إختفاء اتراكسيا

510 12 4
                                    









رواية قصيرة لاتراكاسيا





حكت السنة رداء سبتمبر و ألبسته إياه لما حل بيومه الأول

تعالت عَقَائِرُ زخات المطر و تَكرْدَسَت الضباب تحجب قرص الشمس و تطمس أشعة نورها جوف قعر غيومها، لينبثق الجو الكئيب يكتسح وجه السماء منسدلا برخاء على الأنام التي تخرج من منازلها متلفعة بثياب منسوجة بأثواب نظيرة للعراء مصاب بعضَّة الصقيع

عُزِفت سيمفونية الكآبة و الهدوء على أوتار الزخات التي ترتطم بأديم الأرض خالقة الجو الشتوي الذي يتكيف مع شهر سبتمبر و يكسوه

خطوات مُهَرْوِلة قد خطت بهم على بسيطة دامية بدموع السماء، و أيادي متيبسة من البرد القارس قد قبضت بهم على معطفها الكحلي الذي يخلق إنسجاما مع خصلات شعرها ليلية دجنة مرخية على ظهرها ببُلَهْنِيَة، و بعيون أَدْعَجُة ثاقبة نظرت بهم ناحية الحافلة التي كانت على عتبة الرحيل

فلم تشعر بنفسها و إلا و قدميها تركضان بكل ما أوتي لهم من الجهد و الإِسْتِطَاعَة ناحية الباص الذي لف بعجلته يمينا ناويا سبر طريقه، فمدت يديها متحجرة من قساوة الجو و هي تتوقف لاهثة تضرب على باب حافلة زجاجي بإستغاثة و استنجاد عسى أن يُرفق بها السائق و أن يكون سببا في جعل أذانها صماء عن المحاضرات التأنبية التي كانت على وشك سماعها، و أن يكون سببا في إلجام ثغر أستاذها من إطلاق كلمات سوف تجردها من كرامتها أمام زملائها

فإستقبل السائق رجاءها برحابة صدر،  و فتح الباب تلبية لإستغاثتها لتهم صاعدة إلى الداخل و دفئ الحافلة  يتوغل منسري على أوصالها، و شمخ على مستعمرات ديباجتها الشاحبة ببياض ضروب من الإمتنان و العرفان، فأخرجت من جيب محفظتها الديجورية بطاقة الدفع للحافلة واضعة إياها على الجهاز لينبثق منه ورقة تدل على تسديدها لثمن توصيلها

و بخطواتها التي غزى عليها التعب و الكد تَغَلْغَلَت إلى بَطْن الحافلة، فأَرْجَأَت بفحيم عيونها يمنة يسرة باحثة عن مكان تستريح به، لكن جل المقاعد قد امتلأت فلم يكن  بوسعها سوى أن ترسو بقدميها متعبتان على بسيطة و تعلق يدها على العمود الحديدي الذي سيحافظ على توازنها.

محطة، محطتين، حتى فرغ المقعد الذي كانت تنتصب بحاشيته، فتجلست دون أن تمنح الفرصة لغيرها بأن يتقعد عليه، و أدرات محفظتها إلى صدرها فإِنْبَجَسَت كتاب من جوفها، تقلب صفحة وراء صفحة حتى وصلت إلى مبتغاها من الفصول. 

خصلات شعرها أدجنة قد تَلَبَّدَت بحنكها مع غرتها التي انضوت مع جبهتها ملتصقة، و رموشها كثيفة بفحيم الظلمات قد كانت تقطر بدموع السماء برخاوة، مما دعاها تبعد عنها كتابها بإنشات قليلة كي لا يتلطخ بمياه المطر التي تغمرها

Vous avez atteint le dernier des chapitres publiés.

⏰ Dernière mise à jour : Mar 24 ⏰

Ajoutez cette histoire à votre Bibliothèque pour être informé des nouveaux chapitres !

حقل اتراكاسيا Où les histoires vivent. Découvrez maintenant