حب بحياتها" وفرت دمعة من عينها فمسحتها بسرعه وقالت: مكانش وحش بس، ده دمرني، وكسر قلبي بكل برود، وبعدها رجع يطاردني تاني حتى بعد ما حبيت عُمر من غير ما يعرف، فضل يطاردني بردو
والدتها: عارفه انها كانت فترة صعبه عليكي، بس انتي قوية وعدتيها
ثم اضافت والدتها: هو عُمر لسه ميعرفش انك بتحبيه؟
أروى بمرارة: لا طلع مكانش حاسس بيا اصلا، كل ده كان اوهام
والدتها بحزن: ولا يهمك، ودلوقتي فكري في العريس ده
أروى بحزن مكتوم: ماما!!، انا هقوم انام لحد ما بابا يوصل
والدتها: طيب، ربنا يقدملك اللي فيه الخير
أروى: عن اذنك
وما ان دخلت أروى غرفتها حتى ارتمت على سريرها بحزن وانفجرت في البكاء حتى غفت.
*******************
وبعد عدة ساعات استيقظت أروى على صوت والدتها التي تناديها لتتناول الغداء، فقامت أروى وغسلت وجهها وتناولت الغداء مع والداها، وبعد ان انتهوا جلست أروى تتحدث مع والدها، فقد اخبرها والدها ان فهد اتصل به وطلب مقابلته لطلب يدها منه
والدها: ها يا بنتي ايه رأيك؟
أروى: يا بابا انا....
والدها: فكري كويس الاول
أروى: انا محتاجه فتره افكر
والدها: طيب ايه رأيك؟ اخلي الخطوبه بعد امتحاناتك وتكوني فكرتي كويس
أروى: تمام كده
وعادت الى غرفتها مرة اخرى، وادت فرضها وجلست تراجع دروسها ثم جلست على سريرها وفتحت هاتفها على صورة عُمر والدموع في عينيها وتحدثت اليها قائله: كان نفسي تكون مكان فهد، اتمنيتك وحبيتك اوي وكان نفسي تحس بيا، كان نفسي تكون نصيبي وقسمتي.....
وظلت تتحدث الى الصورة الى ان غلبها النعاس
*******************
ومرت الايام وتبقى شهر على امتحانات اخر العام، وذات يوم كان أنس يتحدث مع عُمر على الهاتف، فأخبره أنس بقرار فهد لخطبة أروى
صاح عُمر: انت بتقول ايه؟
أنس: هيخطبهاااااا يا بجم، اغنيها؟
عُمر: من امتى الكلام ده؟
أنس: يوم ما اتخانقت معاه، نزل بعدها طلب منها رقم والدها، واتفق معاه الخطوبه تبقا بعد الامتحانات
عُمر: وهي وافقت؟
أنس: اسألها يا بغل، يا بهيم، يا متسرع، يا غبي
عُمر: ما تبطل شتيمه بقا
أنس: حاضر، اسألهااااا يا عُمر
عُمر: ما خلاص راحت مني
أنس: لا لسه قدامك فرصه ودي الاخيره، يا تتجرأ وتنطق، يا هتروح منك بجد والمرة دي مش هتعرف ترجعها
عُمر: انا راجع بكره واول ما انزل الجامعه هدور عليها واكلمها
أنس: يارب يحصل
اغلق عُمر الخط في وجه أنس بغضب، وفتح هاتفه على صورة أروى، وظل ينظر اليها بندم ويتذكر حبها له ومحاولاتها للاقتراب منه وتنهد ثم عاد وتذكر معاملته الجافه معها بسبب حديث زملائها عنها بالسوء، الى ان قال: سامحيني عالفتره اللي فاتت، كنت غبي ومش فاهم، انا بحبك اوي، انتي بتاعتي، ومحدش هياخدك مني....
