لِماذا عادت ؟

162 29 76
                                    


" آيّسل انتَظريني ، ارجوكِ لا تذهَبي !"
كُنت اركضُ وسَطَ غابَةٍ ، ارضُها مليئَة بالأشواك ، قَدماي تَنزفان ولكِنني لا أزالُ أحاولُ اللحاقَ بِها، اناديها واصرخُ بأعلى صَوتي ولكنَها لا تستجيب..
" ارجوكِ سامِحيني !، آيّسل لا تتركيني !"
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

لِماذا عادتْ ذِكراها لذاكرَتي ، لا أعلَم ولا أُريدُ أن أعلَم او أذكُر شيئًا..

يَبدو انني نِمتُ على مَكتبي دونَ أن أشعُر ، نظَرتُ للأوراقِ والأقمِشةِ حولي..

يَجبُ عليّ إنهاءُ هذهِ المجموعةِ قَبلَ الأُسبوعِ القادمِ ، سَأُحرَمُ مِن حُلمي في العَملِ إنْ لَمْ أَنتَهي مِن تَصميمِ مَجموعَةِ الشِتاء ، انا ماهرةٌ في هذا ولكِنني أجِدُ مُتعَةً أكثرَ في مَجموعاتِ الفُصولِ الأُخرى لِأنَها تَكونُ زاهيّةً بالألوانِ والنقوش ، أما الشتاء فعلي إختيّارُ ألوانٍ تَجعَلُ القَلبَ يَستَدفِئُ عِندَما يَراها .

" ماذا يا فتاة ، أَينَ انتِ مُختبأة ؟ "
اتصلت ببريتني ، لأنني وجدتُها قد اتصَلت ولكنني لم أُلاحظ ..

" عَليَ إنهاءُ تصاميمِ الشتاءِ المطلوبة مِن أَجلِ العَمل، لا وَقتَ لدَي للخروج أتريدينَ شيئًا ؟"

" ل..لا أكمِلي عَملكِ وعِند الإنتهاءِ أخبريني ."

كُنتُ قَد أجلتُ الكثيرَ مِن المواعيدِ بَيني انا وبريتني بِسَبَبِ انشغالي ..

إنها فُرصَةٌ لا تُفَوَتْ ..
فإنِهُ حُلم الطُفولة ، لا يُمكِنني تَفويت هذهِ الفُرصة ، فَلقد عُرض علي العمل مع أكبر العلامات التجارية للملابس ، وها أنا سأبدأ بتحقيق نجاحاتي، صَنَعتُ الكَثير من التصاميم حاليًا ،نَظَرتُ إلى بعضِ التَصاميمِ التي رَسمتُها قَبلَ قَليل لَقد كانَ الونُ الأزرَقُ ، والأخضَر ، والرمادي ، والبُني ، هُم أكثَرُ الألوانِ المُتكَرِرة ...

فَهذهِ الوان الشتاء بالنسبة لي ...

احب التصميم ، لأن جميع الأشياء التي حولي تلهمني ، أحيانًا أقِفُ أمامَ النافِذة فهذا كَيّ أرى ألوانَ السَماءِ او البِناياتِ الشاهِقَةِ او الناسَ الذينَ يركُضون او يَتَمَشوّن او يَجلِسون ..

وأحيانًا أقِفُ في المطبخِ ، ألوان المُكوناتِ التي نُضيفُها إلى الطَعامِ تَجذِبُني أحيانًا ،لَونُ الحليبِ او لَون الفُلفُلِ الأحمَرِ، لَون السُكَر ...

وأحيانًا عِندَما أُقَرِرُ التَصميمَ خارِجَ المَنزِلِ ، أذهَبُ إلى بائِعِ الزُهورِ ، مَع أنها تُصيبُني بالحساسِيَةِ إلى أنني أُفَضِلُ ألوانها الزاهِيِة....

او إلى بائِعِ الأحجارِ الكَريمَةِ، إنَّه يَبيعْ أحجارًا بِجَميعِ الألوانِ ،او إلى المَكتَبَةِ كَيّ أرى أغلِفَةَ الكُتبِ والرِواياِت فَإنها تُلهِمُني كَثيرًا ، وأيضًا لِأنَنِي مِن عُشاقِ الرِوايات.......

.
.
.
سَآخذُ إستراحةً وأخرج ،لَقد آلمني عَقلي مِن شِدة التَفكير أعترف أن الأمر صعب ، ولكنها البداية وحَسب ....

سَأُقابِلُ بريتني ومارتين في مَقهى قريبٍ مِن هُنا .....
..
..

" يا إلهي ما بِهما عَيناكِ ؟"
صَرَخت بريتني وهي تُمسِكُ بِوجهي وتَنقلُ حدَقَتيها عَليه لِتَتأكَدَ مِن عَدمِ إهمالي للإعتِناءِ ببَشرَتي فَهيَ تَهتَمُ بِها أكثرَ مِن أي شيءٍ آخر بي .

" لا شيء فَقط كُنتُ أسهَرُ لإنهاءِ المجموعَةٍ ،بَقِيَ القليل "
أخبَرتُها مُطَمئِنة لِتَرُدَ مارتين عَلي : " لا يجِبُ عليكِ التَعُب إلى هذه الدرجَةِ فأنتِ لا تزالينَ في بِداية الطَريق!"

" لا تَخافا بَقِيَ الغَدُ فَقط وأذهَبُ وأُسَلِمُ كُلَ شيء وأبدَأ في مَسيرَتي "
كانتا تَتبادلان النَظَرات وكَأنَهُما يتجادلان على شيءٍ ما ؟

" ما بِكُما ما هذهِ النَظراتُ المُريبة؟ ما الذي تُخفِيانِه ؟"
نظرتا إلى بَعضِهما ثُم بادرت بريتني بالحديث:

" في الحقيقة لَم نَشأ إخبارك ولكن يَجِبُ عليكِ انْ تَعرفي .... لَقد رَأيتُ والدِتكِ أمس "

" و..والدتي ؟"
لماذا تبقى رياح الماضي تلاحقني اينما اذهب ؟
ستعود أطياف اللوم والندم تلطخني وتبعثر حياتي ...

" آيّلا أأنتِ بِخير ؟ "

" هَل تَحدَثتي إليها ماذا لو لَم تَكُن هيَ ألم تَختَفي مِن بَعدِ خُروجِها مِن الِسجن !"

" انا مُتأكِدة مِن أنَها هِي فعِندما رأتني وجَهت لي نظراتٍ لَم أعرف مَغزاها لَم أرى بِهِما سِوى نَظرَةِ الإنتِقامِ والحِقد، و..و ..وَقد كانَتْ تَسأَلُ عَن إسمِك !"

لِماذا لِماذا الآن ..
بعدَ أن قمتُ بإغلاقِ كُلِ شيء والسيرِ للأمام ..
يَعودُ الماضي لِيدفَعَني للخَلفِ ويُخبِرني انني لَن اتقَدم سِوا بإعتِرافي ...

_________________________________________

💙

أنقاض من الماضي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن