أمام قصر آل إبستين جُرت امرأة صهباء. لم تقاوم ولم تبكِ. بدا الجسد العشريني للمرأة خاليًا من الروح؛ تحركات رخيمة للساقين بينما يقبض على ساعدها بخشونة رجل هزيل.
كانت السابعة مساءًا عندما أخذها الرجل للباب الخلفي للقصر، ثم إلى السرداب تحت الأرض. فتح الباب وألقاها هناك، ثم أغلق الباب جيدًا.
جيدًا للغاية.. حتى أنه ألقى عليه تعويذة.داخل السرداب المظلم انكمشت هي تضم ساقيها إليها وتتنفس بعلو، لا ترى شيئًا، الأرض تحتها صلبة، باردة، ورطبة.
أُذُناها تلتقطانٍ طنينًا وصوت بوق، تشعر انها ليست وحيدة هنا. بالطبع هي ليست كذلك! الوحدة، النوع اللاذع من الوحدة ارتجفت، وارتجفت، بِرِيقٍ جاف، لسانها متخشب كأرض جرداء..
"في بيتٍ صغير، بيتٍ دافئ، فيه الأم.." تمتمت تهويدة تحت انفاسها تحاول أن لا تفقد نفسها، الجنون ظلام والظلام مهلك ولا يبدو أن المخدر الذي تعاطته يساعد.
الطنين يقترب، البوق يرتفع، رائحة حادة كالقرنفل تخترق جيوبها الأنفية "فيه الأم، فيه الدج-.." علا صوتها وهي تمتم الرعشة فيه تتزايد، تنفسها يتسارع، زحفت للخلف رويدًا ورفعت رأسها ببطء بينما تشد على ساقيها، تسمع دقاتِ قلبها في اذنيها.. وهنا.. هنا رأت في ظلام السرداب ثلاثة دوائر صفراء مصفوفة طوليًا.
لُجم لسانها وشعرت به ثقيلًا "أن- أ- أنا، لا لا أرجوك!" همست تقع على ظهرها وتزحف للوراء غير قادرة على حمل نفسها، رددت أن لا، وشعرت بحلقها يزداد جفافًا. لا تعرف ماذا تقول ولم تقول، لكنها تقول!
حلقها جاف لكنها سرعان ما ارتوت، ارتوى جسدها، وقع السائل المثلج فوقها فأحست به كأنما هو نغزات دبابيس على ساقيها، وانسيابه على طول ظهرها جعل صرختها تخرج من حلقها.
الكرات الصفراء المشعة تقترب أسرع، كلمح البصر، رائحة القرنفل لعبت بعقلها بحدة، وهي تتراجع وتصرخ "لا لا، يا إلهي، أرجوك لا." غطت فمها بيدها وحاولت كتم فمها، يجب أن لا تصرخ، يجب أن لا تفزع وأن لا تصدر الأصوات. يجب أن تخرس وتنتظر الأمر أن يتم.
في الظلام تراءت الهيئة للكائن أمامها لها فأغلقت عينيها فورًا تكتم نفسها وتقبض على يديها حتى دمت.
لم ترى مخالبه الطويلة، ولا الشقوق في وجهه، طوله الفارع ولا أسنانه الحادة، الثقوب في ذراعيه وأنه بلا أذنين. كل ما رأته هو عيونه الثلاث الصفراء، مصفوفة فوق بعضها.
بأذنين مصمومة تقريبًا من علو الطنين ونفخ البوق وبينما تشعر بحضوره قريبًا، أحست وقوف شعر رقبتها وانقطاع انفاسها. وهنا، فقط هنا، شعرت به يلمس رقبتها، شعرت بوجهه عند رقبتها! أفلتت منها صرخة حارقة، صرخت في وجهه! فورًا قبض أقوى على حلقها ورفعها للأعلى. كتمت بكاءها وسالت دموعها وقبضت على كفيها أكثر، تصيب القشعريرة جسدها بينما تكافح للتنفس وهو يلمس بأسنانه عنقها..
أنت تقرأ
الحاضنة
Fantasyعِدة حاضنات كن موجوداتٍ على نطاق المملكة. لكن ولا واحدة منهن حملت سمعتها، ولا واحدة منهن كانت مخيفة بقدر ما يتعاملون معه مثلها. لا تفشل مهمة تسدى إليها، وإن فشلت فليس العيب من صنيعتها. صنيعتها مخلوقات الظلام، صنيعة شائنة قليلون هم من يحتملونها. ر...