*********************************
وبعد عدة ايام ذهب عُمر الى الجامعة وبعد ان انهى عمله بها بدأ يبحث عن أروى في كل مكان فيها فلم يجدها، فخرج الى المقاهي الموجوده بجانب الجامعه عله يجدها في احدهم، الى ان وجدها تجلس وحدها في مقهى صغير بجانب الطريق تقرأ كتاب، فدخل الى المقهى واقترب منها ببطئ وقلبه ينبض بشده، ونادى قائلا: أروى
سمعت أروى الصوت وقفز قلبها في صدرها من الفرحه ولكن ظلت تقرأ الكتاب وظنت انه خيال لا أكثر، فأعادها عُمر مرة أخرى وهو يربت بيده على مسند المقعد الجالسه عليه، فرفعت رأسها اليه وقالت بلهفه: عُمر، احم دكتور عُمر
ابتسم عُمر وسأل: ممكن اقعد؟
أروى بتوتر: اتفضل
جلس عُمر امامها والتقت نظراتهم في عناق الارواح، وبدأ كلٍ منهما يتطلع الى الاخر بصمت كله اشتياق وعتاب وكأن ارواحهما تتحدثان مع بعضهما البعض، الى ان قطع عُمر هذا الصمت بتنهيدة وحمحم قائلا: أروى، عاوزك في موضوع
أروى: اتفضل يا دكتور
عُمر: انا...
أروى بأمل: خير يا دكتور؟
عُمر: انا بحبك يا أروى
طأطأت أروى رأسها بخجل وابتسمت ولكن اختفت ابتسامتها عندما تذكرت فهد ولمعت الدموع في عينيها بحزن، فنادها عُمر بقلق: أروى؟ مالك؟
رفعت أروى نظرها اليه وصمتت، فرأى عُمر دموع عينيها فانقبض قلبه وقال بتوتر: انا اسف، لو زعلتك
مسحت أروى دموعها وقالت: لا مزعلتنيش، بس...
عُمر: قصدك فهد؟
أروى: ايوه، انت اتأخرت اوي
عُمر برجاء: لا لسه في فرصه متبخليش عليا بيها
أروى بعتاب: اديتلك فرص كتير وانت مقدرتش
عُمر: كنت غبي، وخايف
أروى: ودلوقتي؟
عُمر بضعف: عرفت قيمتك، انا بحبك
أروى بحزن: عُمر انا...
قاطعها عُمر وقال برجاء: انا محتاجلك في حياتي
أروى: طيب ممكن تسمعني؟
عُمر بقلق: اتفضلي
أروى: انا كمان بحبك، وحبيتك لدرجة اني اتمنيتك من ربنا
ابتسم عُمر بأمل وقال: حلو
أروى: سيبني اكمل
عُمر: اتفضلي
تنهدت أروى واكملت: كنت بحس بيك وبفهمك من نظرتك من غير كلام، كان نفسي تحس بيا وتعرف حبي ليك، كنت بتمنى منك كلمة، لكن اللي حصل العكس
عُمر بعتاب: أروى!!
نزلت دمعة من عينها وقالت بمراره: انت حسستني في لحظه اني ولا حاجه، كسرت قلبي ورمتني وراك
ووضعت كفيها على وجهها وصمتت بينما زادت دموعها وعلى صوت شهقاتها، وعُمر ينظر لها وقلبه يعتصر من حديثها، فقال بنبرة حزينه وندم: انا اسف
فقالت أروى: ويفيد بأيه، انت مكتفتش بكده، ده انت قولت عني سد خانه، وفي الاخر قولت انك هترجع لحبيبتك الاولى
عُمر بهدوء: كنت فاهمك غلط والله، وعملت كده هزار
أروى بغضب: هزار؟! وايه اللي انت فاهمه عني غلط
عُمر: ايوه هزار، وكلام اتقالي عنك، فعملت كده عشان اقولك انك مش في دماغي
أروى بغضب اكبر: انا محدش يعرف عني حاجه اصلا، وبدل ما تيجي تسألني، استسهلت وصدقت
عُمر: ايوه انا غلطان، ودلوقتي بقولك اسف
أروى: انت اخدت كل فرصك وخلصت كل حاجه من قبل ما نبدأ
عُمر: وانا بقول لك هبدأ من جديد معاكي، ومش هسيبك
أروى: وانا مش عاوزه خلاص
عُمر: انتي كدابه، انتي بتحبيني
أروى بغضب: لا....
قاطعها عُمر بعصبيه: بصي لعينيكي اللي مبتلمعش غير ليا، انا لسه جواكي زي مانتي جوايا، انا وانتي لبعض مهما حصل
نظرت له أروى بصدمة من حديثه لها، وتركته وغادرت المقهى بسرعه وهي تبكي ولا ترى شيئا امامها، فركض عُمر خلفها وهو ينادي عليها: أروى!!! أروى!!!!
*******************
واثناء ركضهم تسمرت أروى مكانها وصرخت بقوة عندما اقتربت منها سيارة بسرعة كبيره لتصدمها، ولكن لحقها عُمر بين ذراعيه بقوة وخوف عليها وارتمى بها الى جانب الطريق، وبعد مرور السيارة نظرت أروى بخوف الى عُمر الذي يتنفس بقوة ويشدد على ضمتها بيديه فوق جسده، ويقول: انا اسف، حقك عليا
فنادته أروى بضعف، فنظر لها عُمر وسألها: انتي كويسه؟
أروى وهي تنهض من فوقه: الحمدلله
فنهض عُمر ووقف امامها وقال: انا اسف اوي
أروى: انت كويس؟
عُمر: انا كويس طول ما انتي كويسه
ابتسمت له أروى وقالت بخجل: شكرا
وهمت بالذهاب، ولكن امسك عُمر يدها ونادى عليها، فالتفتت له أروى، فقال عُمر بحزن: انتي معاكي حق انا مستهالكيش
أروى بحزن: عُمر!!
عُمر: انا اسف على كل حاجه عملتها فيكي، وعلى كل احساس وحش خليتك تحسي به
أروى: عُمر انا....
فقاطعها عُمر وقلبه يعتصر حزنا على قراره: ربنا يوفقك مع فهد
أروى: عُمر انا بح..
وضع عُمر اصبعه على شفتيها وقال: ششش خلاص، انا هكلم فهد يجي ياخدك عشان مينفعش تقفي كده
واخرج هاتفه واتصل بفهد، الذي اتى بسرعة ونزل من السيارة وشكر عُمر عما فعله وركبت أروى معه السيارة وانطلق فهد بها، اما عُمر فوقف مكانه قليلا يشاهد بحزن وقلب مكسور حلمًا اخر يغادر حياته، ولا اراديا نزلت دموعه على وجنتيه، ثم ذهب الى سيارته واستقلها الى منزله، وبدأت امتحانات نهاية الفصل الدراسي، وفي خلال تلك الفترة تحسنت علاقة عُمر بفهد، وحاول عُمر ان يتجنب ان تراه أروى ولكن كان يراها هو ويطمئن عليها ويعرف اخبارها دون الاقتراب منها، الى ان انتهت تلك الفترة، وبدأت الاجازة.
**********************************
ومرت الايام واحس عُمر بحركة غريبة في بيت والده وأن هناك سرا ما يخفونه عليه، ولكن لم يلقي لهم بالا وظل على حاله يذهب الى العمل ثم يعود يتصفح مواقع التواصل الاجتماعي او يشغل نفسه في اي شي اخر دون الكلام مع احد، وذات يوم كان عمر في غرفته يرتب ثيابه في خزانة ملابسه عندما رن هاتفه برقم فهد، فرد عليه عُمر قائلا: خير يا فهد
فهد: انا عاوزك معايا بكره
عُمر: ليه؟
فهد: انت عارف ان كتب كتابي الاسبوع الجاي
تنهد عُمر بحزن وقال: ايوه عارف
فهد: طيب انت ذوقك حلو، وعاوزك تختار معايا الشبكه لأني عاملها مفاجاه
عُمر: حاضر
واغلق هاتفه وتمتم بحزن: خلاص كده، ربنا يسعدك يا أروى
*******************
وفي مساء اليوم التالي تقابل فهد وعُمر وذهبا الى احد محلات المجوهرات لاختيار الهدية، فاختار عُمر طقم من الذهب ذا فصوص فيروزية حمراء مكون من دبلة وخاتمين وسلسة وبعض الاساور في غاية الاناقة
عُمر بابتسامه: ايه رأيك في دول؟
فهد: حلوين اوي
ابتسم عُمر بألم وقال بنبرة هادئه تكتم حزنه: طيب يلا نقي دبلتك
فأختار فهد دبلة فضه بسيطه، وسأل عُمر: ايه رأيك؟
عُمر: حلوه
فهد: تمام
ثم نظر فهد الى البائع وقال: هناخد الحاجات دي
البائع: تحت امرك يا فندم
ثم اقترب فهد من البائع وهمس له بشيئا ما، وبعد بضع دقائق اعطى البائع الهديه لفهد، ثم ذهب فهد الى عُمر الذي كان ينتظره خارج المحل، فسأله عُمر: ايه كله تمام؟
فهد: تمام، يلا بينا
وذهب كلٍ منهما الى منزله
*******************
ومرت الايام، وجاء يوم عقد القران، فاستعد الاهل والاحباب للاحتفال بهذه المناسبه، حيث ارتدى عُمر بدلة سوداء كلاسيكيه في غاية الاناقه وصفف شعره وعند خروجه من غرفته وجد ابواه امامه ينظران اليه بأبتسامة، فنظر اليهم بغرابه ثم سألهم وهو يعدل معصم قميصه: في ايه؟
والدته بغموض: كل خير يا حبيبي، مالك؟
عُمر: طيب لابسين كده ليه؟
والده: فهد عزمنا، ايه بلاش نيجي؟
عُمر: لا طبعا، يلا عشان اوصلكم واروح اجيبه
والده: لا احنا هنروح كلنا، وفهد هيجي مع اهله وأنس
عُمر بعدم فهم: أهله، وأنس!!
والده: اه يلا، انزل حضر العربية على ما نقفل البيت
عُمر: حاضر
واصطحب عُمر والديه الى الحفل، وما ان وصلوا الى القاعه ودخلوها حتى رحب بهم اهل فهد، ثم اتجهوا بهم الى مقاعدهم وبعد عدة دقائق من جلوس عُمر مع والديه، بحث عُمر عن أروى بنظره فلمحها تقف بجانب والدها بفستانها الابيض البسيط الذي جعلها تبدو مثل الملائكه فقام من مكانه وتقدم بضع خطوات وظل ينظر اليها وشرد فيها بابتسامه الى ان لمحته أروى فبادلته الابتسامه، فاقترب فهد من عُمر قائلا: هتفضل متنح كتير؟
عُمر: ايه؟
فهد: العروسه مستنيه
عُمر: عروسة مين؟
أنس من خلفه: عروستك يا بقف، اتحرك
عُمر بعصبيه: بطلو هزار، انا مش ناقص هبل عالمسا
أنس: احنا مش بنهزر، اتفضل اقف جنب أروى
نظر عُمر الى فهد وسأله: يابني مش ده كتب كتابك؟
فهد: ايوه؟
عُمر: على مين؟
فهد: على بنت عمي
عُمر: اومال أروى تبقا ايه؟
فهد: عروستك انت
عُمر: انا مش فاهم حاجه
أنس: هنفهمك
فهد: يوم خناقتنا مع بعض
عُمر: ماله؟
أنس وفهد معا: اللي حصل
Flashback
"يوم خناقة عُمر مع فهد"
فهد: هخطبها
أنس: مينفعش
فهد: ليه؟
أنس: عُمر بيحبها وهي كمان بتحبه
فهد: طيب ما انا عارف
أنس: ولما انت عارف، عاوز تخطبها ليه؟
فهد: عشان اساعده
أنس: بس مش انت بتحب بنت عمك وهتخطبها؟
فهد: ايوه، وبعدين سيبك منها دلوقتي المهم عُمر وأروى، انا حاسس ان في حاجز بينهم ولازم يتشال
أنس: عندك حق، عُمر فعلا جواه حاجه تعباه اوي
فهد: خلاص نكسر الحاجز ده ونخليه ينطق باللي جواه
أنس: يعني دي تمثيليه صح؟
فهد: ايوه وانت هتساعدني فيها
أنس: ازاي؟
فهد: انا هنفذ وانت هتحركه بكلامك
أنس: تمام كده، ربنا يستر وميقطعش علاقته بينا بعدها
Back to the present
*******************
فهد: وبعدها عرفت انك هتكلمها
أنس: وكنا مرتبين كل حاجه
عُمر: وحادثه العربيه كمان؟
فهد: لا والله دي كانت بالصدفه واظن انها خدمتك
ابتسم عُمر وقال: اه جدا، بس كنت غبي بردو
ضحك أنس وقال: طول عمرك
فهد: المهم، وفي الفتره اللي فاتت انا عرفت مين اصحابها واللي حصلها كمان
عُمر بدهشه: كله؟!
