الفصل الرابع

142 33 4
                                    

الفصل الرابع

لم يكن يتوقع أن له فرصة أخرى في الحياة بعد هذا القرار الذي اتخذه ونفذه في وقت قليل جدا ففي تلك اللحظات فُتح باب الغرفة بقوة ليظهر «فلاك» الذي ركض صوب «بشير» وحمله من قدمه ليقلل الحمل من رقبته ويعود مرة أخرى للتنفس.

حمل قدميه بيد وباليد الأخرى أخرج سكين من ملابسه وبدأ في محاولة قطع هذا الحبل وبعد محاولات كثيرة نجح أخيرا ليسقط «بشير» وسط مراقبة «فلاك» الذي اقترب منه وردد بنبرة تحمل القلق:
- مولاي؟! أنت بخير؟

بدأ في استعادة وعيه وتنفسه مرة أخرى وظل يلهث إلى أن تحدث أخيرا بتعب:
- فلاك؟! ليه أنقذتني، كنت سيبتني أموت

جلس «فلاك» على ركبتيه وردد بهدوء:
- ليه مستعجل على الموت يا بشير؟! أنت كدا كدا هتموت، ليه تختار أنت الوقت الغلط؟

أغلق عينيه وردد بنبرة تحمل اليأس:
- كنت فاكر إن سنة قليل أوي علشان أعيش الأوقات والحياة اللي نفسي أعيشها لكن طلعت غلطان، كل حاجة مطلعتش زي ما كنت متخيل، زهقت من كل حاجى بعملها، زهقت من الحياة الروتينية المملة، زهقت من مراتي اللي كنت فاكرها هتسعدني، زهقت من كتر الفلوس اللي معايا مبقتش عارف اشتري ايه لأني جبت كل حاجة، مليش دور ومهمش ومحدش بيحبني لأني مستحقش الحب، أنا وحش يا فلاك، وحش أوي

ابتسم «فلاك» ورتب على كتفه قبل أن يقول:
- ده علشان أنت كنت في بيئة فاكرها بيئة مساعدة وكويسة لكن في الحقيقة إنها بيئة مستنفذة بتاخد كل حاجة حلوة منك، عاملة زي المخدرات بالظبط في بدايتها بتوهمك إنك مبسوط وفرحان لكن في الحقيقة إنها بتدمرك كل ثانية، ده اللي حصل معاك، عيشت في بيئة بعيدة عن الخير وعن سبب وجودك الأساسي، كل يوم بتعمل نفس الحاجة الغلط وأثناء ده اتجوزت فطبيعي اختيارك يكون غلط لأنه بينعكس على حياتك، لو كويس وحياتك صح وماشي في الطريق المظبوط يبقى اختيارك هيبقى صح لكن لو العكس هيبقى زي ما أنت شوفت، أرديس دخلك في حياة أنت كنت عايزها وبقى هو يحكم المدينة وياخد القرارات المهمة، توهك في الحياة وخلاك تضل طريقك وسعيك، ده ملخص للي عشته يا بشير علشان كدا نتيجة ده كله هيخليك تكره الحياة وتفكر في الانتحار

ابتسم لكي يبث الراحة والطمأنينة في قلبه وتابع:
- لكن متقلقش، لسة بدري ومعاك وقت تقدر تاخد الطريق الصح من دلوقتي وتخلي لحياتك معنى، تقدر تعيش سعيد ولما تموت تفضل عايش بسيرتك الطيبة، تقدر تكون أفضل الناس اللي مروا على تاريخ المدينة، تقدر تكسر السلسلة اللي عمرها ما اتغيرت دي يا بشير، الوقوع في الغلط مش غلط، الغلط هو الاستمرار في الغلط، فهمت يا بشير؟

حرك رأسه بالإيجاب وردد بنبرة تحمل الخوف:
- علشان أمشي في الطريق الصح أعمل ايه؟ حاسس إن الوقت خدني في اختيار غلط وحياة مش صح، يارتني كنت سمعت كلامك من بدري يا فلاك، يارتني كنت سيبتك أنت في حياتي ومختارتش أرديس، أنا بجد ندمان، ندمان أوي

مليونير السنةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن