بحت متطلبات الحياة في عصرنا كثيرة،ومشاكله كبيرة،وإغراءاته عظيمة،فراح معظم الناس يغرقون في بحـر الغفلة،ويغوصون في اعماقََ عالم المادة،فهم يشغلون أوقاتهم الثمينة فيها ولاجلها وكانّها اصبحتُ هي المقصد الأخير والغاية القصوى،فغفلنا عن حقيقه هذهِ الدنيا وأنها ليست إلا معبراً قصيراً لعالمُ الأبد،بل غفلوا عن حقيقة ارواحهم التي لا تقبل الفناء وأنها خُلقت لعالم أوسع وأوسع،إلا وهو عالم البقاء
كنتُ انظر لما حولي من الناس واتمعن أحوالهم من حيث الإيمان بالله واليوم الآخر ومدى اثر ذلك على سلوكهم،فوجدتهم على أصناف أربعة
الصنفُ الاول:هم اصحاب العقول النيرة،والقلوب المطمئنة ممن جعلوا الله بين أعينهم والآخرة مقصدهم وجنان الخُلد غايتهم،فهم لايخطون خطوة إلا وضعوها في ميزان رضا الله وسخطه وقصدوا بها جناته،وتجنبوا نيرانه،فاصبحت اخلاقهم الإسلام ومنارهم القرآن،ترى نور الإيمان يسطع في وجوههم وشريعة الإسلام تتجسد في سلوكهم.
واني لم اقصد في كتابي هذا الصنف من الناس،وهم قليل عددهم،علية درجتهم،وما أنا وما خطري حتى اهديهم، ودرجة إيماني لاتصل اليهم،بل إنني بين الحينُ والآخر اقتبس من أنوارهم واقتدي بسلوكهم،فاجعلهم مناراً أنير به طريقي المتشابك في هذه الدنيا الفانية
وإما الصنف الثاني:فهم اصحاب النفوس اللوّامة،والقلوب المضطربة،ممن خلطوا عملا صالحا وآخر سيئاً يريدون التقرب إلى الله ويحبون الخير للناس،فهم لايعرفون الغش والخداع ولكن لو صارحك احدهم وأظهر مافي قلبه إليك،لوجدته يعاني صراعات في اعماق نفسه،ولشكا إليك الحُجب المانعة التي تقف أمامه كـالسد العظيم تمنعه من الوصول إلى الله والعيش بقلبه مع الله،فهو يريد مناجاة ربه بخشوع وخضوع،ولكن ما ان يقف بين يديه حتى تهاوت عليه افكار الدنيا من كل حدب وصوب،لاينجو من واحدة إلا ويقع في أخرى،واجتمعت شياطين الجن حوله يقذفون عليه وساوسهم من كل جانب فيقوم من مقامه مضطربا ما وجد في مناجاة ربه حلاوة،ولا في استجابة دعائه أملا.
وثّمة صنف آخر غرق في الدنيا وانشغل بها حتى لم يعد يجد لنفسه وقتاً يناجي فيه ربه ويتأمل حاله،وتعدى ذلك حتى إلى واجباته،فتراه يؤديها وهو يفكر في تمامها قبل شروعها،ووجد الشيطان في ذلك الفرصة سائحة وأرضا لمكائده خصبة،فراح يطوّق بذلك المسكين حباله،ويجر اليه،حتى صار اسيراً في يده يلقي عليه ما يشاء.
اماً الصنف الرابع:فحدث ولا حرج، فقد أصبحت الدنيا قبلته التي يوليها وجهه ويرى كل شيء منها واليها، نسى خالقه وأطاع شيطانه الذي احكم مخالبه فيه،وصّبره عبدا له،فترك حتى واجباته،بل تعدى ذلك إلى ظلم أبناء جنسه من اجل ان يعيش مترفاً على جسر الدنيا،وليتعذب ويفنى غيره!
كان من الأمور المهمة لدي كيف يمكن التذكير بعالم الآخرة والحياة مابعد الموت،وغرسه في قلوب هذه الأصناف الثلاثة والأخيرة كي يعطي ثمراته على سلوكهم ويقطع حبائل شياطينهم فيعودوا لما خُلقوا لاجله لكن...
ولكن واجهتني صعوبة في كيفية ذلك فقد أعطي احدهم كتابا عقيدتهم او فلسفا ليقرأ ولكن سرعان مايضعه جانبا بعد ان يطالع صفحة او صفحتين وبعض منهم يشكو عدم رغبته فيه لعدم التأثير فيه وأنه لايغير من سلوكه ولايزيد اقبالًا على ربه وبعض آخر إذا تحدثت معه بحديث الدين والمعاد، ونصحته بالابتعاد وترك المحرمات،تراه يتعذر إليك ويتهرب منك ان لم يتخذك سخريا .
وبعض منهم من يحتاج إلى حبل غليظ يجره بقوة شديدة ليُخرجة من بحر الغفلة والتعلق بعالم المادة إلى بر التفكير وصحوة الضمير،
أنت تقرأ
تحت اجنحة البرزخ
Spiritualحقيقة رواية من عالم لا يفني تحت اجنحة البرزخ رواية تحكي عن مسيرة إنسان في عالم ما بعد الموت ------