فهد: انت فاهم غلط، دي كانت فتره تعارف بعلم اهلها، بعد ما طلع عليك اشاعه انك ارتبطت ببنت معاها في الدفعه، وبكده هي اتاكدت من كلام البنات عنك
عُمر: كلام ايه؟
فهد: أروى اتقالها كمية كلام قذر عنك، اللي يسمعه يقرف منك قبل ما يتعامل معاك اصلا، فطبيعي لما يطلع اشاعه انك ارتبطت ببنت هي تصدق، خصوصا الposts بتاعتك اكدت كده في الفتره دي
عُمر: دي كانت ليها هي، طيب كمل حكايه الولد
فهد: الولد ده كان اخد معاد من والدها ومجاش وصغرها، ومش بس كده ده رجع وكسر قلبها زياده على صدمتها فيك وكمان مسبهاش في حالها غير بعد ما اتأكد انها اتدمرت نفسيا
عُمر بمفاجاه: ده بجد؟
فهد: ايوه، الكلام ده أروى قالتهولي يوم الحادثه وهي منهاره بعد ما ركبت معايا، واعترفت بمشاعرها ناحيتك ليا، وساعتها كان معايا سندس بنت عمي وكنت مفهمها كل حاجه
عُمر: وانت عملت ايه ساعتها؟
فهد: طلبت منها تفسخ الخطوبه الفشنك دي، وبعد كام يوم اما انت سافرت انا روحت لوالدك
عُمر بمفاجأه: والدي انا؟ ليه؟
فهد: حكيتله عنك وعنها، وطلع يعرف والدها وطلبها ليك منه وانت مسافر وحددوا كل حاجه كمان، وانا ووالدك اتفقنا ان كتب كتابك يبقا يوم كتب كتابي على سندس
صمت عُمر لبرهه وفكر في كلام فهد واسترجع ما حدث بينه وبين أروى، وحديث زملائها عنها بالسوء
فقال أنس: انا عارف انت بتفكر في ايه؟، مكانش لازم تسمع للناس، الناس ملهاش غير الظاهر وبس، وكل واحد هيفسر بدماغه وهيقتنع انه الوحيد اللي حكمه صح على حسب خبرته هو، وساعات عالمرض اللي جواه اللي بيخليه ميحبش يشوف حد فرحان، واديك شوفت كلام الناس فرق بينكم في الاخر
عُمر: عندك حق
ثم صمت وابتسم عندما تذكر معاملة والدته له في الفتره الاخيره، وابتسامه أروى له عندما رآها منذ قليل
فهد: ودلوقتي هتعمل ايه؟
عُمر بسرعه: هعمل ايه؟، النهارده كتب كتابي وسع ياعم انت وهو فين العروسه
وتركهم وذهب، بينما وقف أنس وفهد يضحكون عليه، ثم جذب أنس فهد من يده وسأله: جاهز بالهديه؟
فهد: كله تمام
ثم نادى على اخوه ليحضرها له، وبعد ان احضر اخو فهد الهديه، اخذها أنس منه وصعد هو وفهد الى منصة الرقص....
