كتاب من دم

دم اغمق من الليل

في قلب ليالي إدنبرة الباردة وتحت ضوء القمر الباهت، كانت الأجواء مشحونة بنسمة غامضة. جوناثان موراي، شاب في الخامسة والعشرين من عمره، وريث لعائلة موراي العريقة، واقفًا أمام الباب الخشبي الثقيل لمكتبة جده المتوفى. بعد وفاة جده، أصبح المنزل المظلم والمكتبة المليئة بالكتب والأسرار ملكًا له , جوناثان، الذي كان يعمل كباحث في مجال الأنثروبولوجيا الثقافية، وجد نفسه مفتونًا بعالم الأساطير والخرافات التي كانت تحكى عن عائلته. مساء ذلك اليوم، قرر استكشاف المكتبة القديمة التي تحتوي على مجموعة نادرة من الكتب الأثرية والمخطوطات.

بينما كان يتجول بين الأرفف الخشبية المحملة بكتب تبدو كأنها لم تُمس منذ عقود،

لفت انتباهه ضوء خافت يتسلل من خلف كتاب ضخم على الرف العلوي 

مد يده ليزيل الكتاب وإذ بكتاب آخر يظهر خلفه، مغطى بالجلد الأسود ومزخرف بنقوش ذهبية باهتة تمثل أشكالاً ورموزاً أركانية.حمل جوناثان الكتاب بحذر شديد وجلس على الكرسي الجلدي المتهالك أمام المكتب العتيق. عند فحص الغلاف، لاحظ وجود قفل صغير على جانب الكتاب مصنوع من معدن غامض براق يبدو أقدم من الزمن نفسه تذكر حينها أن جده كان يحكي له قصصًا عن كتاب قديم يحوي أسرار عائلة موراي، وأنه محمي بسحر قديم.

مترددًا للحظة، قرر جوناثان أن يجرب ما سمعه في الأساطير. قطع إصبعه قليلاً بخنجر صغير كان يحمله معه دائمًا وترك قطرة دمه تسقط على القفل. الدم بدأ يتوهج بلون أحمر عميق، وفجأة، انقر القفل مفتوحًا بصوت نقر خافت.

مع فتح الكتاب، أحس جوناثان بنسيم بارد يعبر الغرفة، كأنما الهواء نفسه يحبس أنفاسه. الصفحات الأولى كانت مليئة بالرسوم

والنصوص المكتوبة بحبر أسود غامق. كانت الكتابة بلغة قديمة، ربما لاتينية أو أقدم، والصفحات مزينة برسوم تصور مشاهد من التعويذات والطقوس.

بينما كان يتصفح الصفحات، شعر جوناثان بأنه يكتشف جزءًا من تاريخه العائلي الذي لم يكن يعلم بوجوده، محفوظًا في هذا الكتاب الغامض، "كتاب من دم".
بينما استمر جوناثان في تقليب صفحات الكتاب العتيق، شعر بالأوزان تثقل كتفيه. كل صفحة كانت تكشف المزيد من الطلاسم والرموز التي بدت له أشبه بخريطة نحو ماضي عائلته المنسي والغامض. تحت أنفاسه المتقطعة وضوء المصباح الخافت، بدأت الكتابة تأخذ شكلاً أكثر وضوحًا. النصوص تحكي عن تاريخ عائلة موراي في حراسة أسرار لا يفترض بالبشر معرفتها.

كان هناك ذكر لمعارك ضد كيانات لا تنتمي إلى هذا العالم، وصفحات تحتوي على تعويذات لطرد الأرواح الشريرة وحماية الأرواح البريئة. كل هذه الأمور لم تكن سوى أساطير في نظر جوناثان حتى تلك اللحظة، لكن الدم الذي استخدمه لفتح الكتاب كان بمثابة الإقرار بأن هذه الأساطير كانت حقيقة.