*******************
اخذ عُمر يبحث عن أروى بين الحضور الى ان رآها تقف بجانب العروس فاقترب منها بهدوء والتقت اصابعه بأصابع يدها في عناق، فانتفضت أروى فجأه ونظرت خلفها لترى صاحب تلك الاصابع فإذا بعينيها تتلاقى بأعيُن عُمر الحالمه التي تنظر لها بعشق فقالت بتوتر: عُمر!!
فأقترب منها عُمر خطوه أخرى بابتسامه عذبه وقال: عيونه
فحاولت فك اصابع يدها من يده وهي تقول بتوتر: ايدي
فشد عُمر على اصابعها وهمس لها: مش هسيب
أروى بهمس: مينفعش كده
عُمر: ايه اللي مينفعش، خطيبتي وشويه وهتبقي مراتي
ابتسمت أروى وتنهدت: انت عرفت
اقترب منها أكثر وحاوط خصرها بذراعيه بحنان ووضع رأسه على كتفها بخفه قائلا: اه، خلاص مفيش خوف ولا جرح تاني، ملناش دعوه بكلام الناس، هنبدأ صفحة جديده مع بعض اسمها "أروى وعُمر بعيد عن الناس"
تنهدت أروى بحب وعانقت باصابع يدها اصابع يده المشدوده على خصرها بتملك قائلة: طيب ايه رأيك نسميها نصيبي وقسمتي الحلوه ونور عيني
ابتسم عُمر وقال: في بحر عيونك الحلوه تدوب عيني، انا لو اجبلك الدنيا على كفي ولا يكفي شوقي وحنيني
أروى وعُمر معا: بحبك يا فرحه عمرها ما خطرتلي في يوم على بال
ابتسم عُمر وقال: بصي عالاستديج كده؟
نظرت أروى الى منصة الرقص، فرأت أنس وفهد يمسكان بالميكروفون ويتحدثان، فقال فهد: نبارك كلنا لدكتور عُمر على خطوبته، وكتب كتابه كمان
أنس: ودي هديتنا ليكم
ونزل أنس من المنصه وتوجه الى عُمر حاملا علبة طقم الذهب التي اختارها بنفسه مع فهد وفتحها امامهم وقال بابتسامه: الشبكه
عُمر بمفاجأه: دي اللي انا اختارتها مع فهد
أنس: ايوه، يلا امسك الدبل ولبس حبيبتك
فأخذ عُمر خاتم الخطبه ورفعه ليلبسه لأروى فوجد عليه اسمه فقال: ده انتو مرتبين كل حاجه بقا
أنس بمزاح: انجز، ايدي وجعتني
وسُلط ضوء كشاف من المنصة على عُمر وهو يُلبس أروى خاتم الخطبه ويُقبّل يدها، وبعد عدة دقائق حضر المأذون وجلس فهد وعُمر كلٍ منهما امام والد عروسه وعقد قران كل واحد على حبيبته، وبعد عقد القران انهالت عليهم المباركات من الاهل والاحباب، وبدأت موسيقى هادئه على منصة الرقص، فمد عُمر يده لأروى التي بدورها امسكت يده بسرعه، وصعدا الى منصة الرقص فقربها عُمر اليه ووضع يديه على خصرها ورقص معها بخفه أولى رقصات الحفل، واقترب عُمر بخطواته إلى أروى وضمها اليه وهمس قائلا: بحبك
فابتسمت أروى وقالت: وانا بموووت فيك
فرفعها عُمر بين ذراعيه وظل يلف بها، ثم انزلها بين يديه وظلا يرقصان ويرددان مع الاغنية بسعادة.
(وعاشوا في تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات)
النهاية....❤️
أنت تقرأ
نصيبي وقسمتي
Romansaاقترب منها أكثر وحاوط خصرها بذراعيه بحنان ووضع رأسه على كتفها بخفه قائلا: خلاص مفيش خوف ولا جرح تاني، ملناش دعوه بكلام الناس، هنبدأ صفحة جديده مع بعض اسمها "أروى وعُمر بعيد عن الناس" تنهدت أروى بحب وعانقت باصابع يدها اصابع يده المشدوده على خصرها بتم...